موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٧ أغسطس / آب ٢٠٢٥

الأحد التاسع بعد العنصرة 2025

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
الأحد التاسع بعد العنصرة

الأحد التاسع بعد العنصرة

 

الرِّسَالة

 

صلُّوا وأوفوا الربَّ إلهَنا

اللهُ معروفٌ في أرضِ يهوذا

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس (1 كو 3: 9-17)

 

يا إخوةُ، إنَّا نحنُ عامِلُونَ معَ اللهِ وأنتُم حَرْثُ اللهِ وبِناءُ الله. أنا بحسَبِ نِعَمةِ اللهِ المُعطاةِ لي كبنَّاءٍ حكِيم وضَعْتُ الأساسَ وآخرُ يَبني عليهِ. فَلْينْظُرْ كُلُّ واحدٍ كيف يَبْني عليهِ، إذ لا يستطيعُ أحدٌ أنْ يضعَ أساساً غيرَ الموضُوعِ وهوَ يسوعُ المسيح، فإنْ كانَ أحدٌ يَبْني على هذا الأساسِ ذهبًا أو فِضَّةً أو حِجارةً ثَمينةً أو خشباً أو حَشيشاً أو تبناً، فإنَّ عملَ كلِّ واحدٍ سيكونُ بينًا لأنَّ يومَ الربِ سيُظهرُهُ لأنَّه يُعلّنُ بالنارِ، وستَمتَحِنُ النارُ عَمَلَ كلِ واحدٍ ما هو. فمن بقي عمَلُهُ الذي بناهُ على الأساسِ فسينالً أُجرَةً ومَن احتَرقَ عَمَلُهُ فسَيخسَرُ وسيُخلُصُ هُوَ، ولكن كمَن يَمرُّ في النار. أما تعلَمون أنَّكم هيكلُ اللهِ وأنَّ روحَ اللهِ ساكِنٌ فيكم، مَن يُفسِدْ هَيكلَ اللهِ يُفسِدهُ الله. لأنَّ هيكلَ اللهِ مُقدَّسٌ وَهُوَ أنتم.

 

 

الإنجيل

 

فصل من بشارة القديس متى (متَّى 14: 22-34)

 

في ذلك الزَّمان، اضْطَرَّ يسوعُ تلاميذَهُ أنْ يدخُلُوا السَّفينةَ ويسبِقُوهُ إلى العَبْرِ حتَّى يصرِفَ الجُمُوع. ولمَّا صرفَ الجُمُوعَ صَعِدَ وحدَهُ إلى الجبلِ ليُصَلِّي. ولمَّا كان المساءُ، كان هناكَ وحدَهُ، وكانتِ السَّفينةُ في وَسَطَ البحرِ تَكُدُّهَا الأمواجُ، لأنَّ الرِّيحَ كانَتْ مُضَادَّةً لها. وعندَ الهَجْعَةِ الرَّابِعَةِ من اللَّيل، مضَى إليهم ماشِيًا على البحرِ، فلمَّا رآهُ التَّلاميذُ ماشِيًا على البحر اضْطَرَبُوا وقالُوا إِنَّه خَيَالٌ، ومن الخوفِ صرخُوا. فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُم يسوعُ قائِلًا: ثِقُوا أَنَا هُوَ لا تَخَافُوا. فأَجابَهُ بطرسُ قائِلًا: يا رَبُّ إِنْ كنتَ أنتَ هُوَ فَمُرْنِي أَنْ آتِيَ إليكَ على المياهِ. فقالَ: تَعَالَ. فَنَزَلَ بطرسُ من السَّفينةِ ومَشَى على المياهِ آتِيًا إلى يسوع، فلمَّا رأَى شِدَّةَ الرِّيحِ خافَ، وإِذْ بَدَأَ يَغْرَقُ صاحَ قائِلًا: يا رَبُّ نَجِّنِي. وللوقتِ مَدَّ يسوعُ يدَهُ وأمسَكَ بهِ وقالَ لهُ: يا قليلَ الإيمانِ لماذا شَكَكْتَ؟. ولمَّا دخَلا السَّفينةَ سَكَنَتِ الرِّيح. فجاءَ الَّذين كانوا في السَّفينَةِ وسَجَدُوا لهُ قائِلِين: بالحقيقةِ أنتَ ابنُ الله. ولمَّا عَبَرُوا جاؤُوا إلى أرضِ جَنِّيسَارَتْ.

