موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٥ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢١

ميلادك خبر مُفرح

بقلم :
رائد نيسان حنا - العراق
ميلادك خبر مُفرح

ميلادك خبر مُفرح

 

قصة الميلاد حافلة بحقائقها وفحواها، رسالتها وتكوينها وسيرتها المعجزية الفريدة التي لم تحدث غيرها في عالمنا على الاطلاق، ولنا إدراك وتصديق بإنها قصة منطقية حدثت بالفعل وتتممت ما قيل عنها وستعُلن في الواقع وتنتشر أخبارها السارة للأعلان في أرجاء العالم.

 

لا ينبغي أن نقرأ قصة الميلاد كأي قصة أخرى التي نسمعها، قصة الميلاد قصة فريدة وعجيبة بتفاصيلها لم تحدث غيرها في عالمنا وينبغي أن نتوقف ونتأمل وندخل بأحداثها ومعانيها بعمق، لا يجب أن نتذكر قصة الميلاد مرة واحدة في السنة، لكن من الواجب أن تكون مُعاشة في حياتنا، كشريط يُعاد عرضه من جديد كل يوم.

 

نحن في هذه الايام مُرتقبين لاستقبال ذكرى ولادة يسوع المسيح, هذا الحدث العظيم. يُخبرنا الكتاب المقدس عن قصة الميلاد نستذكر أحداثها وتفاصيلها المعجزية والتي جاء بها المسيح بطريقة عجائبية  فريدة التي لم يأتي بها غيره بولادته من  مريم العذراء، ويسجل لنا الوحي الالهي في القصول الاولى من البشيرين متى ولوقا بيانات مفصلة عن ولادة يسوع المسيح من مريم العذراء لا شك أن صاحب الميلاد يعتبر شخصية فريدة في التاريخ البشري ويعتبر فريد في ولادته وتوضح لنا الضرورة والتدخل الخلاصي وإذ نسأل بعض التساؤلات عن ما هو الميلاد سنجد إجابات واضحة وضرورية بإنها تدبير ومخطط  وقصد الإلهي للخلاص بني البشر من خلال حدث التجسد يوهبه لكل من يقبله ومن الواضح ما ورد في المكتوب الإلهي لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ (أفسس 2: 8) ولا بد من اللجوء الى الكلمة الالهية - الكتاب المقدس لفهم القصد من الميلاد المسيح.

 

وربما تساءلت هذة التساؤلات: ما هي اهمية الميلاد؟ ما هو القصد من الميلاد؟ وما هي الرسالة التي يحملها لنا؟ ومن أجل مَن جاء؟ ولماذا جاء؟ ولماذا الميلاد والتجسد؟ وماذا يعني لك؟ وماذا قدم لنا الميلاد؟ وما هو موقعي من الميلاد؟ وإلى ماذا يرمز؟ وكيف سيكون شعورك وأنت تستقبل صاحب الميلاد. من الضرورة أن نفهم الرسالة التي من أجلها جاء ونفهم تجسده وهنا لا بد أن نشعر أننا في حاجة ضرورية إلى أجوبة لكي تتكون لنا صورة متكاملة ونفهم معنى ميلاده الكلمة الالهية ستخبرك...

 

وردت قصة الميلاد في العهد الجديد وسجلهما البشيرين متى ولوقا عن مُخلص الموعود يحمل رسالة الخلاص والرجاء لبني البشر، ويعتبر هذا الحدث أساسي ,وسجل العهد القديم على العديد من النبوات عن مجيء المسيح الى عالمنا حسب وعود الله تتميماً لنبوات الانبياء عنه قبل أن يولد بمئات السنين والتي كانت إشارة لمجيئه والتي تتمركز حول يسوع الموعود  به حسب وعود الله وتحققت هذه الوعود, والموعود به على لسان الانبياء , النبي أشعياء تنبأ الى أن المسيج سيكون إلهاً متجسداً وأن هذا الإله سيولد من عذراء أشعياء 7: 14.  جاء إلينا في صورة الله المتجسد وكرسم جوهر الخالق مُعلناً لنا المحبة والرجاء والسلام هذه هي رسالته ليقدمها لنا وليحل نوره السماوي على أرضنا بالخبر العظيم ,تجسد المسيح لإظهار محبته لخلاص الانسان, وللانسان قيمة عظيمة عند الله , جاء بمهمة خاصة ليقدم للانسان الخلاص, وهناك نبوة أخرى على لسان النبي  إشعياء  9 : 6, وايضاً النبي ميخا 5 : 2 وهذه النبوات مشهودة عنه من الانبياء قبل مجيئه ,وميلاده في بيت لحم كانت تتمة لنبوة ميخا النبي , والمذكورة أيضاً في البشير متى 2 : 6 وهو سر النور الازلي انه كلمة الله المتجسد يوحنا 1:1, 2فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ.‏ هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. وفي العدد 14 من البشير يوحنا  وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا المسيح حقق نبوات العهد القديم وكان هو محور وقصد كل متضمنات الوحي الإلهي.

