موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ١٩ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٠
المطران يوحنا جهاد بطاح، يكتب من دمشق: صباحكم في المواطنة...!
المطران جهاد بطاح، رئيس أبرشية دمشق للسريان الكاثوليك

المطران جهاد بطاح، رئيس أبرشية دمشق للسريان الكاثوليك

المطران جهاد بطاح :

 

فكرة الوطن هي فكرة مسيحيّة، كون السيّد المسيح تجسّد في وطن...

 

هو القائل: أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله...

 

أي أنّه فصل الدين عن الدولة، قبل أن يطرّح المبدأ المفكّر والفيلسوف أنطوان سعادة ومن بعده المفكرين العلمانيين...

 

أيضًا قال: مملكتي ليست من هذا العالم، فقد دخل إلى أورشليم بأغصان الزيتون وسعف النخل...

 

ولم يطلب من تلاميذه تأسيس مملكة بل أن يعلنوا بشارة الخلاص للعالم، لا اسألك أن تخرجهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير.

 

أمّا بالنسبة لليهود فهم يعتبروا أنفسهم شعب مختار ليرثوا أرض الميعاد التي هي فلسطين.

 

ولكن لنعود للكتاب المقدّس فالله قد اختار شخص هو إبراهيم أبو المؤمنين بالله جميعهم.

 

فاليهود في روسيا أو بولونيا أو أي دولة بالعالم يعتبروا الأراضي المقدّسة وطنهم وهذا نقضه ايضّا سعادة.

 

فأنا مسيحيّ كاثوليكي لا أستطيع أن أقول روما لي وعشت فيها ١٥ سنة ولم أطلب الجنسية.

 

بالنسبة لإخوتنا الإسلام هم يؤمنوا بالأمّة، فهم يقبلوا بالدولة المدنية في الأماكن التي هم قلّة فيها والدولة الإسلامية في الأماكن التي هم فيها أكثرية.

 

عندما تكلمت عن صراع الحضارات قصدت به هذا وقلت بأنّ المسيحيّة ممكن أن تكون جسر للتكامل بين الحضارات.

 

فالمسيحيّ يتعايش مع الجميع ويعتبر المكان الذي يعيش فيه وطنه، ويخلص إلى الوطن الذي ينتمي إليه.

 

فالمواطنة تعني أنا وأنت للوطن وليس يا أنا يا أنت...!

 

الحقيقة احبائي لا أحد يملكها ولكنّها تملكنا جميعًا.

 

فسيّد هذا الكوّن هو الله القدير المنظّم والمسيّر كلّ شيء بعنايته، ويشرق شمسه على الجميع.

 

وكلّ مملكة أو امبراطورية  ابتعدت عنه سقطت....

 

بالنسبة للدول العظمى اليوم، فإنّ شقفة فيروس لا يرى بالعين المجردّة هدّد أمنها.

 

برأي أنّ القارة الأوروبية استطاعت أن تطبق مبدأ المواطنة وهو نتيجة تأثير قوانين الكنيسة والقوانين الرومانية القديمة التي كانت تعترف بكل المعتقدات وتحترم رموزهم، وإن بفترة من الفترات اضطهدت المسيحيين فلأنهم رفضوا السجود للامبراطور وصورته.

 

وبالتالي مبدأ الدويلات الطائفية العنصرية، سيؤول حتمًا للفشل، كما حدث مؤخرًا بانهيار دولة داعش السريع...

 

أنت من حقّك أن تبشر بكل أنحاء العالم، وفي كلّ الدول ولكن ليس من حقك أن تفرض دينك لانّ لا إكراه في الدين أو أن تحتّل هذه الدول.

 

فالجميع بحاجة للجميع، فما ضرّ أن نكون شعوب مختلفة، وطوائف وثقافات متنوعة، ولكن تجمعنا بوتقة واحدة تحمي الجميع بقوانين، تضمن حقوقها المقدّسة كالحريّة والعدالة والمساواة.

 

فلنعد لمبدأ حافظوا عليه أجدادنا الدين لله والوطن للجميع.

 

اللهم إنّي بلغت...!