 

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد. أمين

 

في الأرض المقدسة تقع بحيرة جنيسارت. على هذه البحيرة، كان تلاميذ المسيح مسافرين ذات ليلة في قارب صغير. في البداية كان البحر هادئًا. لكن هبت ريحٌ عاتيةٌ فاشتدت. خاف الجميع. وأين المسيح؟ لم يكن في القارب كما في مناسباتٍ أخرى. كان بعيدًاعلى جبل، ولم يكن نائمًا؛ بل كان ساهرًا. طوال الليل تحت النجوم، كان يُحادث الآب السماوي. يُصلي من أجل العالم أجمع. في تلك الليلة، عندما كان التلاميذ في خطر، كان المسيح غائبًا. وكأن خوفهم لم يكن كافيًا، إذ رأى التلاميذ فجأةً على الأمواج العاتية شيئًا يشبه الشبح، فازداد خوفهم. لكن بعد قليل، اقتنعوا أنه لم يكن شبحًا؛ بل كان ربنا يسوع المسيح ماشيًا على الماء. قال لهم: "أنا هو، لا تخافوا". فقال بطرس: "إن كنت أنت يا رب، فأمرني أن آتي إليك". فقال المسيح: "تعال". في الحال، قفز بطرس على الأمواج، وبدأ يمشي كما لو كان أرضًا يابسة، كما لو كان طريقًا وعرًا، ولكن بينما كان يقترب من المسيح، جاءت موجة. رفع بطرس عينيه عن المسيح، ونظر إلى الموجة، فاهتز. بدأ يغرق، وكاد يغرق، فصرخ بصوت عظيم: "يا رب، نجّني". فمد المسيح يده وأمسك به، وقال له: "يا قليل الإيمان! لماذا ترددت؟" ثم صعد المسيح أيضًا إلى السفينة. وما إن وطأ قدمه على ظهر السفينة حتى هدأت الريح وهدأت الموجة. نجا التلاميذ. فسجدوا له قائلين: "حقًا أنت ابن الله!".

 

يشير الإنجيل إلى هدوء العاصفة التي كانت تُعذّب السفينة التي كان التلاميذ على متنها. وقد تحقّق هذا الهدوء بفضل عمل المسيح المعجزي.

 

بعد معجزة تكثير الأرغفة الخمسة، صعد المسيح الجبل ليصلي، بينما كان التلاميذ على متن السفينة يعانون من الأمواج. في تلك اللحظة العصيبة، حلّ المسيح ماشيًا على الأمواج، وشفى أولًا ضعف إيمان بطرس، ثم هدّأ الريح، فهدأ باقي التلاميذ.

 

إذا قرأنا هذا المقطع بتمعّن، سنرى طرقًا عديدة يُساعدنا بها المسيح، ولكننا نستجيب أيضًا لنعمته بطرق مختلفة. ولكن لكي يحدث اللقاء، لا بد من وجود تنسيق.

 

يتحرك المسيح نحونا بطريقة مختلفة في كل مرة. أحيانًا ينسحب من حياتنا، ويُعلّق نعمته، ويسمح لنا بالاختبار، لنفهم ضعفنا ونُعبّر عن حريتنا. هناك حالات كثيرة كهذه في حياتنا حيث يبدو أن المشاكل كثيرة وأننا وحيدون، مهجورون حتى من هذا الإله نفسه. أحيانًا يتسلل المسيح إلى أمواج حياتنا، إلى التجارب التي تُعذبنا، ويطلب منا الخروج من شرك الحياة، أي من حب الذات والأنانية، والسير على الأمواج، لأن إيماننا سيُختبر هناك. لكننا نفقد ثقتنا بأنفسنا، ونفتقر إلى الشجاعة الروحية للخروج من ملجأ أنفسنا، فنُغلق على أنفسنا في سجن أنانيتنا. وأحيانًا يتسلل المسيح إلى شرك حياتنا، فيحلّ السلام والسكينة. يستخدم المسيح هذه الطرق الثلاث لمساعدتنا وخلاصنا.