 

وفي غاية البساطة سجل البشير لوقا  حادثة سماوية أعظم ولادة حصلت في التاريخ البشري والاكثر اهمية في التاريخ تحقيق لهذا الاعلان قد غير مجرى التاريخ حتى في وسط نزاعاتنا ومخاوفنا وهذا الحدث البارز في التاريخ البشري يقدم المخلص الذي ولد حضوره وسلامه لكل من يهدأ ويفكر في شخصه لم تكن هناك عطية اعظم من العطية التي وهبنا اياها الله في ليلة الميلاد العجائبي.وعندما نقرأ في البشير لوقا سيحاكي لنا أحداث الميلاد ونرى خبر عظيم بميلاده وإعلان السماء بوصوله إلى عالمنا وسنرى مشهد النور الالهي المجيد وندرك كل الادراك أن المسيح جاء الى عالممنا لإتمام رسالة خاصة ويمكننا القول جاء لينجز مهمة معينة للعمل بها لإنجاز ما هو مطلوب منه لتحقيق عمله الخلاصي الذي كان هدفه المنشود تبعاً لمخطط إلهي رُسم مسبقاً وفق ما هو مرسوم أذ أنه سار نحو تحقيق الرسالة التي أسندها الله إليه لضرورة أنجاز ذلك المخطط الإلهي ويمكننا أن نستنتج الخلاصة من ميلاده بتصريحات وإشارات واضحة عديدة بإنها مهمة إلهية على الأرض.

 

بتكليف من الله للملائكة الذي أرسلهم إلى الرعاة ليزف إليهم البشرى السارة  والمفرح بمولد المسيح جاء ليزف لنا الهبة والفرحة المعطاة لنا ,هكذا اليوم نحن يبشرنا الملاك بولادته السماوية وبفرحة العظيمة ونضم أصواتنا مع أصوات الملائكة ( الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ)  هكذا أعلنت الملائكة البشارة للرعاة ,هذه هي المسرة , جاء حاملاً لنا رسالة المحبة. أنه عطية المُعطاة لنا من الله...عندما نلقي نظرة مستكشفة سنرى كيف اعلنوا بشارة السماء مُعلنين البُشرى المُفرحة بميلاد المخلص يسوع.

 

نتأمل كما لو أننا الرعاة وملاك الرب يبشرنا بميلاده تخيل معي هذا الشعور والفرحة الذي سنستقبله  وعندما نتنلقاها,  ولإيصال البشرى السارة لا يجب أن نُقيدها لأنفسنا.

 

نلاحظ لدى الكثيرين يقومون بشراء ملابس جديدة ويقومون بإعداد أطيب المأكل وإقامة الحفلات والولائم يؤسفني قول ذلك، من المؤسف أن نراهم منهمكين بالمظاهر وإن لم أكن على خطأ مستبعدين  البحث عن المعنى الحقيقي للميلاد، هذه الامور المكتسبة الشعبية والعادات الموروثة، لا تعطينا معنى وفرحة كاملة وصورة واضحة ولا تكتمل فرحتنا وليست كافية لإستقبال المولود وألا نركز عليها ونعطيها أهمية ومساحة كبيرة وننشغل بها ونجعلها اهتماماتنا واولياتنا ويجب ألا تعلو فوق المعنى الحقيقي للميلاد وتغطي على ما هو أعظم بكثير، وألا  نكتفي في التعبير عن فرحتنا واستقبالنا له بهذه الطرق الوقتية الزائلة، لكن على بديل من ذلك أن نهيئ أنفسنا بإعداد وتجهيز قلوبنا لإستقباله بفرحة عظيمة لان رسالة الميلاد تعطينا معنى أوسع  وحقائق هامة لكل فرد منا،  وأن نكون على أدراك بهذه الموضوع يجب أن ندرك رسالة الميلاد ومعناها أبعادها وأعماقها التي من أجلها جاء، وألا نفقد وننسى الجوهر بسبب التركيز على الشكليات، ويجب ألا تكون الأساسية ولكن من الأهمية أن نحتفل بطريقة تليق بشخصه ومقامه.... ولا يجوز أن نحتفل بميلاده بطريقة علمانية غير لائقة به وبطريقة خالية من المعنى والجوهر، لذلك يجب أن نتذكر ونكون على إدراك بأن الشخص الذي سنحتفل به  قريبًا ليس شخص عادي مثلنا أنما شخص فريد...

 

أتى ليُرينا محبة الله، أتى ليهدينا الحياة الجديدة، أتى ليمنحنا الخلاص، أتى ليعُطينا الرجاء والسلام... أتى ليمهدنا الطريق إليه وليُنير الطريق الى الحق والحياة وليكون لنا أفضل. ليكن استقبالنا له مُكرمًا وبفرحة والمحبة والعطاء القلبي وبسجود عملي وبالحق، لنفعل أكثر مما قدموا المجوس، بإعطاء قلوبنا وبيوتنا لاستقبال المسرة... وليكن لنا وقفة وتفكير جدي لنعرف وندرك ما هي حقيقة الميلاد ورسالتها العظيمة، وليكن استقبالنا له تفوق الشكليات وأن نجعل احتفالاً فعلياً بالميلاد ونجعل من قلوبنا مسكناً دائماً له.