موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٦ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٢

يا «مار حبا» بالمار بشارة

بشار جرار

بشار جرار

بشار جرار :

 

من واشنطن إلى عمّان وبيروت، أرسلها «مار» «حبا».. مرحبا وتعني بالآرامية والسريانية أم لغات مشرقنا العظيم، تعني الإله أو السيد (مار) ومحبة (حبا). فمرحبا بضيف الأردن الكبير البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، رأس الكنيسة المارونية.

 

لغبطته مواقف روحية وإنسانية وسياسية قد لا يسمح المقام لحصرها في مقال. لكن في مساعيه الحثيثة لخلاص لبنان الحبيب واسترداد «سويسرا الشرق» وقع خاص في قلوبنا نحن الأردنيين الذين عشقنا لبنان الرسالة، قبل أن نحب لبنان المكانة.

 

نحن شركاء في قدر كتب علينا، الرسالة والشهادة. الشهادة بمعنى الحياة لا الموت. الشهادة لمن نؤمن ولمن نتبع. الشهادة بالأفعال لا الأقوال. الشهادة في الأمثال.. مازلنا نضرب الأمثال في قيم المحبة والخدمة والعطاء والإيثار.

 

كقدر يوسف النبي يوسف الصدّيق، كان لبنان كما كان الأردن، مرصودا محسودا. قدر لبنان أن يكون الدولة المسيحية الوحيدة في المشرق، وفي «بلاد العرب أوطاني». وقدر الأردن أن يكون العرين الهاشمي الوحيد الأوحد الذي ساد فيه الهواشم، فكان ومازال مدرسة في الوسطية والاعتدال والانفتاح. يبشّر ولا ينفّر. يجمع ولا يفرق. يعظّم ما يجمع الناس، ويعفو ويتسامح عما يفسد الحال ويغث البال.

 

وقدر الأخوين الصغيرين حجما الكبيرين قدرا، أن يستغل البعض سماحته وكرمه. فيتطاول -من لا يثمر فيه المعروف- على كرمته.. فيعفو ويسامح ويحسن، علّ التائه يؤوب والضال يعود.

 

لا يسمح مقام الترحيب، حتى بعتاب المحب لمن أرهقوا لبنان والأردن. لكن الرجاء والأمل معقود بأن يبرّ محبو قصتي النجاح والتميز اللبنانية والأردنية، أن يبروا بوعودهم. جميعهم تعهّدوا بدعم ما يمثله البلدان -قيادة وشعبا- في أكثر من مناسبة وفي المحافل كلها. لكن التقصير في الدعم المطلوب بات مشبوها.. وكأن هناك من يصر على تعطيل مسيرة هذين النموذجين الرياديين في كونهما منارة حقيقية للجوار. فلكل منهما دور مركزي في تواصل الحضارات لا صدامها.

 

أولى الأوليات في نظري، هي قضية «اللاجئين والنازحين والمهجرين والوافدين». هذا شطر واحد من معادلة الموارد والسكان. هذا الضغط الهائل لا يعني إلا اختلال المعادلة. ارحموا لبنان والأردن وإلا.. هذه ليست «إلا» وعيد لا سمح الله. بل هي شهادة حق يفهما أهل الحق.

 

ختاما أقول كشاهد عيان، إن كنيسة ضيف الأردن الكبير -كنيسة «مار شربل» الرابضة على تلة على طريق مطار الملكة علياء الدولي- قدمت كسائر الخيّرين في العرين الهاشمي، ما هو فوق المستطاع، إلى إخوة لنا اضطروا إلى الرحيل عن أوطانهم، جلّهم من العراق وسورية. هذا العطاء يثمر كما الحنطة، كما الكرمة.. فها هي الكنيسة المارونية تبني أول كنيسة لها في المغطس، حيث عمّد الشهيد يوحنا (المعمدان) السيد المسيح، في بيت عنيا (عبر الأردن) أي على الضفة الشرقية من نهر الأردن.. فيا مار حبا..

 

(الدستور الأردنية)