موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٣ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٢
البابا لمستشاريي شركة ديلويت: يمكن لقطاع الأعمال أن يساعد في معالجة أزمات العالم
اقتراحات وتوجيهات جديدة أمام التحديات الجديدة انطلاقًا من العقيدة الاجتماعية للكنيسة. هذا ما دعا إليه البابا العاملين في شركة ديلويت العالمية، والتي تقدّم الاستشارات في قطاع الأعمال

أبونا :

 

في حديثه أمام أعضاء شركة "ديلويت" العالميّة، الخميس، أشار البابا فرنسيس إلى أنّ قطاع الأعمال يمكن أن يلعب دورًا قويًا في معالجة الأزمات على مستوى العالم، داعيًا إياهم إلى أن يكونوا "مستشارين متكاملين" ملتزمين بالمساعدة في تعزيز رفاهيّة جميع الناس.

 

وتعد شركة "ديلويت" واحدة من أكبر الشركات المعروفة، وهي من بين الشركات التي تعرف بـ"الأربعة الكبار" في مجال المحاسبة الدوليّة والخدمات المتعدّدة في جميع أنحاء العالم. وتوظف هذه الشركة حوالي 350 ألف شخص في فروعها المنتشرة حول العالم.

 

وشكر الحبر الأعظم أعضاء الشركة على زيارتهم وعملهم، قبل أن يوجه انتباههم إلى التحدّيات العديدة التي يعاني منها العالم، من تدهور للأوضاع البيئيّة ومعيشة الكثير من الشعوب بصورة غير كريمة فيما يتعلق بالتغذية والصحة والتعليم وغيرها من حقوق أساسيّة.

 

واقترح قداسته ثلاث طرق يمكنهم من خلالها تعزيز عالم أكثر إنسانيّة وعدالة وأخوّة.

 

ثلاثة مقترحات

 

الأوّل، كما قال البابا، هو "الحفاظ على الوعي بالقدرة على ترك بصمة". وشدّد على أنّ هذه "العلامة" يجب أن تكون على الدوام علامة إيجابيّة تهدف إلى النهوض نحو تنمية بشريّة متكاملة. وقال: إنكم تدركون مواطن قوتكم بشكل جيّد، مشيرًا إلى أنّ هذا "يجب أن يكون مصحوبًا بالرغبة المستمرة في توجيه تحليلاتكم واقتراحاتكم نحو خيارات تتماشى مع نموذج البيئة المتكاملة". وأضاف: "من الجيد طرح السؤال حول العالم الذي نريد أن نتركه لأبنائنا وأحفادنا".

 

كان المقترح الثاني هو أن يتولى المسؤولون التنفيذيون "مسؤلياتهم الثقافيّة، والوفاء بها"، من خلال ضمان توفير جودة مهنية مناسبة، ثم جودة إنسانيّة وأخلاقيّة تمكّن العاملين في هذه المؤسّسة من اقتراح إجابات تتماشى مع الرؤية الإنجيليّة للاقتصاد والمجتمع، أي مع العقيدة الاجتماعيّة للكنيسة.

 

أمّا اقتراحه الثالث فكان تثمين التنوع. ولفت إلى أنّ كلّ المؤسّسات التي أنشأها الإنسان لديها الحق، في حال إدارتها بشكل صحيح ونزيه، في أن تحافظ على هويتها وأن تطورها، مشيرًا إلى أنّ الحديث عن التنوّع البيولوجي في قطاع الأعمال كضمانة لحرية الشركات وحرية اختيار العملاء والمستهلكين والمدخرين والمستثمرين، هو أيضًا شرط لا غنى عنه للاستقرار والتوازن والغنى البشري.

الأزمات تخلق نوعًا من "التنمية المضادة"

 

قال البابا أنّه خلال الخمسة عشر عامًا الماضيّة شهد العالم أزمات حادة ومستمرّة.

 

وأعرب الحبر الأعظم عن أسفه بالقول: "لم ننتهي من التعامل مع الأزمة الماليّة في عام 2007، قبل أن نضطر إلى مواجهة أزمة الديون السياديّة والاقتصادات الحقيقيّة، ثم الوباء، والحرب في أوكرانيا مع كل عواقبها وتهديداتها العالميّة".

 

وفي هذا السياق، أعرب البابا أيضًا عن أسفه "لمواصة معاناة كوكبنا بسبب التغيّرات المناخيّة، بينما تستمر حروب قاسية وخفية في مناطق مختلفة، كما ويستمر اضطرار عشرات الملايين من الأشخاص إلى الهجرة بشكل قسري". وأشار إلى أنّه بينما تتحسن الحياة اليومية لجزء من رجال ونساء هذا العالم، يتضرّر جزء آخر جراء اختيارات غير مكترثة ليصبح هؤلاء ضحايا ما يمكن اعتبارها تنمية مضادة".

توجهات جديدة أمام التحديات الجديدة

 

وشدّد على أنّ يمكن للاستشاريين أن يفعلوا، في هذا الإطار الصعب المتسم بعدم اليقين، الكثير، من خلال تنظيم تحليلاتهم ومقترحاتهم وفق منظور ورؤية متكاملة، داعيًّا إيّاهم إلى اقتراح وتبنّي "اتجاهات جديدة لمواجهة التحديات الجديدة" هذه.

 

ولفت إلى أنّ العمل الكريم للناس، ورعاية بيتنا المشترك، والقيم الاقتصاديّة والاجتماعيّة، والتأثير الإيجابي على المجتمعات، كلها مترابطة. كما أشار إلى أنّه يتعيّن عليهم تبني واقتراح سياسات تعزّز أيضًا جودة الحياة حول العالم، وتضع الرفاهيّة المتكاملة للفرد، ولكلّ شخص، أولاً.

مطلوب "استشاريين متكاملين"

 

وخاطب البابا فرنسيس ضيوفه بالقول: الربح لا يكون في الحقيقة شرعيًّا إن لم يرقى بهدفه إلى تنميّة الإنسان بشكل متكامل، ويضمن إيصال البضائع إلى كلّ مناطق العالم، ويدعم الخيار التفضيلي للفقراء، ويمكننا أن نضيف أيضًا، يعتني بيتنا المشترك.

 

كما شجّعهم على أن يصبحوا "استشاريين متكاملين"، أي خبراء يأخذون بعين الاعتبار الرباط بين المشاكل وحلولها الممكنة والذين يتقبلون مفهوم العلاقات بين الأفراد، من أجل التعاون في إعادة توجيه أسلوب حياتنا على هذا الكوكب، والذي دمرناه من حيث المناخ وعدم المساواة، معربًا عن أمله في أن يمكنوا من التعاون من أجل تشييد جسر بين النموذج الاقتصادي الحالي القائم على الاستهلاك المبالغ فيه، والنموذج الناهض القائم على الدمج والاعتدال، العناية والخير.