موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٢٧ سبتمبر / أيلول ٢٠٢١
27 أيلول: القديس منصور دي بول، أبو الفقراء وشفيع أعمال المحبّة

إعداد: الأب وليم عبد المسيح سعيد الفرنسيسكاني :

 

تحتفل الكنيسة الكاثوليكية في 27 أيلول من كل عام بعيد القديس منصور دي بول، أبو الفقراء وشفيع الآباء اللعازريين وراهبات بنات المحبة.

 

ولد منصور دي بول في قرية صغيرة بفرنسا يوم 24 نيسان عام 1581 من أبوين فاضلين. كانت أمه قد ربته تربية مسيحية. كان أهله يعملون في زراعة الأرض ويرسلونه مرارًا لحراسة الماشية. منذ صغره كان منصور يجد نفسه سعيدًا بإسعاد الفقراء والمحتاجين فكان دوما يساعدهم ويحسن اليهم، فانتظم في سلك الرهبنة وارتقى الى درجة الكهنوت، وسافر الى بلاد عديدة، وحيثما كان يحل أظهر أن أروع ما في نعمة الحياة هي القدرة على مصارعة الألم والصبر النابع من الإيمان.

 

كرّس القديس منصور كل وقته وجهده في سبيل عمل الخير والمحبة، فشيّد المستشفيات للمرضى وفتح الملاجئ للمسنين، وعندما توجه إلى مدينة باريس أخذ يجمع من شوارعها الأطفال البؤساء المهملين. كما وكان يزور المساجين ويتحدث إليهم ويرشدهم الى الطريق المستقيم.

 

في عام 1617 وبعد اختبار الفقر والبؤس الروحي والمادي في مدينتي فولفيل وشاتيون في فرنسا، اتخذت الروحانية المنصورية للقديس منصور وجهين: إعلان الخبر السار وخدمة الفقير من خلال تنظيم وإشراك الأوساط الاجتماعية. وفي الوقت الذي كان فيه الإعلان عن الخبر السار يقتصر على الكهنة، كانت خدمة الفقراء من مهمة العلمانيين وتحديداً النساء.

 

أسس القديس منصور رهبنة "الآباء اللعازريين"، وساعد القديسة لويزا دي مارياك في تأسيس جمعية بنات المحبة عام 1633 التي تهتم بإدارة المستشفيات وبيوت للايتام وبيوت المسنين وغيرها، بإيمان وتضحية. وخلافًا للاعتقاد السائد، لم يقم القديس منصور بتأسيس جمعية مار منصور دي بول، بل قام بذلك الطوباوي أنطوان فريدريك أوزانام عام 1833، إذ وضع المؤسسة تحت شفاعة القديس منصور بطلب من رئيسة دير بنات المحبة.

 

من أقوال القديس عن تفضيل خدمة الفقراء على كل شيء:

 

"يجب ألا ننظر إلى الفقراء بحسب مظهرهم الخارجي ولا بحسب ما يتصفون به من المواهب العقلية. فقد يبدو المظهر أحيانًا غليظًا والذهن غير مهذب. أما إذا نظرتم إليهم في ضوء الايمان فإنكم ترون فيهم أبناء الله الذي اختار هو نفسه أن يكون فقيرًا. يجب أن نُدرك ذلك وأن نقتدي بما صنع المسيح أي أن نعتني بالمساكين، فنعزيهم ونساعدهم ونحيطهم بالرعاية اللازمة".

 

"إذا اضطُرِرْتَ في وقت الصلاة، أن تحمل علاجاً أو تقدِّم مساعدةً ما لفقير، افعل ذلك بنفس مطمئنة، بل ويجب أن تفعل ذلك، فأنت تقدِّمُ لله قرباناً وكأنك مواظبٌ على الصلاة. لا يقلقْ ضميرُكم إذا تركتم الصلاة من أجل خدمة فقير. إذا ابتعدتم عن الله من أجل الله فأنتم لا تبتعدون عن الله، وإذا تركتم عمل الله من أجل عمل شبيهٍ به فأنتم لا تبتعدون عن الله".

 

"إذا تركتم الصلاة لتكونوا إلى جانب الفقير فاعلموا أن عملكم هذا هو بمثابة قرض تُعطُونه لله المحبةُ فوق كلِّ القوانين، وإليها يجب أن يُوجَّه الكل. وبما أنها السيدةُ الأولى فهي التي تأمرُ بما يجب أن يُعمَل. لنخدم الفقراء بنفسٍ وبمشاعرٍ متجددة، ولنبحث عن المتروكين وعن أشدِّهم فقراً، فهم أسيادُنا وشفاؤنا وهم هبةُ الله لنا".

 

دأب دائمًا على العمل في خدمة الفقراء وفي تبشيرهم بالإنجيل، وناضل ضدّ البؤس، والشّقاء، والمرض، ولكنّ المرض قضى عليه في 27 أيلول عام 1660 عند السّاعة الرّابعة فجرًا، في السّاعة التي كان من عادته أن يستيقظ فيها. كتب شاهد يقول: "لقد توفيّ في كرسيه، قرب المدفأة، مرتدياً ثيابه بالكامل، من دون مجهود ولا اختلاج. لم يبدل الاحتضار ملامحه، وبدا كأنّه يكسيه جمالاً وعظمة تعجب منهما جميع الناس". وفي 16 حزيران 1737 أعلن البابا كليمنس الثاني العاشر منصور دي بول قديسًا. سمّاه البابا ليون الثالث عشر شفيع جميع أعمال المحبة. فلتكن صلاته معنا.