موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٩ يوليو / تموز ٢٠٢٠

إبداع المحبة.. دعوة للشبيبة!

بقلم :
رافي سايغ - سورية
رافي سايغ

رافي سايغ

 

وجه قداسة البابا فرنسيس دعوة خاصة للشبيبة، وذلك في كلمته بذكرى القديسين يواكيم وحنّة جدّي يسوع وقال: أرغب في دعوة الشباب لكي يقوموا بتصرف حنان تجاه المسنين ولاسيما الوحيدين في بيوت الراحة وأولئك الذين لا يرون أحباءهم منذ أشهر. أيها الشباب إن كل فرد من هؤلاء المسنّين هو جدّكم! لا تتركوهم وحدهم! استعملوا ابداع المحبة لكي تجروا مكالمة هاتفية أو عبر الفيديو، أرسلوا لهم رسائلاً واصغوا إليهم وحيث أمكن الأمر اذهبوا أيضًا لزيارتهم في الاحترام التام للقواعد الصحيّة. عانقوهم لأنهم جذوركم. والشجرة التي تُقلع من جذورها لا تنمو ولا تزهر ولا تثمر. لذلك من المهم أن تحافظوا على الوحدة والرابط مع جذوركم، لأن الأزهار التي نراها على الشجرة تأتي من الجذور المدفونة في الأرض كما يقول أحد الشعراء في بلادي.

 

دعوة خاصة أطلقها قداسة البابا فرنسيس وموجهة تحديدًا إلى الشباب تحت عنوان إبداع المحبة! قد تبدو هذه الكلمات مملة ومستهلكة لدى البعض، ولكنها في الحقيقة كلمات تدفعنا لعيش وصنع الرجاء من جديد وهذه المرة من خلال المحبة.

 

شابٌ هو الله، وهو متجدد أبدًا بالمحبة. فالمحبة لا تشيخ أو تتعب، هي مثل النبع الذي لا ينضب مَاؤُهُ ويستمر بالتدفق بالرغم من كل الفصول التي تمر قاسية كانت أو سهلة. فكيف يكون عيش المحبة ونحن نعاني الكثير جراء تفشي وباء كوفيد 19؟

 

تدفعنا هذه الدعوة إلى التفكير بشكل عميق نحو قضية مهمة، وهي دور الشبيبة في المجتمع وسط التحديات التي تواجهنا؟ فالكثير من الشباب والشابات يواجهون صعوبات كبيرة غالبًا ما تعيق تحقيق أحلامهم أو حتى تسمح لهم ان يستمروا بعيش الحياة بكرامة. تتجلى هذه الصعوبات في قلة فرص العمل أو حروب  تمزق بلادنا وأسباب أخرى كثيرة.

 

مع هذا كله علينا ألا نفقد ثقتنا بدورنا الريادي كشباب في المجتمع، وأمام هذا السواد علينا أن نلون حياتنا بالأمل وأيضا بالإبداع!

 

هذه هي فرصة كل شاب وشابة، نعم فالوقت مناسب جدًا لكسر القيود التي تكبلنا وتمنعنا من تحقيق تغيير إيجابي. لدى الكثير من الشبان أفكار جميله، ولكن بسبب فيروس الكورونا أقفلت الكنائس ابوابها تماشياً مع القرارات الحكومية. وشعر قسم كبير بالعجز بسبب عدم وجود مكان ما من خلاله تترجم هذه الافكار وتتحول الى أفعال. إذًا هذا هو وقت نجاح الجهود الفردية لكل شخص مننا وبالتالي نكون علامة عمل ومحبة في محيطنا.

 

يطلب قداسة البابا فرنسيس هذه المرة ان يكون تركيز الشبان على فئة غالبًا ما ننساها وقد يبتعد البعض عنها وهم كبار السن وقد يكونوا بجوارنا ولا نشعر بهم، هم أشخاص كانوا بدورهم شباب وهم الآن يعيشون الوحدة وألم فراق الأحبة. فكم جميلٌ ان نملئ فراغنا بأعمال المحبة وفوق المحبة نضيف لمسة إبداع على طريقة تواصلنا معهم! فهذه الظروف القاهرة التي نختبرها هي التي تدفعنا إلى خلق مبادرات جديدة نكون نحن صناعها وأدوات تحقيقها.

 

هذه الدعوة تمس كل شاب وشابة، والأجمل انه يمكنك أيضًا أن تكون أنت بدورك صاحب الدعوة! وتصنع فرق في محيطك وتنقل لغيرك عدوى المحبة.

 

لا يمكننا فهم قوة وأثر المحبة إلا عندما ندرك أن المحبة ليست قول نردده فقط بل فعل، وهذا الفعل هو أبعد من تصورنا، هو ببساطة تضحية وبذل وبشكل مجاني. في كل مرة تتعبنا الأيام نتذكر من أحبنا حتى البذل وقدم نفسه فداءً عنا وهو معلم المحبة الأول السيد المسيح.

 

يقول القديس فرنسيس السالسي "المحبة فضيلة عظيمة، هي الوسيلة والغاية، الحركة والهدف والطريق التي تقود إلى ذاتها. ما علينا أن نفعل لكي نحب، يجب أن نحب بكل بساطة. كما يتعلم المرء العزف على العود وهو يعزف على العود او كما يتعلم ان يرقص وهو يرقص".

 

إذا لنتذكر أن المحبة هي الوسيلة والغاية، وهي بكل جمالها طريق يقودونا إلى الفرح الحقيقي. الشبيبة اليوم مدعوة لعيش هذا الفرح بالتطوع والخدمة، دعوة أطلقها قداسة البابا فرنسيس وهي بمثابة فرصة ليجد فيها كل شاب دوره، ويضيف عليها شيء من إبداعه الشخصي في التواصل ورعاية الآخر. رتب أفكارك جيداً نحو صنع عمل المحبة، تواصل مع كاهن رعيتك لتبحث عن كل شخص هو بأمس الحاجة إلى محبتك، أزهر حيثما أنت مزروع وتذكر أن حبة الحنطة لتملئ السهول تموت وتثمر، وكذلك نحن بالمحبة  نبني مجتمعاتنا ونصنع التغيير الذي نحلم فيه. وعندما تصنع إبداع المحبة! لا تنسى أن تلتزم بالإجراءات الوقائية حتى يكون عملك علامة محبة وشفاء والتزام  وبهذا تدل على أن الشبيبة هي شرط ومشروع لكل مجتمع يحلم بالتقدم والتطور.

 

المسيح موجود في كل شخص وحيد ومريض، فمن يعزي المسيح المتألم في الآخرين؟