موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٣ يونيو / حزيران ٢٠٢٥

الأحد الأول المعروف بأحد جميع القديسين 2025

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
الأحد الأول المعروف بأحد جميع القديسين

الأحد الأول المعروف بأحد جميع القديسين

 

الرِّسالة 

 

عَجِيبٌ هو اللهُ في قدِّيسيه

في المجامِعِ بَارِكُوا الله

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى العبرانيين (عبرانيين 11: 33-40، 12: 1-2)

 

يا إخوةُ، إنَّ القدِّيسينَ أَجمَعِين بالإيمانِ قَهَرُوا الممالِكَ وعَمِلُوا البِرَّ ونَالُوا المواعِدَ وسَدُّوا أَفْوَاهَ الأُسُود، وأَطْفَأُ واحِدَّةَ النَّارِ ونَجَوْا من حَدِّ السَّيْفِ وتَقَوَّوْا من ضُعْفٍ، وصارُوا أَشِدَّاءَ في الحربِ وكَسَرُوا مُعَسْكَرَاتِ الأجانِب. وأَخَذَتْ نساءٌ أَمْوَاتَهُنَّ بالقِيامة. وعُذِّبَ آخَرُونَ بتوتيرِ الأعضاءِ والضَّرْبِ، ولم يَقْبَلُوا بالنَّجَاةِ ليَحْصُلُوا على قيامةٍ أفضل. وآخَرُونَ ذَاقُوا الهُزْءَ والجَلْدَ والقُيُودَ أيضًا والسِّجن. ورُجِمُوا ونُشِرُوا وٱمْتُحِنُوا وماتُوا بِحَدِّ السَّيْف. وسَاحُوا في جُلُودِ غَنَمٍ ومَعْزٍ، وهُمْ مُعْوَزُون مُضَايَقَونَ مجَهُودُون، ولم يَكُنِ العالمُ مُسْتَحِقًّا لهم.  فكانوا تائِهِينَ في البراري والجبالِ والمغاوِرِ وكهوفِ الأرض. فهؤلاء كلُّهُم، مَشْهُودًا لهم بالإيمانِ، لم يَنَالُوا الموعِد. لأنَّ اللهَ سبَقَ فنظَرَ لنا شيئًا أَفْضَلَ، أنْ لا يُكْمَلُوا بدونِنَا.  فنحن أيضًا،إذ يُحْدِقُ بنا مثلُ هذه  السَّحابَةِ من الشُّهُودِ، فلْنُلْقِ عنَّا كُلَّ ثِقَلٍ والخطيئةَ المحيطَةَ بسهولةٍ بنا، ولْنُسَابِقْ بالصَّبْرِ في الجِهادِ الَّذي أمامَنَا، ناظِرِين إلى رئيسِ الإيمانِ ومكمِّلِهِ يسوع.

 

 

الإنجيل

 

فصل شريف من بشارة القديس متى (متى 10: 32–33، 37–38، 19: 27–30)

 

قال الربُّ لتلاميذِه: كلُّ مَنْ يعترفُ بي قدَّامَ الناسِ أعترفُ أنا بهِ قدَّامَ أبي الذي في السماوات. ومَن ينكرُني قدَّام الناس أنكره أنا قدَّامَ أبي الذي في السماوات. مَن أحبَّ أَباً أو أُمّاً أكثرَ منّي فلا يستحقُّني، ومَن أحبّ ابناً أو بنتاً أكثر منّي فلا يستحقّني. ومَن لا يأخذُ  صليبَهُ ويتبعُني فلا يستحقُّني. فأجابَ بطرسُ وقال لهُ: هوذا نحنُ قد تركنا كلَّ شيءٍ وتبعناك، فماذا يكونُ لنا؟ فقال لهم يسوع: الحقَّ أقولُ لكم، إنَّكم أنتمُ الذين تبعتموني في جيل التجديد، متى جلس ابنُ البشر على كرسيّ مجدِه، تجلِسون أنتم أيضاً على اثَنْي عَشَرَ كرسيًّا تَدينونَ أسباط إسرائيلَ الاِثنَي عَشَر. وكلُّ مَن ترك بيوتاً أو إخوة أو أخواتٍ أو أَباً أو أُمّاً أوِ امرأةً أو أولاداً أو حقولاً من أجل اسمي، يأخُذُ مِئَة ضِعْفٍ ويرثُ الحياة الأبديّة. وكثيرون أوَّلون يكونون آخِرين، وآخِرون يكونون أوَّلين.

