موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢١
البطريرك الراعي حول الأزمة اللبنانية-الخليجية: لعدم الإنجرار في لعبة الدول

أبونا :

 

دعا البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، الأحد، رئيس الجمهورية اللبنانيّة ميشال عون، وورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وكلّ معنيّ بالموضوع، إلى اتخاذ "خطوة حاسمة" تعمل على نزع فتيل تفجير العلاقات اللبنانيّة بين دول الخليج عامة، والسعوديّة على وجه الخصوص.

 

وقال غبطته في العظة التي ألقاها خلال قداس الأحد 31 تشرين الأول 2021: "أتت الحكومة (الجديدة) بُغية إنهاض لبنان وترميم علاقاته مع الأسرة العربيّة والدوليّة. فتعثّرت بسبب التحقيق القضائيّ في إنفجار المرفأ. وتأتي اليوم الأزمة مع المملكة العربيّة السعوديّة خصوصًا، ودول الخليج العربيّ عمومًا، وهي متعدّدة الأسباب ومتراكمة، ومن شأنها أن تُسيء إلى مصلحة لبنان ومصالح اللبنانيّين".

 

أضاف البطريرك الراعي: إنّنا "نتطلّع إلى أن يتّخذ رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة وكلّ معنيّ بالموضوع، خطوة حاسمة تنزع فتيل تفجير العلاقات اللبنانية الخليجيّة. وإذ ندعو إلى هذا الموقف الحاسم، فدفاعًا عن لبنان واللبنانيّين المقيمين في الوطن وفي الخارج".

 

كما دعا كبار المسؤولين في البلاد إلى "تحمّل مسؤوليّاتهم، والتحرّك الفعّال، ومعالجة الأحداث قبل وقوعها، وتجاوز الصعوبات، ووضع حدٍّ للتدهور الاقتصاديّ والأمنيّ الذي لا يوفّر أحدًا حتى الذين يظنّون أنهم يستطيعون التحكّم بتطوّراته". وقال: "لا أحد يتحكّم بها لأن امتداداتها خارجية، ومصدر جزء كبير من قراراتها خارجيّ أيضًا. إنّ أهم إنجاز يمكن للقوى السياسيّة أن تقوم به هو عدم انجرارها في لعبة الدول، ولاسيّما في هذه المرحلة الإقليميّة الدقيقة"، مشددًا على أنّ لبنان قد قام "على الشراكة في إطار السلام، والاعتدال، والحياد، ودولة القانون التي يضمنها القضاء العادل والفاصل".

 

 

التحقيق القضائي.. لا للمساومة والتسوية والتسييس

 

وأكد البطريرك الراعي على ضرورة "احتكام الجميع إلى الحلول الدستوريّة لدعم التحقيقات القضائيّة الجارية، فما يقوم به القضاء العدليّ المطابق للدستور والعلم الدستوري والقانون وأصول المحاكمات والإجتهاد، يستحق الدعم. ولذا يجب أن يُكمل القضاء تحقيقاته في قضيّة تفجير المرفأ من جهة، وقضيّة الأحداث في عين الرمانة من جهة أخرى بعيدًا عن أيّ مقايضة بين القضيّتين أو أيِّ مساومة أو تسوية أو تسييس أو تطييف".

 

وأضاف في عظته: إنّ "القضاء لا يخضع للمعايير التي تمارسها الجماعة السياسيّة في علاقاتها السياسيّة أحيانًا. فالقضاء حق وعدالة لصالح الجميع. القضاء لا يخلط بين القضايا، فشأنه أن يُعطي ’ما لله لله وما لقيصر لقيصر‘. فلا شيء يعلو على حقّ شهداء المرفأ وأهاليهم، وعلى حقوق الجرحى والعائلات المشرّدة من بيوتها المهدّمة وعلى تعويضاتهم، ولا شيء يعلو على معرفة الحقيقة الساطعة، ولا حقيقة من دون عدالة. فالحقيقة والعدالة يؤمّنان خير الجميع".

 

 

مبادرة وطنيّة

 

وأشار البطريرك الراعي إلى قيامه مطلع الأسبوع الماضي بـ"مبادرة وطنيّة"، حيث "لم يكن جائزًا أن نتفرّج على التدهوّر المتسارع من دون أن نتحرّك، مكتفين بعظات وبيانات. فلبنان لبناننا جميعًا، وشعبنا شعبنا جميعًا، ومسؤوليّة البحث عن حلول مسؤوليّتنا جميعًا"، لافتًا إلى أنّ هذا التحرّك يأتي بعدما "رأينا أخطار توقّف الحكومة عن الاجتماع وهي في بداية انطلاقِها، ورأينا بحزنٍ واستنكار اندلاع اعتداءات واشتباكات في الشارع أوقعت ضحايا وجرحى وردّتنا إلى مرارة الحروب السابقة".

 

أضاف: كما "رأينا غرابة الهجوم السياسيّ على القضاء كأنّ لا دولة ولا نظام ولا دستور ولا قانون ولا فصل بين السلطات عندنا، كما عند غيرنا في العالم المتحضّر. ورأينا بألمٍ استمرار التدهور الاقتصاديّ والمعيشيّ، وارتفاع نسبة الفقر إلى 75% من الشعب اللبنانيّ، وازدياد نسبة البطالة إلى ما فوق الـ35%. ورأينا بحسرة شبابنا يُهاجر، وعائلاتنا تجوع، ومؤسّساتنا التعليميّة والاستشفائيّة والتجاريّة تُفلس أو تُقفل، والتظاهرات والاحتجاجات تنتشر في جميع المناطق غضبًا واحتجاجًا".

 

وخلص البطريرك بشارة بطرس الراعي، في عظته خلال قداس الأحد، داعيًا الله "أن يحمي لبنان وشعبه، ليظلّ أرض العيش معًا، بروح الأخوّة والسلام. أرض الحوار والانفتاح والتآخي والتعاون مع جميع الدول، وهكذا يعود إلى طبيعته الأساسيّة وإلى هويته".