موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الرِّسَالة
قوَّتي وتّسبحتي الرّبُّ
أدبًا أدَّبني الرّبُّ وإلى الموتِ لَم يُسلِّمني
فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل أفسس (6 : 10-17)
يا إخوة، تَقوَّوا في الرّبِّ وفي عزَّةِ قدرتِه. اِلبَسُوا سلاحَ اللهِ الكاملَ لتستطيعوا أن تَقِفوا ضِدَّ مكايِدِ إبليس. فإنَّ مصارَعَتَنا ليست ضِدَّ دمٍ ولحمٍ بل ضِدَّ الرِّئاساتِ، ضدَّ السَّلاطينِ، ضدَّ ولاةِ العالم، عالمِ ظُلمةِ هذا الدَّهر، ضِدَّ أجنادِ الشرِّ الروحيَّةِ في السّماويَّات. فلذلكَ احمِلوا سلاحَ اللهِ الكاملَ لتستطيعوا المقاومةَ في اليومِ الشّرّير، حتَّى، إذا تمَّمتُم كلَّ شيءٍ، تثبُتُوا. فاثُبُتوا إذَنْ ممنطِقينَ أحقاءَكم بالحقِّ ولابسينَ درعَ البِرّ، وأَنعِلوا أقَدامَكم باستعدادِ إنجيل السَّلام، واحمِلوا، عِلاوةً على كلّ ذلك، تُرسَ الإيمان الذي بهِ تقدِرون على أن تُطفِئوا جميِعَ سهامِ الشّرّيرِ الملتهبة، واتَّخِذوا خُوذَةَ الخلاصِ وسيفَ الرّوحِ الذي هو كلمةُ الله.
الإنجيل
فصل شريف من بشارة القديس لوقا (18: 35-43)
في ذلك الزمان فيما يسوع بالقربِ من اريحا كان اعمى جالسًا على الطريق يستعطي * فلمَّا سمع الجمعَ مجتازًا سأل ما هذا * فأُخبر بانَّ يسوعَ الناصريَّ عابرٌ * فصرخ قائلاً يا يسوع ابنَ داودَ ارحمني * فزجرهُ المتقدّمون ليسكتَ فازداد صراخًا يا ابنَ داود ارحمني * فوقف يسوع وأَمر ان يقُدَّمَ اليهِ * فلمَّا قرُب سأَلهُ ماذا تُريد ان اصنعَ لك . فقال يا ربُّ أن أَبصِر * فقال لهُ يسوع أَبصَرَ. ايمانك قد خلَّصك * وفي الحال أَبصَرَ وتبعهُ وهو يمجّد الله . وجميع الشعب اذ رأَوا سبَّحوا الله .
بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد.أمين
يا رب يسوع المسيح، ارحمني أنا الخاطئ. ترد في الأناجيل العديد من حالات شفاء العميان. شفاء اليوم يحدث في أريحا، المعروفة في العهد القديم بـ"مدينة النخيل". لذا تُتاح لنا فرصة مشاهدة مأساة إنسانية والحل الذي يقدمه المسيح مُنيرًا حياة الناس.
هل يُمكننا تخيّل الحالة النفسية للأعمى في هذا المقطع الإنجيلي؟ إذ كان يشعر بعطايا الله من حوله، لم يستطع أن يراها بعينيه، ليُكوّن صورةً عن جمال هذا المكان المبارك. ولم يستطع أن يشعر بأنه عضو فاعل في المجتمع، يتواصل مع إخوانه البشر، ويُنشئ علاقات شخصية واجتماعية. منغلقًا في "عالمه"، في أفكاره، بمرارة الرفض والوحدة، ينتظر طوال اليوم فتاتًا من الحب هناك، على ناصية شارع مزدحم. الجميع يركض للحاق به، الجميع في عجلة من أمره، قلق، لديه التزامات وهموم كثيرة ومتنوعة، مستمتعًا بالطبع بنور الحياة وأفراحها. لكن مركزهم المرجعي المطلق هو الأنا. يعيشون في عمى روحي، غافلين تمامًا عن أصلهم الإلهي جاحدين نعمة الخالق.
