موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
كنت جالسًا في كرسيِّ الاعتراف منذ 50 دقيقة، حيث طُلب مني أن أساعد في رعيةٍ ما، وحتى الآن لم يتقدمْ أيُّ تائب للإعتراف. بالرغم من أن الباب مفتوح، والضوء الذي يشيرُ بان المـجال مُتاح، مُضاء.
أسْمَعُ انتقاداتٍ حادة وصارخة بأنه ليس هناك عددٌ كافٍ مِنَ الكهنة لسماع الإعترافات. فلربما كان هذا سببًا في عدم تقدمهم للإعتراف. إنَّ قِلَّة توفر الكنهة لسماع الاعترافات، وقِلَّة التائبين (المقبلين على الإعترافات)، هما أعراضُ ما أسماهُ قداسة البابا بيوس الثاني عشر في عام 1950: "فُقدان الإحساس بالخطيئة".
أصبحَ الناسُ يعتقدون أنهم لا يرتكبون أي خطأ. وأصبحتْ الوصايا العشر قديمة، عفا عليه الزمن، ولا تصلح لزماننا. ويقولون، وهم مخطئون: "سيذهبُ الجميع إلى الجنَّة، إلى نفس المكان، إلى المكان الأفضل. ويمكنكَ أن تفترض أن الله يغفرُ لكَ".
لكن هذا ليس تعاطفاً، بل هو فُقدانُ الأخلاق والقِيَم. وضميرٌ ميِّتٌ. فإذا قُمتَ بمخالفة أيٍّ مِنَ الوصايا العشر، عن معرفةٍ، فقد أصبحتَ في حالة الخطيئةِ المميتة، وتحتاج أنْ تندمَ وتتوب.
إنَّ الإعتراف هو الوسيلة التي منحها يسوعُ للكنيسة للقيام بذلك. ويسوع يرغب بأن تَحْصَلَ على مغفرتِهِ مِن خلال هذا اللقاء الإنساني مع كاهنٍ. لأنك عندما تندم على خطيئتِكَ بصوتٍ عالٍ أمام إنسانٍ آخر، فإنَّكَ حيئذٍ فقطْ تُسَيْطِرُ وتتغلب عليها. فالإعتراف يبطلُ الشعورَ بالعارِ والحياءِ، ويزيل عنك الشعور بالعبىء الثقيل من الخطيئة، ويمنحك اللهُ غير المنظور، والذي يتقبل إعترافك من خلال الخادمِ المنظور (الكاهن)، النعمةَ.
وتحلُّ عليك النعمةُ، كما وعدَ يسوع: "من غفرتُم خطاياهُم، تُغْفَرْ لَهُم". لذا تسمعُ صوتَ يسوع مِنْ خِلال فَمِ الكاهن يقولُ لكَ: "أنا أحِلُّك مِنْ خَطَايَاك". عندها فقط تعلم، وتتأكد بدون أدنى شك، أن خطاياك قد غُفرتْ لك.
المترجم:
يظنُّ البعض أن الكاهن يُصابُ بالاحباط من سماع خطايا التائبين في كرسي الاعتراف.
حول هذا (الاحباط)، أذكرُ أني قرأتُ وصفَ أحد الكهنةِ لموقفه وشعوره داخل كرسي الاعتراف قائلا: "إن حقيقة الأمر هي العكس تمامًا. فما من مكان أجمل من المكان الذي يَسمح للناس بالعودة إلى اللّه. إن الـمُـحْبِط بالنسبة لي هو رؤية أحدًا يترك اللّه، أمَّا أنا فأرافقُهُم في كرسي الاعتراف عندما يعودون اليه".
ومن ناحية أخرى يجب أن نتذكر ما قاله أحد الكهنة أيضًا: "الكاهن لا يدينك في كرسي الاعتراف، بل أنت تدين نفسَكَ أمَامَهُ فترتفع عنك دينونة الله".
لذا إندم أيها المسيحي. واذهب وتقدم الى كرسي الاعتراف بثقة ودون تردد.