موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٧ أغسطس / آب ٢٠٢٠

رجل الله الشاب "أبونا فراس"

بقلم :
طارق صالح حجازين - الأردن
الأب فراس حجازين، الذي رقد على رجاء القيامة

الأب فراس حجازين، الذي رقد على رجاء القيامة

 

مازلت أتذكر يوم رسامتك الكهنوتية حين تقدمت إلى مذبح الرب وبريق الدعوة لامعًا في عينيك، كنت تسير نحوه واثق الخطوة مصطحبًا معك الابتسامة التي بقيت محتفظًا بها حتى النهاية، كانت شافية لأوجاع الكثيرين، تبثّ من خلالها الفرح والإيجابية في النفوس المتعبة، كنت دومًا تفكر بالشباب متسائلاً كيف لك أن تُحدث التغيير الإيجابي في حياتهم وأنت تدرك محطات الألم والفشل والإحباط وفساد العالم التي تؤثر فيهم وتقف حاجزًا أمام تقدمهم، كنت تصغي إلى أوجاع الشباب والمراهقين والكبار والصغار وترشدهم بكلماتك الهادئة لتنير الطريق المظلم، تلك الكلمات البسيطة المفعمة بروح الإنجيل والتي تنقل كل واحد منهم إلى أرض النور.

 

كيف لك أن تدرك كل هذا وسط انشغالاتك الدائمة؟

 

كنتَ توجِد مساحةً للآخرين وتعطي لهم الأولوية على حسابِ صحتك وراحتك وأهلك وأخوتك... ما زلتُ أذكرُ في يوم رسامتك حين ألقى أخيك كلمته أمام المذبح شاكرًا الرب على نعمة الكهنوت في أسرته، وكم تمنى تواجد والدك ليشاركهم فرحة هذا اليوم، كيف لا يفرح والدك وقد قدم ابنه كاهنًا وابنتيه راهبتان للرب دون انتظار المقابل، أظنه كان يحمل قوة ايمانٍ كبيرة كالتي حملها النبي ابراهيم حين كان ينوي تقدمة ابنه اسحق على المذبح هدية للسماء دون انتظار مكافئة، كيف لا ووالديك يحملان الإيمان وقيّم الأخلاق والجود والكرم العربي الأصيل حتى جادو وقدموا ابنائهم الثلاث خُدّامًا مُتألمين في عملهم ومتأملين في صلاتهم دون انتظار مقابل.

 

نعم أبونا.. قدموك للرب والمجتمعات وللكنيسة فارسًا بدويًا متأصلاً بخصالِ الرجولةِ والشهامة وراسخًا في قيم الإيمان والإنجيل، واستطعت بالفغل أن تشكّل طريقًا فريدًا لدعوتك وكأنك صائغٌ ماهر. واليوم أجزم بأن الكنيسة في الأرض المقدسة فقدت رجل الله الشاب، لكني على يقين بأن عشيرتك ستبقى منبتًا ورَحمًا للدعوات تقدم للكنيسة والعالم كهنةً وراهبات وعلمانيين يكملون المسيرة ويتمثلون بك.

 

"جبل نيبو" حيث وقف النبي موسى في قمته ينظر إلى أرض الميعاد وأصبح محجًا للمؤمنين من كل العالم احتضن اليوم أبونا فراس رجل الله الذي حمل الصليب وفرح الإنجيل معًا والذي سيكمل مسيرته من السماء لأن دعوة الكهنوت لا تتنهي بالموت وإنما تبدأ من جديد في السماء.

 

"جبل نيبو": ستكون مَحجًّا دومًا لنا، لأن بريق الدعوة في عين الاب الحبيب سيلمع في كل أطرافك.

 

المسيح قام... حقًا قام

 

المزيد من طارق صالح حجازين - الأردن

رجل الله الشاب "أبونا فراس"

للبيع بداعي الطفر