موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٣ مارس / آذار ٢٠٢٠

في الصوم أسألُ نفسي

بقلم :
منويل طنوس - الأردن
صوم مبارك، وكل عام وانتم بألف خير

صوم مبارك، وكل عام وانتم بألف خير

 

إزرع عطاء تحصد محبة، فلنقرع الباب المحبة ونشق الطريق، الباب ضيق لكنه ممتلئ بالحب السماوي، هذا الحب الذي يعيشه الإنسان المؤمن الذي ما زالت صحراء القلوب تبحث عنه، فبالصوم نستطيع أن نملئ قلوبنا بالمحبة والايمان والعطاء الذي لا يعرف حدود، وبالصلاة نطرق باب التوبة والإرتداد عن الخطيئة في زمن الصوم المقدس، ليعطينا هذا الزمن نموًا روحيًا جديدًا لأنفسنا.

 

في الصوم أسألُ نفسي، كيف أبدأ وكيف أصوم؟

 

لنبدأ مسيرة الصوم المقدس، دعونا نتخيل أن الصوم هو عبارة عن طريق طويل ممتلئ بالمحبة، هذا الطريق له بداية وحتما له نهاية، النهاية بعيدة لكنها قريبة بنفس الوقت، مسيرة الألم والصلب طويلة، لكن القيامة باتت قريبة حيث السعادة الأبدية، فحتى تصل الى هذه النهاية لا بد من المرور ببعض التجارب والعقبات والخطايا.

 

في الصوم أسألُ نفسي، كيف نواجه التجارب والخطايا؟

 

نكون متحمسون ببداية الطريق، نبدأ المسيرة ونعد أنفسنا ولكل منا طريقتهُ الخاصة، لكن مع مرور الوقت منا من يسقط ولا يستمر ومنا من يواظب على الصوم، أمورا كثيرة تمنعنا من الاستمرار، منها إمتناعنا عن بعض الأطعمة، والتعب بعد منتصف الطريق، أشخاص يشتتون أفكارنا، مصاعب الحياة اليومية، الخطايا اليومية، وكثير من العقبات التي تواجههنا والتي نضعها حجة (حجرعثرة) لعدم الاستمرار في الصيام، كل هذه التحديات نفقد بها حماسنا أو قدرتنا على الصوم، فمن هنا الصيام الجسدي وحده لا يكفي يجب أن يكون مقترن بالصلاة التي تعطي الإنسان القوة والصبر على كل التحديات التي نواجهها في هذا الزمن المقدس.

 

في الصوم أسألُ نفسي، فهل أفقد الحماس الذي بدأت به؟ أين عمل المحبة؟

 

أسود العالم يحاربوا محبتنا في عالمٍ ممتلئً بالخطيئة، الصوم الممتلئ بالصلاة والمحبة نحارب به هذه الخطايا ضد أعمال ابليس المتسلطة على هذا العالم الفاني، فبدلا من أن يكون الطريق صعب وطويل وشائك على البشر، يمكن أن يكون سهل للذين يحبون ما يفعلون، أحبوا بعضكم في الصوم وصلو من أجل أخيكم الإنسان، أحبوا أعدائكم، فعمل المحبة وروح العطاء هو من أجمل الأعمال الروحية الذي نريد أن نعيشه في الزمن الأربعيني، لا تفكروا فقط بالطعام بل استمتعوا بروحانية الصيام المقدس لأن نهاية الطريق أعظم من أي عمل بشري، ولأننا بالصليب نلنا الخلاص وبالقيامة عبرنا من الظلام الى النور.

 

في الصوم أسأل نفسي، كيف أزرع وكيف أحصد؟ 

 

أسألوا تعطوا، أطلبوا تجدوا، إقرعوا يفتح لكم أبواب السماء، فعلمنا يسوع في حياته من خلال الأناجيل المقدسة، كيف نزرع تواضع لنحصد احترام وكيف نزرع أمانة لنحصد ثقة الأخرين، وكيف نزرع إيمان لنحصد طمأنينة، فالمحبة الممتلئة بالعطاء لا تعرف حدود ولا يقف بوجهها أي شر او خطيئة، فعمل الخير ومساعدة الأخرين سواء بالمال أو بالطعام وأعظم عمل بشري وأعظم عمل محبة في هذا الزمن المقدس.

 

في الصوم أسأل نفسي، كيف أعبر من الظلام إلى النور؟

 

وفي النهاية إن مسيرة الصوم نستعد بها لألام المسيح وقيامته، نعد أنفسنا للسير مع المسيح طريق الألام (طريق الخلاص) بكل إيمان ومحبة لنعبر من الظلام الى النور، من الحزن والألم إلى فرح القيامة، فالصيام هي رياضة روحية يومية ربما تكون طويلة لدى البعض لكن يعيشها المؤمن كل يوم بكل خشوع وتقوى وارتداد عن الخطيئة ليحصل على محبة المسيح في حياته ويرى نور المسيح القائم من بين الأموات، فلنحمل صليب المسيح في صيامنا على درب الجلجلة ونبدأ المسيرة مع المسيح المخلص.

 

صوم مبارك، وكل عام وانتم بألف خير