موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٩ أغسطس / آب ٢٠٢٠

حَبْل النجاة

بقلم :
الأب سالم لولص - الأردن
لكن هل هناك حبل نجاة خاصٍ في حياتي؟

لكن هل هناك حبل نجاة خاصٍ في حياتي؟

 

ربما من أكثر المشاهد التي تَعْلق في رأسنا رؤية رجل في السيرك يسير على حبلٍ رفيع وعلى ارتفاعٍ عالٍ! يخطف أنفاس الحضور فلا يستطيعون أن يبعدوا نظرهم عنه. لحظاتٌ تختلطُ فيها مشاعر الخوف والقلق والرعب... يهمس في داخله: سَيْرِي على الحبل يُسعد الآخرين ويُسعدني أيضاً، لكن عندما أنزل سالماً بلا ضرر!

 

للحبل أهمية كبيرة خاصة في حياة البادية والحياة الكشفية فهو يُستخدم لتثبيت الخيمة التي تحمي وتأوي. كما أنّه يُستخدم في السفن ولمساعدة الغرقى وفي البناء وأمورٍ كثيرة جدّاً.

 

لكن هل هناك حبل نجاة خاصٍ في حياتي؟

 

حبل النجاة هنا لا أعني الحبل الملموس متعدّد الاستعمالات، بل حَبْلٌ خفيٌّ في حياتي غير مرئي. يكون المرشد والمعلّم والأب والأم والموجّه...إلخ. حَبْلٌ أتمسّك به كلما زادت الظلمة في حياتي!

 

يا تُرى ما هو حبل النجاة هذا الذي يجب أن أعتمد عليه من أول لحظة في حياتي حتى اللحظة التي أغمض فيها عيني للأبد؟ لابدّ أن يُشبه حجر الزاوية الذي يَعتمد عليه البناء، والطعام الذي يَعتمد عليه الجسم للنمو والبنيان.

 

حَبْل النجاة بالنسبة لي هو كلّ شخص يسير معي في مسيرتي على هذه الأرض! وبالأخص عائلتي وأصدقائي. لكنّ هذا الحَبْلَ مهما كان قويّاً ومتيناً فقد يخذلني يوماً ما! هناك حَبْلٌ من نوع آخر لا يمكن أن يخذلني أبداً هو الصليب!! الذي يربط السماء بالأرض، ويربطني أنا بالكنيسة والمؤمنين. الصليب حَبْلُ نجاتي إذ يُخرجني من أنانيّتي وكبريائي، ويُعلّمني الحبّ المجانيّ والتواضع وبذل الذات والمغفرة والعطاء دون حدود...إلخ. إنّه يمنحني الخلاص والسلام والرجاء.

 

لنتعلّق بصليب خلاصنا كما يتعلّق الجنين بالحَبْل السُرّي، فيستمدّ منه الغذاء والأكسجين ليبقى على قيد الحياة. ولا يتخلّى عنه إلّا حين يخرج لحياةٍ جديدة! لنجعل من حياتنا وتصرّفاتنا وأفكارنا حِبَال نجاةٍ تلتفّ حول الآخرين لا لتَخْنِقَهم بل لتَمُدَّهم بالأمل والفرح والقوّة والسعادة...إلخ. إلى أن نلتقي معاً في السماء.