حسنًا، لا يبدو أن الرجل التعيس يُحرك مشاعر رفاقه إطلاقًا. لكنه لم يُخَيَّب أمله. يُخفي في داخله صبرًا عجيبًا. وهذا تحديدًا ما سيُثمر في المعجزة. عندما سمع صراخ الجموع المُسرعة من أمامه، سأل وعلم أن المسيح قادم. ثم بكل ما أوتي من قوة، صرخ قائلًا: "يا يسوع، يا ابن داود، ارحمني". بدلًا من أن يُشفق عليه رفاقه ويُساعدوه على الاقتراب من المُخلِّص، وبَّخوه ليصمت. ومع ذلك يُصرُّ الرجل المُتألِّم على الصراخ وسط الجموع، طالبًا معونة يسوع. كيف لا نُعجَب بصبره وثباته ومثابرته وإيمانه القوي؟ حسنًا هو على عكس الجموع، لا يحتقره. لا يمرُّ بجانبه. بل يتوقف. هو السامري الصالح للبشرية، يُصدر الأمر بإحضاره إليه. يقترب منه ويُحاوِره. سأله بهدوء: "ماذا تريدني أن أفعل لك؟" فطلب نوره، كعادته. ولم يكن يعلم ما يطلب فحسب، بل الأهم أنه كان مستحقًا لنعمة الله. وأكد المسيح ذلك إذ شفاه فورًا وأخبره أن إيمانه قد خلّصه. فلم يلتفت بل تبعه مُسبّحًا الله كما فعل جميع الناس بعد ذلك.
كم مرة ونحن نسير في الشوارع ونتجول في الساحات، لا نصادف مثل هؤلاء الأشخاص ونتظاهر بعدم رؤيتهم؟ كم مرة لا نمرّ بأشخاص يتألمون بشدة، بجوارنا، بالقرب منا، في حيّنا، بلا مبالاة، بلا رحمة، دون دمعة عزاء واحدة؟ عادةً ما يُسببون عدم الرضا والاضطراب النفسي لدى من يتمتعون بالسلامة الجسدية والصحة والممتلكات المادية والمعارف والعلاقات. بمجرد رؤيتهم أو معرفتهم أو طلبهم المساعدة، نصبح "قضاة". دون معرفة الماضي والأسباب التي قادتهم إلى هناك، نقرر رفضهم. وهكذا ربما نعزل أو نطرد إخوة وأخوات المسيح، وغالبًا الصغار الذين يريدون وهو يدعوهم لمعرفته.
ثم، هل تساءلنا يومًا كم مرة سأل الرب كل واحد منا: "ماذا تريدني أن أفعل لك؟" ربما، ونحن نعيش في "عالمنا". عالم مليء بالأصنام الحديثة. لا نسمع صوته؟ ربما، وقد أبهرتنا أنوار العالم، التي تتلألأ كاليراعات ثم تنطفئ سريعًا، لا نستطيع الشعور بنوره؟ أو ربما تُخفي أصواتنا و"تردداتنا"، بل وحتى ترانيمنا الصاخبة والقاسية في كثير من الأحيان، دعواته التي نشعر بها من خلال الصمت واللطف والتواضع؟ ربما يُؤدي سوء استخدام التكنولوجيا وإساءة استخدامها، في المنازل وأماكن الترفيه، وحتى في المعابد -في كل مكان- إلى عزلنا عن الله وعن إخواننا البشر. إنها تُصعّب التواصل الإنساني الحقيقي بشكل لا يُصدق بل تُدمّره.
نحن نتجه نحو عيد الميلاد، والفقر والجوع والبؤس يحيط بنا. أناسٌ يتألمون، محرومون، محتقرون، يرفعون أصواتهم بالدعاء. فهل نمرّ بهم بلا مبالاة، غير متأثرين؟ من أريحا الجميلة، حيث حارب المسيح التجارب وهزمها، مع صدى مياه الينابيع الباردة، تصل صرخة الأعمى إلى آذاننا بوضوح أكبر، الذي آمن به إيمانًا حقيقيًا وطلب معونته بعد أن سمعه قليلًا. نحن أيضًا إذا تخلصنا من غبار الأنانية والرضا عن الذات والثقة المفرطة بالنفس، سنتمكن من الانخراط في البحث عن الرب، بصلاة "قلبية" أو "عقلية": "يا رب يسوع المسيح، ارحمني أنا الخاطئ"
الطروباريات
طروباريَّة القيامة باللَّحن الثاني
عندما انحدرتَ إلى الموت، أيُّها الحياةُ الذي لا يموت، حينئذٍ أمتَّ الجحيمَ ببرقِ لاهوتِك. وعندما أقمتَ الأمواتَ من تحتِ الثَّرى صرخَ نحوكَ جميعُ القوَّاتِ السَّماويّين: أيُّها المسيحُ الإله، معطي الحياةِ، المجدُ لك.
قنداق تقدمة الميلاد باللَّحن الثالث
اليوم العذراء تأتي إلى المغارة لتلد الكلمة الذي قبل الدهور، ولادةً لا تفسّر ولا يُنطق بها. فافرحي أيّتها المسكونة إذا سمعتِ، ومجّدي مع الملائكة والرعاة الذي سيظهر بمشيئته طفلاً جديداً، الإلهَ الذي قبل الدهور.