موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
هو قائد المئة، ورامي الحربة الذي خلّد اسمه التاريخ، لا بسيف رفعه، بل بطعنة غيّرت مسار الإيمان. اسمه "لونجينوس"، المشتق من اللفظة اللاتينية "لانجيا"، وتعني "الحربة". ينحدر من مدينة لانشانو في جنوب إيطاليا، التي تعني مدينة الرماية، والتي كانت مهدًا لرجال السلاح ودقة الإصابة.
هذا الجندي هو الذي طعن يسوع "طعنه في جنبه، فخرج لوقته دمٌ وماء" (يوحنا ١٩:٣). الدم ليغفر به الخطايا والماء لمعمودية ولادة جديدة.
ويُقال عنه في بعض الروايات المنحولة، مثل "أعمال بيلاطس" ورسالة بيلاطس إلى هيردوس، أنّ لونجينوس كان أشهر رامي حربة، وكان مصابًا بالعمى الجزئي. وعندما طعن يسوع بالحربة، تدفّق الدم على عينيه فشُفي. إنها الصحوة والفرصة الأخيرة، استقصد فيها يسوع أن يشفي أعداءه وقاتليه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون. غفر لهم، وجاء الغفران على شكل شفاء.
عندما شعر لونجينوس بالشفاء هتف: "كان هذا الرجل ابن الله حقًا" (مرقس ١٥:٣٩).
كان هذا الرد على حدث العماد في نهر الأردن، وعلى صوت الآب عندما قال: هذا هو ابني الحبيب عنه رضيت" (مرقس ١٠:١-١١).
وعندها انشقت السماوات في سماء الأردن، ونزل الروح مثل حمامةٍ إليه.
وهو رد أيضًا على حدث التجلي، عندما هتف الرب من الغمامة الطافحة بالنور: "هذا هو ابني الحبيب الذي ارتضيت، فله اسمعوا!" (متى ٥:١٧).
"كان هذا ابن الله حقًا" هو رد واضح وشهادة حيّة على تجارب الشيطان ليسوع في البرية على جبل قرنطل، عندما جربه الشيطان وقال: "إن كنت ابن الله، حوِّل الحجارة إلى خبز، واسجد لي، وألقِ بنفسك من أعلى الجبل". وها هو الشيطان يعيد التجربة على لسان الكتبة والأحبار والشيوخ، ومن أعلى صليب لص الشمال، وهو غيستاس، فيقول: "إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب، وخلِّص نفسك وخلّصنا" (متى ٢٧:٤).
كان الجواب على لسان لونجينوس مزلزلاً، عندما رأى حجاب الهيكل ينشق، والأرض تزلزل، والصخور تتصدع، والقبور تنفتح، ويقوم كثير من أجساد القديسين الراقدين (متى ٢٧: ٥١-٥٣).
إنها الصحوة الأخيرة. لقد قبل يسوع أن يُطعن بالحربة لتتم الآية: "إنه لن يكسر له عظم" (يو ٣٦:١٩)، و"سينظرون إلى من طعنوه" (يو ٣٧:١٩). هذه الصحوة الأخيرة التي تاب فيهالونجينوس وندم، واغتسل بدم يسوع الشافي، ليُشفى من عمى البصر والبصيرة.
لقد كافأه الرب بأن يكون شاهدًا على حدث القيامة أيضًا، لأنه كان أحد الحراس الذين وضعهم زعماء اليهود على قبر يسوع، وقد رفض الرشوة التي عُرضت عليه لإنكار حدث القيامة. وتعود هذه الرواية "الذهبية" ليعقوب ده ڤارتسيه في القرن الثالث عشر. لقد تحوّل لونجينوس، من خلال الصحوة والفرصة الأخيرة، إلى شاهد حقيقي ومبشِّر في الإنجيل في كبادوكيا، وهي إحدى مقاطعات تركيا اليوم.
ومعه نقول: كان هذا ابن الله حقًا.