موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
ترأس البابا لاون الرابع عشر، صباح اليوم الأحد، القداس الإلهي في مزار سانتا ماريا ديلّا روتوندا في ألبانو، بمشاركة الفقراء الذين ترعاهم أبرشية ألبانو إلى جانب عاملي كاريتاس الأبرشية.
وتأمّل قداسته في عطيّة أن نحتفل معًا بيوم جديد، مشيرًا إلى "العطيّة الأكبر" التي غلبها المسيح: الموت. وأوضح أنّ يوم الأحد هو تذكير بهذا الانتصار. وأكد أنّه بينما قد نأتي إلى الكنيسة مثقلين ببعض التعب والخوف، "فإننا نصبح على الفور أقل وحدة" بمجرد أن نجتمع معًا ونلتقي بكلمة المسيح وجسده.
وفي تأمله حول المزار القديم وبهندسته الدائريّة "روتوندا"، أشار البابا إلى أن هذه البنية ترمز إلى شعورنا بأنّنا "محتضنون في أحشاء الله". وأوضح أنّ الكنيسة، كما في كل واقع بشري، قد تبدو من الخارج حادة، لكن في الداخل يُكشف لنا الواقع الإلهي، حيث تختفي جميع صراعاتنا وفقرنا وضعفنا أمام قوّة الله الرقيقة، في محبة بلا حدّة، غير المشروطة.
ولفت إلى أن مريم هي "علامة واستباق لأمومة الله"، ومن خلالها، تصبح الكنيسة أمًا تُجدّد العالم بالمحبّة لا بالقوّة.
وفي حديثه عن النص الإنجيلي لهذا الأحد (لوقا 12: 49-53)، شدّد البابا على أنّ "العالم يعوّدنا أن نخلط بين السلام والراحة، وبين الخير والسكينة"، ولذلك قال يسوع أنّه جاء "ليُلقي على الأرض نارًا"، نارًا قد تسبّب انقسامًا حتى بين العائلات والأصدقاء، لأن البعض قد يطلب منا ألا نجازف، وأن ندّخر الجهود، لأنّ الأمر الهام هو أن نكون في هدوء، ولا يستحق الآخرون أن نحبهم.
وأشار إلى أنّ يسوع انغمس في بشريتنا، وهذه هي المعموديّة التي تحدّث عنها القديس لوقا، وهي "معمودية الصليب، والانغماس الكامل في المخاطر التي تتطلّبها المحبة". وأوضح أنّنا في كل قداس، وحين نتناول القربان الأقدس، فإنّنا نتغذى بعطيته الجريئة هذه، ونتقوّى على السير في درب الحياة، لنختار أن نعيش للآخرين لا لأنفسنا، وأن نحمل نار المحبّة إلى العالم.
"ونار المحبّة هي التي تنحني وتخدم، وتواجه اللامبالاة بالعناية، والغطرسة بالوداعة. وهي نار اللطف، التي لا تكلّف مثل التسلح، بل تُجدّد العالم بمجانيّة. قد تكلِّف عدم الفهم أو وربما حتى الاضطهاد، ولكن ليس هناك سلام أكبر أن تشتعل هذه النار داخلنا".
وفي ضوء هذه النار المتقدة بالمحبّة والخير، عبّر البابا عن امتنانه لأبناء أبرشية ألبانو لالتزامهم بخدمة الآخرين، داعيًا إياهم إلى عدم التفرقة بين مَن يساعِد ومَن يساعَد، لأنّنا "كنيسة الرب، كنيسة الفقراء، حيث كل واحد هو ثمين وعطية للآخرين".
وقال: فقط من خلال التكاتف والتركيز على تسهيل اللقاء بين أشخاص مختلفين في الأصول والأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة والعاطفيّة، يمكننا أن نصبح جسدًا واحدًا يشارك فيه حتى الأكثر هشاشة بكرامة كاملة، نصبح جسد المسيح، كنيسة الله". ويحدث هذا، حين "تحرق النار التي جاء بها يسوع الأحكام المسبقة والحذر والمخاوف التي لا تزال تهمِّش من يحملون فقر المسيح في حياتهم".
وختم البابا لاون عظته داعيًا الجميع إلى ألّا يتركوا المسيح خارج الكنائس والبيوت والحياة اليوميّة، بل أن نجعله يدخل في الفقراء. وقال: "هكذا، فسنكون في سلام أيضًا مع فقرنا الذي نخشاه وننكره حين نبحث بأي ثمن عن الهدوء والأمان".