موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في مشهد دموي يجسد الارهاب الجبان استهدف تفجيرٌ انتحاري الأحد الماضي كنيسة مار إلياس للروم الكاثوليك في حي الدويلعة الدمشقي أثناء القداس الالهي، ما أسفر عن مذبحة مروعة راح ضحيتها أكثر من 20 قتيلاً وعشرات الجرحى، وفق مصادر طبية والدفاع المدني في سوريا، الأمر الذي يؤكد بروز جهات مشتبه بها لها مصلحة بزعزعة أمن واستقرار سوريا ويذكر بما جرى في مصر في مرحلة هشة مرّت بها واطلق عليها الربيع العربي.
الهجوم الذي نفّذه انتحاري يرتدي حزامًا ناسفًا، اقتحم الكنيسة قبيل نهاية القداس، وفتح النار على المصلين، قبل أن يفجّر نفسه في وسط الجموع، مخلفًا دماراً كبيرًا في القاعة الرئيسية وسقوط عدد كبير من الضحايا بينهم نساء وأطفال.
شهادات متطابقة أفادت بأن صوت إطلاق نار تزامن مع دخول الانتحاري، في حين أشارت بعض الروايات إلى أن هناك شخصًا آخر أطلق النار من خارج الكنيسة على عناصر الحراسة قبل لحظات من التفجير، ما يثير شبهات حول مشاركة أكثر من عنصر في التنفيذ.
وبدا الدمار داخل الكنيسة واضحاً في الصور المنقولة من موقع الحادثة، حيث تناثرت مقاعد المصلين، وسُجلت آثار دماء على الجدران والأرضية، وانتشرت جثث القتلى والجرحى على أرض الكنيسة وسط صدمة عارمة عمّت أهالي الحي المعروف بهدوئه وتنوعه الديني.
وما من شك في أنّ الجهة صاحبة المصلحة الأكبر في هذا التفجير، وفي هذا التوقيت بالذات، هي كل طرف يرى في ولادة “سوريا جديدة” تهديداً له،ويأتي تنظيم داعش على رأس هذه الفئات التي تعيش على الأزمات وتزدهر في الفوضى والانقسام لتبرير وجودهم المسلح وتشويه صورة الحكم الجديد في سوريا وجر البلاد إلى حرب اهلية لا تحمد عقباها حتى ولو كان ذلك على حساب المصلين الابرياء من النساء والاطفال والشيوخ الساجدين لرب العباد اثناء القداس الالهي.
ومع انني لا استبعد وجود اطراف خارجية وراء تنفيذ مثل هذه العمليات الجبانة التي تستهدف الأبرياء الا ان تفجير الدويلعة يبقى جزءا من محاولة ارباك المشهد على الارض السورية مستغلة الفراغات الامنية في الدولة الجديدة لافشال مسيرة العهد الجديد.
احتمالية التصعيد الإرهابي واردة في سوريا ما لم تتخذ الدولة السورية الجديدة مزيدا من الإجراءات الامنية والاستخبارية التي تضمن الأمن والاستقرار حول المساجد والكنائس وأماكن التجمع التي تعد هدفا سائغا للارهابيين يحقق أهدافها في زرع الفوضى وتقويض الأمن والاستقرار في سوريا وإنزال أشد العقوبات بتلك الجماعات المتطرفة والجهات المحرضة لها.
وكذلك العمل على بناء الثقة المجتمعية، وتمكين الحوار الوطني، حتى يكون الرد المجتمعي موحداً ضد الإرهاب، ثم تقديم بدائل سياسية شاملة تُمكّن كل مكونات المجتمع من المشاركة في تعزيز الامن الوطني، والحزم في مواجهة الجماعات المتطرفة، وتفكيك شبكات الدعم المحلي والخارجي، إضافة إلى رصد ومواجهة القوى الإقليمية التي تدعم الفوضى وزعزعة أمن البلاد.
الأخطار التي تهدد الأمن في سوريا موجودة لكنها قابلة للاحتواء اذا ما وجدت الإرادة الوطنية والمشاركة الشعبية الواسعة التي ترفد رجال الأمن وتكون العين الساهرة لحماية الوطن والمواطن عن طريق ابلاغ الجهات الامنية المعنية بمثل هذه التهديدات.
حالة التفجير في الدويلعة رسالة مهمة للقائمين على الحكم في سوريا لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الأعمال الإرهابية على الأرض السورية.
رحم الله ضحايا كنيسة مار إلياس... مع الأبرار والقديسين... مع أمنياتنا للجرحى بالشفاء العاجل وحمى الله سوريا وشعبها من كل شر.
(الرأي الأردنية)