موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
تحلّ الذكرى الثانية عشرة لحبرية البابا فرنسيس هذا العام في ظرفٍ استثنائي، إذ يقيم الحبر الأعظم منذ حوالي الشهر في غرفته بالمستشفى، في الطابق العاشر من مستشفى جميلي الجامعي. الأخبار الأخيرة التي تردنا من النشرات الطبية مطمئنة، إذ تمّ تجاوز مرحلة الخطر، ويُؤمل أن يعود قريبًا إلى الفاتيكان. إلا أنّ هذا العام يحمل بلا شك ذكرى فريدة من نوعها في حبريته.
عامٌ طُبِع بأطول زيارة رسوليّة عبر القارات (إندونيسيا، بابوا غينيا الجديدة، تيمور الشرقية وسنغافورة)، وباختتام السينودس حول السينودسيّة، وبافتتاح الباب المقدّس الذي أعلن بداية اليوبيل، يشهد الآن هذا المنعطف الحساس. خليفة بطرس، مريض بين المرضى، يتألم ويصلّي من أجل السلام، محاطًا بصلاة جموع غفيرة حول العالم. هو الذي لم ينهِ يومًا لقاءً أو تعليمه أو صلاة التبشير الملائكي من دون أن يقول: "من فضلكم، لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي"، يختبر اليوم عناق الكثيرين من المؤمنين وغير المؤمنين الذين يحملون له المحبّة.
إنها أوقات تكشف القلوب. أوقات تدفعنا إلى التأمل في طبيعة الكنيسة ورسالة أسقف روما، التي تختلف كل الاختلاف عن دور المدير العام في شركة متعددة الجنسيات. قبل اثني عشر عامًا، خلال الجلسات العامة، استشهد الكاردينال برغوليو حينها بما اعتبره اللاهوتي هنري دو لوباك "الشرّ الأكبر" الذي يمكن أن يقع فيه جسد الكنيسة: "الدنيوية الروحيّة"، أي خطر أن تصبح الكنيسة كيانًا يعتقد أنّه يسطع بنوره الخاص، معتمدًا على قواه الذاتيّة، واستراتيجياته، وكفاءته، فيتوقف بذلك عن أن يكون "سر القمر" – أي أن يعكس نور الآخر، وأن يحيا ويعمل مدعومًا فقط بنعمة ذاك الذي قال: "بدوني لا يمكنكم أن تفعلوا شيئًا".
وإذ نتذكر اليوم تلك الكلمات، نتطلع بمودة ورجاء إلى نوافذ الطابق العاشر في مستشفى الجميلي. ونشكر البابا فرنسيس على هذا السلطة التعليميّة التي تعنى بالهشاشة، وعلى صوته الذي، رغم خفوته، انضمّ خلال الأيام الماضية إلى صلاة المسبحة الوردية في ساحة القديس بطرس. صوتٌ ضعيف لكنه لا يزال يتوسّل السلام لا الحرب، الحوار لا القهر، والرحمة لا اللامبالاة. عيد سعيد يا صاحب القداسة، نحن لا نزال في أمسّ الحاجة إلى صوتك.