موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٩ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٣
الأب لويس سلمان يكتب: أول قسيسة في الأراضي المقدسة، نحترم ولكن..
الأب لويس سلمان، الزبابدة - فلسطين

الأب لويس سلمان، الزبابدة - فلسطين

الأب لويس سلمان :

 

الكنائس الرسولية سواء الكاثوليكية أو الأرثوذكسية، ليسوا في موقع "المتهم" لندافع عنهم! أو مبررين موقفهم المستمد منذ أكثر من 2000 عاماً. فما ما تعلمه الكنيسة اليوم هو ما توارثناه من الآباء القديسين ومعلمين الكنيسة عبر القرون الطويلة فذاك التقليد الرسولي هو مقدس وحيّ إذ يستقي تعاليمه وعقائده مِن مَن قدسنا وجمعنا بكنيسته أي يسوع المسيح.

 

فلا يمكن أن ندعي اليوم بأننا نفهم ما علمهُ المسيح أكثر من رسله أو من الكنيسة الأولى التي دافعت بدمائها عن تعاليم المسيح وصاغت كل ما علمه بعقائد راسخة بنعمة الروح القدس، معلنتها بقوة رغم التحديات الفكرية والفلسفية واختلاف الثقافات آنذاك.

 

عندما أراد الإله أن يتجسد قرر أن يتخذ جسد رجل وليس امرأة وأراد أيضاً أن يتجسد من امرأة منزهة عن كل عيب وهي أمنا العذراء.. إن هذه الإرادة ليست تمييزاً عنصرياً بل تكاملاً مميزاً.

 

الكل مدعو للاشتراك بتاريخ الخلاص على حسب هبته وطبيعته.

 

وكانت إرادة المسيح أن يختار رسلاً، فبكلماته الجوهرية ليلة العشاء الأخير عند تأسيس سر الكهنوت، قال لرسله وحدهم: "اصنعوا هذا لذكري" (لوقا 19:22). لو كان المسيح يبحث عن امتيازات وتشريفات لما كان اختار رسله الذين نعرف قصصهم وضعفهم جيدًا من خيانات وخوف وهجران... بل كان اختار أمه تلك القديسة الطاهرة، لكن الموضوع ليس كفاءات ذكورية! بل تمثيل للعريس. إن الكاهن يمثل المسيح عريس الكنيسة الذي جاد بنفسه من أجلها، لذا الكاهن برسامته الكهنوتية يصبح عريسًا للكنيسة ومن أقدس مهامه أن يعطي جسده للعروس أي جسد المسيح للكنيسة، فهو عندما يرتدي حلته الكهنوتية للقداس الإلهي يكون In persona Christi أي في شخص المسيح. وكما كان قد ختم البابا القديس يوحنا بولس الثاني لرسالته "Ordinatio sacerdotalis" عام 1994: "أُعلن أن الكنيسة ليس لها أي سلطة على الإطلاق لمنح الرسامة الكهنوتية للنساء". فهذا القرار هو إرادة المسيح.

 

وتعترف الكنيسة بأن دور المرأة هو ضروري وأساسي ولا يمكن الاستغناء عنه فهي القادرة على أن تعطي الحياة من رحمها فذاك حكرٌ عليها، ولا تنسى أيضاً بأن أول من شاهد وأعلن القيامة هم من النساء، ويكفي فخراً ان من جلبت لنا الخلاص كانت مريم أعظم أم للبشرية وأجمل وأسمى ما خلق الله.

 

إن هدف الحياة ليس الكهنوت بل أن نكون قديسين، كلنا مدعوين لأن نكون قديسين. القوة والسلطة والتأثير لا تأتي من وظيفة أو خدمة الكاهن بل من أي إنسان يعيش على درب القداسة (ذكر أو أنثى). ما أحوج عالم اليوم إلى قديس حيّ، فكن أنتَ وأنتِ قديس. فالصراع ليس بين ذكر وأنثى بل دعوة مميزة كل منا يحملها في طبيعته وعقله وقلبه، لنقبل التنوع كهدية من الروح القدس.