موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في سبت النور، وبصمت مقدس نقف مع جمع المؤمنين أمام القبر الذي وضع فيه يسوع... نتأمل بملحمة الحب التي جرت على الصليب في يوم الجمعة العظيمة ونبحث عن يهوذا الخائن بين الجموع الذي بقبلة منه اسلم ابن الإنسان!
ننظر حولنا ونجد المسامير وأدوات الجلد وإكليل الشوك الملطخ بالدماء وقد فاحت منها رائحة الموت.
ساد الصمت بعد موت يسوع وهناك في الأفق لا نزال نسمع صدى صوت يهوذا عندما باع المسيح بثلاثين من الفضة، وصدى أصوات الجماهير تصرخ عند بيلاطس: "اصلبه! اصلبه!". ويأتي أيضًا صدى صوت صراخ الديك والذي يذكرنا بنكران بطرس ليسوع!
أمام قبر يسوع الذي دفن فيه أعظم من عرفته البشرية.. تتوالى مشاهد خميس الأسرار حيث كسر يسوع الخبز ووهب جسده قوتًا للحياة الأبدية.. وخلف المشهد يختبىء اليوم أمثال يهوذا من يسلمون يسوع كل يوم في عالم باتت فيه المادة و الأنانية لغة الشعوب.
أمام جسد يسوع الذي ننتظر قيامته.. نبحث عن سمعان القيراوني الذي أعان يسوع في درب آلامه ونطلب منه أن يعين من يحمل صلبان الألم والمرض، اليأس والوحدة، الفقر والعوز.. فهل من قيراونيين آخرين على غرارك؟
وبينما ننتظر لحظة القيامة.. نسمع صدى صرخات نساء اورشليم وهن ينحن على مخلصهّن واليوم لا زلنّ مع الجموع يذرفن دموع الألم والحرقة وهنّ يسرن في درب الآلام الذي يفتقد القيرواني ولكن معهم اليوم يسير الجلادون وفي أيديهم أدوات الحرب.. حيث يسقط الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء في أرض تنزف كل يوم كما نزف يسوع في آلامه.
ونلتفت حولنا لنجد التلميذ الحبيب مع مريم التي أخذها إلى بيته بعد أن فقدت وحيدها... هي الأم التي وضعت يسوع طفلا في حضنها بجانب المذود الخشبي، وعند الصليب احتضنته جسدًا بلا حراك، هامسةً في أذنيه "يا بني، ستقوم ممجدًا وظافرا"... فأي ألم وحسرة وحزن اخترقت قلب مريم ..أم يسوع!
تنتقل مريم بالروح إلى قبر ابنها وهي تنتظر على أحر من الجمر قيامة وحيدها وهي تعلم في قلبها أنه سيقوم كما قال.. تمسك مريم بأيدينا التي ضمت مسامير الصليب وسياط الجلد والثلاثين من الفضة... وها هي تنادي سمعان القيراوني داعيةً كل من كان قيراوانيًا أن يحمل صلبان الحياة عن المثقلين والمتعبين.
تنظر مريم إلينا بعيون قلبها وتمسح دموعنا بمنديل فيرونيكا وتدعونا اليوم، نحن من سرنا معها في درب الآلام، أن ننتظر معها قيامة وحيدها بقلوب دُحرجت عنها حجارة الخطايا وحناجر تصدح بترانيم الفرح ونحن نسير في هذا العام اليوبيلي حجاجًا نغرف من رحمة الله الذي وهب لنا الخلاص بموت ابنه الوحيد في أعظم قصة حب وُلدت من رحم الألم على أغلى خشبة في تاريخ البشرية تباركت بأطهر جسد وعليها نقشت أحرف الحب بمداد دم الفادي.
وفيما نصلي أمام قبر يسوع.. يطل علينا سارق الأبدية، ديسماس، لص اليمين، وقد ربح الفرح السرمدي وهو على الصليب.. ويهمس لنا في حضرة الصمت المقدس.. لا تترددوا واسرقوا الهناء الأبدي!
أمام قبر الخلاص.. نصمت، نصلي وننصت...
أمام قبر الخلاص.. نبكي خطايانا وننتظر قيامة قلوبنا!
ننتظر قيامتك المجيدة أيها الرب يسوع!
المسيح قام ... حقً قام!