 

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

 

تُحيي كنيستنا المقدسة اليوم تذكار جميع القديسين، أي جميع إخوتنا الذين لم يؤمنوا برسالة المسيح فحسب، بل مارسوا حقائق الإنجيل بحياتهم، وشجعونا بمثالهم على مواصلة جهاد الإيمان الصالح. إنهم إخوتنا المعروفون والمجهولون، الذين يتشفعون لدى الرب من أجل خلاصنا، ويصنعون المعجزات عندما نستغيث بهم بإيمان. إنهم كتب الإيمان الحية، قدوتنا ودليلنا على أن جهادنا ممكن وليس عبثًا، بل هو خلاصي ومُحيي. ولذلك نسمع اليوم من الإنجيلي متى ينقل إلينا كلام ربنا يسوع المسيح: "كل من يعترف بي أمام الناس، أعترف به أيضًا أمام أبي الذي في السموات، ومن ينكرني أمام الناس، أنكره أيضًا أمام أبي. من أحب أمه أو أباه أكثر مني فلا يستحقني، ومن أحب الأولاد أكثر مني فلا يستحقني، ومن لا يحمل صليبه ويتبعني فلا يستحقني". قال له بطرس: يا رب، ها نحن قد تركنا كل شيء واتبعناك، فماذا نستفيد؟

 

يَعِدُ المسيحُ أنَّ الرسلَ سيجلسونَ إلى جوارِ عرشِهِ يومَ مجيئِهِ الثاني، وسيدِنَ أسباطَ إسرائيلَ الاثني عشر، "وكلُّ مَنْ تركَ بيوتًا أو إخوةً أو أخواتٍ أو أمًّا أو أبًا أو امرأةً أو أولادًا أو حقولًا من أجلِ اسمي، سينالُ مئةَ ضعفٍ ويرثَ الحياةَ الأبدية". يُعدُّ إقرارُ الإيمانِ من أهمِّ أركانِ حياتنا. وقد حقَّقَ جميعُ القديسينَ هذا، أيْ أنَّهم اعترفوا بإيمانِهم بالمسيحِ وجعلوهُ في صدارةِ حياتهم، فوقَ كلِّ ما هو بشريٌّ ودنيويٌّ، ولذلك مجَّدهم اللهُ ونُكرِّمُهم اليوم. وعندما نتحدثُ عن إقرارِ الإيمانِ، فإننا نفكِّرُ بالتأكيدِ في الشهودِ الذين لا يُحصى عددُهم، الذين ضحَّوا بحياتهمِ لئلاَّ ينكروا إيمانَهم بالمسيح. لم يُبالوا بذلك، ولم يَرْتَعِبوا أمامَ أيِّ تهديد، ولم ينحنوا للألمِ والعذاب، ولم يُنكِروا المسيحَ حتى عندما قتلَ الطغاةُ أحبَّاءَهم وآبائهم أمامَ أعينِهم.

 

الأطفال والأزواج. بالنسبة لشهداء إيماننا، فإن أعظم خير لا يمكن لأحد أن يسلبه منا هو المسيح الذي لم ينكروه ولهذا السبب بقيت أسماؤهم مكتوبة إلى الأبد في سفر الحياة. ومع ذلك، فإن اعتراف الإيمان بالمسيح لا يتعلق فقط بالاستشهاد الجسدي، بل بموقف الإنسان بأكمله، وبالحضور الدائم للمسيح في قلبه وفي حياته. لقد قدم اعتراف الإيمان زهاد الصحراء، الذين ضحوا بكل حق وكل راحة، حتى قوت يومهم، من أجل محبة المسيح. كما قدم آباء كنيستنا اعتراف الإيمان، ورعوا شعب الله بمثالهم وبكتاباتهم، التي ناضلوا بها لتعليمنا في المسيح ودحض أخطاء البدع. كما قدم جميع القديسين اعتراف الإيمان، حتى أولئك الذين ما زالوا مجهولين لنا والله وحده يعلم. كل مؤمن مدعوٌّ للاعتراف بالمسيح في كل عصر وفي كل ظرف، وفي كل جانب من جوانب حياته اليومية ونشاطاته، في العمل، في المنزل، في التفاعلات الاجتماعية، في المجتمع، مع كل فرد من إخواننا البشر. ولا سيما في عصرنا هذا، حيث تُحاول السلطات تقييد الإيمان في الحياة الخاصة للإنسان، حيث يُهاجم المسيح وإيماننا بوسائل جديدة، وتحت ذريعة ما يُسمى بحقوق الإنسان، ينبغي أن تُولي كلمة ربنا اهتمامًا أكبر لنا.

