موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٣١ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٣
الصلاة تُنبّه القوى الشافية

أشخين دمرجيان :

 

حياة الانسان الروحانيّة تنتعش بالصلاة مثلما يُنعش القوت اليوميّ جسده ... والصلاة من أهمّ الوسائل الجوهريّة في الحصول على النعمة الالهيّة التي لا غنى لنا عنها. وهي تفسح المجال لإيجاد السبل الكفيلة بتحقيق رسالتنا وأهدافنا الايجابيّة في الحياة.

 

التواصل مع الله يعلّمنا المحبّة ويجلو النفس لتعكس صفاء المودّة مع القريب، وصفاء القلب مع الخالق، وصفاء الذهن مع العالم... ونلمس في ذواتنا "صفاء السيرة والسريرة". ورفض التواصل يؤدّي الى انهيار الإنسان وإنسانيّته...

 

في محضر الله كلّ منّا مسؤول عن نموّه الروحاني على الأقلّ... والأفضل أن نساهم في نموّ الآخرين. نفوسنا الثمينة الخالدة تدعونا إلى الخلوة عن اقتناع ، كلّما سنحت لنا الفرصة بذلك ، في مسيرة طويلة تقود إلى الله وإلى محبّته الأزليّة... وإلاّ فالدمار والضياع يكون في انتظارنا على قارعة الهلاك الأبديّ – لا سمح الله.

 

يتحدّث القدّيس بولس رسول الأمم والإناء المختارعن الصلاة وكذلك عن الإيمان الذي يحرّك السماء والأرض، وبه يمكن أن تنتقل الجبال (1 كورنثوس 13: 2). في الصلاة نحصل على إيمان قوي يكشف لنا نور الله البهيّ، والذي يُحرِّك القلوب الجامدة ويقودها إلى سبل العطاء والمحبّة... وإلى محضر الله بتهيّب... اذ ليس في هذه الأرض الفانية ما هو جدير بكلّ تضحية سوى محبّة الله كنزنا الوحيد الأبديّ .

 

تُشير الدراسات العلميّة إلى أنّ التردّد على الكنيسة والمواظبة على الخدمات الدينيّة، يشحن المؤمن بدَعم نفسانيّ قويّ، ممّا يحدّ من تأثيرات التوتّر والوحدة. وتُشير أيضاً إلى أنّ الالتزام بالأمور الدينيّة، لا يحسّن صحّة الإنسان فحسب، بل يجعل نسبة تعرّض المؤمن للأمراض ضئيلة.  وهنالك أبحاث عديدة كشفت النقاب عن تأثيرات الإيمان الإيجابيّة على الأمراض بدءًا بأمراض القلب وانتهاءً بوفيات الأطفال حديثي الولادة.

 

كما أنّ الاشتراك في مراسم العبادة والصلاة مُفيد صحيًّا بسبب تدفّق المشاعر الإيجابيّة وتأثيراتها الفسيولوجيّة على المؤمن.  ورفع الصلاة من أجل المريض يجلب له الشفاء بسبب التدخّل الإلهيّ (الطبيب الأعظم): "هل فيكم مريض؟ فليَدعُ شيوخ الكنيسة، وليصلّوا عليه بعد أن يمسحوه بالزيت باسم الربّ. إنّ صلاة الإيمان تخلّص المريض، والربّ يُعافيه" (يعقوب 14:5 و15).

 

وبيّنَت الدراسات العلميّة أنّ كثرة العبادة ترتقي بالفرد إلى درجة عالية من الإحساس بالرضى والفرح والصحّة، وتُخفّف من نسبة الاكتئاب والمشاكل النفسيّة الأخرى. والسبب في ذلك يعود الى العلاقة الوطيدة ما بين العقل والروح والصحّة لدى الإنسان.  ويعود مرض الغالبيّة العُظمى من الناس إلى مشاكل عقليّة ونفسيّة تُسبّب لهم مشاكل صحيّة.

 

الاختبارات الروحيّة تُفيد الصحّة بتفعيلها "طاقة شافية".  لكن الأبحاث التي أُجريتْ في هذا المضمار قليلة، اذا ما قورِنَت بغيرها من الأبحاث، ولكنها جاءت لتُثبت أنّ حالة المؤمن في أثناء التأمّل أو الصلاة تؤثّر على أجهزة المناعة والأعصاب، حيث تتدفّق فيه أفكار إيجابيّة تنبّه القوى الشافية التي تبدأ عملها في جسمه، وتُطلق القوى الروحيّة العميقة الكامنة في قلبه، فتتّسم حياته بقوّة جسميّة وذهنيّة وروحيّة يستمدّها من قوّة الله.

 

 

خاتمة

 

المواظبة على الصلاة الخاشعة تجعلنا نلامس النعيم في أعماق قلوبنا، ونتذوّق الحياة السماويّة في محضره تعالى، على أمل ملاقاة وجهه تعالى في الملكوت بعلاقة وثيقة لا تزول! "إنّ يوماً واحداً في ديار الربّ خيرٌ من ألف. وبعتبة ديار إلهي فضّلتُ الوقوف، على أن أسكن خيام الآثمين" (مزمور83 (84) 11).