موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٧ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٢

عيد سيّدة الوردية المقدّسة

بقلم :
البطريرك ميشيل صبّاح - القدس
"فَقَالَتْ مَريَم: أنَا أَمَةُ الرَّبِّ، فَلْيَكُنْ لِي بِحَسَبِ قَولِكَ" (٣٨)

"فَقَالَتْ مَريَم: أنَا أَمَةُ الرَّبِّ، فَلْيَكُنْ لِي بِحَسَبِ قَولِكَ" (٣٨)

 

اليوم عيد سيدة الوردية المقدسة. عيد سر تجسد كلمة الله. عيد ملكوت الله الذي لا نهاية له. عيد لمريم العذراء التي اختارها الله، عيد لملء القداسة التي زينها بها، لتكون أُمَّ الكلمة وأُمَّ الله. عيد محبة الله الذي انحنى على البشرية. عيد البشرية تدخل في سر الله الذي لا يُستَقصَى.

 

عيد لمريم العذراء أمِّ وشفيعةِ للبشرية. صلَّت وتصلِّي حتى الآن وتتشفع بنا. يسوع ابنها وكلمة الله أحبَّنا فبذل حياته ليخلصنا، فحرَّرنا من الخطيئة، وصرنا قادرين الآن أن نسير مع مريم ومثلها في أرض صارت طريق خلاص. أصبحنا قادرين أن نسير الى الله مع مريم العذراء.

 

ننظر ونتأمل في سر كلمة الله الذي صار إنسانًا، وفي سر حبه الذي بلغ به حتى تحمل الآلام والموت من أجلنا. ونتأمل في سر مجده وملكه الذي لا نهاية له، الذي هو الأبدية على الأرض كلها، شملها حب الله وربطها بالأبدية. فنحن لهذا مدعوون منذ الآن لنكون على الأرض وفي الأبدية في الوقت نفسه. مدعُوّون لنكون نحن أيضًا قادرين على أن نحب مثل حبّ مريم العذراء، وبشفاعتها، وبصلاتها، نقدر أن نحوِّل نحن أيضًا الأرض إلى أبدية مملؤة بنعمة الله.

 

نصلي المسبحة الوردية، في يوم عيد سيدتنا مريم العذراء سيدة الوردية، وفي كل يوم، لأن المسبحة صارت طريق خلاص. فيها نتأمل في كل مراحل تدبير الخلاص، وفي حب الله لنا، منذ يوم بشارة الملاك لمريم، ثم مع تسلسل الأحداث. فيها فرَحُ الله، وفيها آلامُ يسوع المسيح الذي تواضع وبذل نفسه في سبيل من أحب، أي من أجلنا. وفيها مجد الكلمة الذي صار إنسانًا وقام منتصرًا على الموت والخطيئة. وفيها نور الله، لكل من أراد أن يرى الله وأن يرى نفسه، وحقيقة قربه من الله، ومن الأبدية، على أرض الله هذه.

 

 "فَقَالَتْ مَريَم: أنَا أَمَةُ الرَّبِّ، فَلْيَكُنْ لِي بِحَسَبِ قَولِكَ" (٣٨). مع مريم العذراء، ونحن نتأمل في أسرار حياتها وحياة يسوع ابنها على الأرض، لنقل نحن أيضًا: لتكن مشيئتك، يا الله، في كل ما تصنع، في كل يحدث لنا، في أفراحنا وأحزاننا ودموعنا. لتكن مشيئتك. أنت المقرر ونحن الساعون في طرقك. يا مريم العذراء، أُمَّ الله وأُمَّنا، ملأكِ الله بنعمته، فجعل السماء فيك، وبك وبيسوع ابنك، جعل الأبدية على متناول الإنسان وهو على الأرض. علِّمينا أن نقول نحن أيضًا: لتكن مشيئتك، يا الله، في أفراحنا ودموعنا. علمينا أن ندخل الأبدية، في كل ظروف حياتنا. أعطنا أن نرى وأن نحب، مثلك. آمين.