 

وهذا لأننا، للأسف، غالبًا ما نتجاهل المسيح ونضع أولويات أخرى في حياتنا. ننشغل بأمورنا اليومية، بعملنا، بعائلتنا، برغباتنا، بكيفية أن نصبح محبوبين و"ناجحين" في بيئتنا الاجتماعية، وننسى المسيح أو لا نتحدث عنه كثيرًا خشية أن يُساء فهمنا أو نُهمّش. ولكي لا نجد أنفسنا على هامش المجتمع، نختار أن نضع المسيح على هامش حياتنا، وأن نتعامل معه سرًا وخصوصًا عندما لا يرانا الآخرون. في هذا الإغراء المعاصر، دعونا لا ننسى أن لا فضيلة أهم من الاعتراف العلني بإيماننا بالمسيح، ليس بالكلام فقط، بل بأعمالنا وأفعالنا. وإلا إن لم نطبق ما يحثنا عليه المسيح اليوم، فسنُفاجأ يومها عندما نصرخ: "يا رب، افتح لنا" فيجيبنا: "حقًا، لا أعرفك".

 

الاحتفال بعيد جميع القديسين في البيت

 

لكل منا شفيع ويحمل اسمه منذ عمادنا. هذا الاسم يدل على ارتباطنا بعائلة روحية هي الكنيسة، وعلى أننا مسيحيين وعلينا التصرف حسب من نحن. توجد لنا علاقة خاصة مع القديس الذي نحمل اسمه فهو يصلي من أجلنا، نطلب شفاعته، ونقتدي بإسلوبه في اتباع المسيح، ونعلن أن ذكره مؤبد ونجسِّده باسمنا وأعمالنا.

 

في هذا اليوم، عيد جميع القديسين، علينا في البيت كعائلة أن نصلي ونجدد علاقتنا بشفيعنا. ففي البيت نحتفل بالعيد خلال الاسبوع، فنضع ايقونات القديسين الذين نحمل اسمهم ، ونضع مزهرية ورد ونضيء شمع أمام الايقونات. ويقوم كل عضو في العائلة بتلاوة حياة القديس الذي يحمل اسمه (إذا كان لدينا أطفال، يتلو الاهل قصة القديس) أو ما يميّزه. كما ونتلو طروباريتهم قبل وجبات الطعام. يمكن اجراء مباراة عائلية حول القديسين.

 

الكنيسة هي عائلة، جسدها نحن ومن سبقونا الى الحياة الأبدية، ورأسها هو المسيح. إنَّ احتفالنا، بعيد جميع القديسين، يساعدنا على رؤية الكنيسة ليست كمؤسسة، انما كعائلة روحية مشاركة في فرح المسيح.

 

 

الطروباريات

 

طروبارية القيامة باللحن الثامن

انحدرتَ مِنَ العُلُوِّ يا مُتَحَنّن. وقَبِلْتَ الدَّفنَ ذا الثلاثةِ الأيام. لكي تُعتِقَنا مِنَ الآلامِ فيا حياتَنا وقيامَتنا يا ربُّ المجدُ لك.

 

طروباريَّة أحد جميع القدِّيسين باللَّحن الرَّابِع

أيُّها المسيحُ الإله، إِنَّ كنيسَتَكَ إذ قد تزيَّنَتْ بدماءِ شُهَدائِكَ الَّذين في كلِّ العالم، كأنَّها ببرفِيرَةٍ وأُرْجُوَان. فهي بهم تهتِفُ إليكَ صارِخَة: أَرْسِلْ رأفَتَكَ لشعبِكَ، وٱمْنَحِ السَّلامَ لكنيسَتِك، ولنفوسِنَا الرَّحمةَ العُظْمَى.

 

قنداق أحد جميع القدِّيسين  باللَّحن الرّابع

أيُّها الرَّبُّ البارِئُ كلَّ الخليقةِ ومُبدِعُها، لكَ تُقَرِّبُ المسكونَةُ كبواكيرِ الطَّبيعة الشُّهَدَاءَ اللاَّبِسِي اللاَّهوت. فبتوسُّلاتِهِم اِحْفَظْ كنيسَتَكَ بسلامَةٍ تَامَّة لأَجْلِ والِدَةِ الإله، أيُّها الجَزِيلُ الرَّحْمَة.