موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٩ ابريل / نيسان ٢٠٢٠

غير منسيين وغير متروكين: كورونا والقيامة

بقلم :
الاخ حنا كمال الفرنسيسكاني - مصر‎
ففي زمن كورونا الذي تزامن مع الزمن الأربعيني المقدس وزمن الفصح اكتشفنا وتذكرنا حقيقية إيمانية هامة وهي: "إننا غير منسيين وغير متروكين"

ففي زمن كورونا الذي تزامن مع الزمن الأربعيني المقدس وزمن الفصح اكتشفنا وتذكرنا حقيقية إيمانية هامة وهي: "إننا غير منسيين وغير متروكين"

 

سمعت البعض يصرخ منذ بداية جائحة كورونا أن الله قد نسانا بل قد تركنا، وكان حال لسان البعض التأكيد بأن الله غاضب علينا ويعاقبنا. لم أرد أن أدخل في سجال أو نقاش يظن فيه البعض إنني أريد أن أدافع عن الله بل تركت عقلي وقلبي يتأملان مواقف يسوع طيلة مسيرة الزمن الأربعيني بحسب الطقس القبطي، وختامًا بالأسبوع المقدس المعروف أيضًا بأسبوع الآلام الذي يُكلل بالقيامة.

 

1- كيف أظن أنه نساني وتركني! وها هو يؤكد لي في مثل الإبن الضال إنه رغم ترك الجميع للإبن الأصغر بعد نفاذ نقوده للدرجة إنه يعمل في حظيرة الخنازير مما يؤكد إنه أصبح أيضًا متروكًا من الجميع. يجد أبوه منتظره متى قرر الإبن العودة مما يؤكد أن انتظار الأب علامة إنه لم ينسى إبنه. وعندما رآه من بعيد ذهب مسرعًا أخذه في حضنه. إنه لم يتركه لحظة لأنه دائمًا في قلبه وعقله.

 

2- كيف أظن أنه نساني وتركني وها هو يلتقي بامرأة سامرية تتحرك في وقت لا يراها أحد، وقت تصبح فيه وحيدة متروكة من الجميع غير مبالين بها ويأتي هو يسوع المسيح الذي يرافقها ليعلن لها أنها غير منسية وغير متروكة من الله.

 

3- كيف أظن أنه نساني وتركني وها هو يحطم لي قيود الاستسلام والإحباط لدرجة اقتناعاتي التي تصل لدرجة الإيمان إنني مهمل متروك ومنسي من الجميع "أتريد أن تبرأ؟"، "ليس لي أحد يا سيد يلقيني في البركة متى تحرك الماء"، وكأن لسان حاله يؤكد: أنا وحيد ومنسي، وها هو يسوع يقول له: مهما طالت المدة أنت غير منسي عندي... قم احمل سريرك وانطلق.

 

4- كيف أظن أنه نساني وتركني وها هو يفتح عيني المولود أعمى منذ مولده حتى أن أبواه قد تركاه في مواجهة الكتبة والفريسيين خوفًا من أن يُطرَدوا من المجمع... فيجده يسوع ويعلن له إنه هو من صنع له المعجزة فيؤمن به. ويأتي الأسبوع المقدس الذي يجيب على هذه المعضلة التي طرحها البعض أن الله يعاقبنا بل غاضب علينا.

 

 5- كيف هذا؟ وهو من دخل أورشليم طوعًا وفيها يطلب من تلاميذه الذين دعاهم أحباء وأصدقاء أن يتعشى معهم ويغسل أرجلهم ومنهم من سينكره والآخر سيسلمه، ولم يغضب عليهم أو ينتقم منهم، بل بلغ به الحب أن يهب لهم جسده ودمه في الافخارستيا قبل أن يهبه على الصليب الذي فيه يقابل صالبيه ويغفر لهم ما فعلوه لم يطلب انتقامًا بل غفرانًا.

 

6- كيف أظن أنه نساني وتركني وها هو يختبر معي الوحدة والظلمة في قبر لا يتركني، بل عابرًا بي من الموت إلى الحياة... فإن ظننت إنه تركني في هذه اللحظات فهي لحظات ترك من أجل الحياة لحظة ترك من أجل انتصار والدليل إنه يقوم منتصرًا حيًا بعلامات الصليب في يديه ورجليه.

 

7- كيف يكون غاضبًا أو منتقمًا وهو الذي قال: إن نسيت الأم رضيعها أنا لا أنساكم، وأيضًا لا أهملك ولا أتركك.

 

ففي زمن كورونا الذي تزامن مع الزمن الأربعيني المقدس وزمن الفصح اكتشفنا وتذكرنا حقيقية إيمانية هامة وهي: "إننا غير منسيين وغير متروكين".