 

لكننا نستجيب أيضًا بشكل مختلف لكل حركة من حركات المسيح. أحيانًا نشعر بخيبة أمل من انسحاب المسيح الظاهر، فنفقد شجاعتنا أو ننقلب عليه، دون أن نفهم أهمية هذا العمل التربوي للمسيح. أحيانًا، بينما يدعونا للخروج من ذواتنا، من أهوائنا، والتحرر من عبوديتها، نستاء ونحتج. نقول: "لماذا تزعجنا يا الله؟ دعنا وشأننا. لا نريد أن نتبعك". وأحيانًا ندعه يدخل سفينة حياتنا وعائلاتنا، فنختبر حضوره المثمر. يستخدم المسيح طرقًا عديدة لشفائنا، لكننا نستخدم أيضًا طرقًا عديدة لقبوله أو إنكاره. ستكون السعادة في أن ننتبه دائمًا إلى الطريقة التي يستخدمها المسيح في كل مرة لمساعدتنا، إذا تحملنا صمته، إذا استجبنا لدعوته للخروج من سجن الأهواء، إذا فتحنا قلوبنا لاستقباله فيها. لأنه إذا فضّل الصمت ونحن نريد الكلام، وإذا كان مهتمًا بتحررنا من الأهواء ونحن نرضى بحياة الأهواء، وإذا أراد أن يدخل قلوبنا ونحن ننكره، فلا يمكن أن يتم اللقاء. كل لقاء، واللقاء مع الله، لا بد أن يتضمن عنصر التناغم. وإلا فسيُعتبر الله بعيد المنال ومجهولًا.

 

كثيرًا ما تُشبَّه حياتنا ببحرٍ هائج. وكما أن البحر لا يهدأ دائمًا، بل غالبًا ما يُثير أمواجًا تُغرق السفن، فكذلك حياتنا. ما هي الأمواج؟ إنها مآسي الحياة البشرية المتنوعة.

 

الموجة مرض، والفقر فقر، والفشل يتيم، والزواج صعب، والترمل مغامرات الحياة المتنوعة، والافتراء والشيطان، إلخ. أما الموجة، حتى بالنسبة لشعب بأكمله، فهي أكثر المحن شيوعًا أو تقلبات الطقس، والفيضانات أو الجفاف، مثل التي نمر بها اليوم. كل هذه أمواج.

 

أعظم الأمواج التي ذكرتها سابقًا، أيها الإخوة الأعزاء، ما هي؟ إنها الخطيئة، التي لا نعتبرها كذلك. أما الخطيئة فهي التي تأتي لتهزنا، وتُغرق قارب روحنا، وتُغرقنا. هذه هي الموجة الهائلة التي تقف أمامنا مُهددةً.

 

 

الطروباريات

 

طروباريَّة القيامة  باللَّحن الثَّامِن

إنحدَرْتَ من العُلُوِّ يا مُتَحَنِّن، وقَبِلْتَ الدَّفْنَ ذا الثَّلاثَةِ الأيَّام لكي تُعتِقَنَا من الآلام. فيا حياتَنا وقيامَتَنَا، يا رَبُّ المجدُ لك.

 

قنداق التجلّي باللحن السابع

تجلّيت أيّها المسيحُ الإله على الجبل، فعاين تلاميذك مجدك حسبما استطاعوا. حتّى انهم لما أبصروك مصلوبًا أدركوا أنّ موتك طوعي باختيارك. وكرزوا للعالم بأنّك أنتَ شعاعُ الآب حقًا.