موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٤ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٤

من كاريتاس الاردن ... رسالة محبة وسلام

بقلم :
وائل سليمان - الأردن

إخواني الأعزاء، الإنسانية تمر بفترة صعبة جداً من حياتها، فوضى عارمة تَجتاح عالمنا، فوضى في الأخلاق والقيم والمبادئ، خلل في الأنظمة الكونية التي وضعها الإنسان يوماً ما لتنظيم حياته وحياة الآخرين. والشرق الأوسط ضحية من ضحايا الفوضى غير المسؤولة والتي يدفع ثمنها الإنسان في منطقتنا، إبتداءً من فلسطين التي تَنزف دما منذ حوالي 66 عاماً وقد عُقدت المؤتمرات والندوات والإجتماعات ولربما تَخطت حاجز المليون إجتماع من أجل القضية، ولا زالت فلسطين جريحة وشعبها مشتتا في كل مكان على هذه الأرض. ومن ثم النزاعات المتنوعة في لبنان ومصر والعراق والسودان ومجاعات في الصومال وجيبوتي وخلافات في اليمن والبحرين وحروب شرسة مع إسرائيل وغيرها، ومن ثم زارنا الربيع العربي الذي آراد التغيير من السيئ الى الأسوء، ابتداء من تونس الأرض الخضراء وتوجه بعدها بعنف نحو مصر ودًمر ليبيا واليوم يقلع جذور تاريخ بلاد الشام من سوريا والعراق. المعاناة تَكبر وإستنزاف الدماء كشلالات مياه في أرجاء أوطاننا المقدسة، ندفع ثمن تاريخنا العريق، ندفع ثمن غنى تنوعنا وغنى حضاراتنا المتنوعة والفريدة والمميزة، ندفع ثمن بلاد إختارتها السماء لتكون حاضنة لرُسلها وأرض خصبة لتنطلق منها رسالات سماوية الى آرجاء المعمورة، ندفع ثمن جمال الطبيعة وروعة الصحراء وإندفاع المياه من كل جانب، بحار وأنهار وأهرامات والبتراء وقديسي لبنان والمسجد الأقصى وكنيستا المهد والقيامة، ندفع ثمن شعب يحب القراءة والكتابة، يهوى الصيد والزراعة، أبناؤه الوزير وعامل الخدمات والنجار والمعلم والطبيب الجراح، ندفع الثمن لأننا نريد الحياة لا الموت، نريد السلام لا الحرب، نريد ان نعبد الله وليس الإنسان. كل يوم نَجمع عدد الموتى وبالتحديد في العراق وسوريا، كأننا تحولنا بلمحة بصر الى أعداد وليس الى إنسان، لا قيمة لنا سوى عددنا بين الضحايا، اليوم هم وغداً ربما نحن، والمجتمع الدولي يتفرج علينا ويستنكر ويبدي إنزعاجه ويرسل لنا فتات المساعدات حتى يغسل يده ويتبرئ من المسؤولية الإنسانية والإجتماعية والأخلاقية، ونحن لا حول لنا ولا قوة ، نُخير بطرق الموت، ونتمنى الأسرع منها حتى لا نَشعر بالآلم، منا مَن هَجر هذة البلاد حتى يجد وطنا بديلا لوطنه، ومنا مَن حمل معه وطنهُ الى أقاصي الأرض حتى يبدأ مسيرة جديدة في أرض بعيدة. اتساءل الى متى سيبقى المجتمع الدولي نائما؟ الى متى نحن نتعذب وهو يتلذذ؟ الى متى نحن الضحية وهو الغير معني؟ الى متى سنبقى رهينة أحكام فُرضت علينا دون سماع صوتنا؟ الى متى أبناؤنا تحت القصف وتحت عجلات المدرعات تجرفهم كل لحظة والسيارات المفخخة تقضي على الطفولة التي هي مستقبل بلادنا البعيد؟ الى متى أيها المجتمع الدولي ستبقى تَذكرنا فقط في الأخبار وتحت قُبب القاعات وخلال مأدبات الغداء والعشاء؟ الى متى؟ آلم تأت الساعة حتى يبدأ العالم بتضميد الجراح؟ آلم يأت الوقت حتى نَمسح الدمعة ونُرجع الإبتسامة ونُحيي الأمل ونَغسل الدماء بمياه بحارنا الطاهرة؟ آلم يأت الوقت حتى تتخطى الإنسانية محدوديتها وتلتجئ الى الله الأب المُحب الذي يرى أبناءه يتصارعون من أجل لا شئ يذكر؟ آلم يأت الوقت حتى نجعل من الكرة الأرضية قرية صغيرة محكومة بمبادئ إنسانية ومنظمة بقوانين لخير الإنسان والطبيعة؟ آلم يأت الوقت لبناء مجتمع عادل ونقي والأخوة الشاملة هي الرابط بيننا والإنسانية الجديدة هدفنا والمدينة الفاضلة بيتنا؟. اذا أردنا التغيير فنستطيع ان نبدأ من الآن، لنمد آيدينا الى آخوتنا من العراق وسوريا في الداخل او في الدول المستضيفة لهم، لنتسابق على فعل الخير، لعلّ وعسى ننقل خبرتنا الإيجابية الى كل إنسان على هذة الأرض، لا أظن بأن آحدنا لم يشاهد ماذا يحصل هناك، القتل بالجملة والقنابل بالآلاف وقطع الرؤوس بدون أسباب كأنها هواية أو رياضة جديدة في أوطاننا العربية. أرجو منكم المساعدة في كل شئ، المساعدة المالية والعينية والصلاة والصوم والضغط على الحكومات في العالم أجمع للتدخل الإيجابي، كل شئ نحن بحاجة إليه حتى يتحقق مبتغانا ونصل الى يوم ما نرى فيه العالم، عالم سلام ومحبة. وائل سليمان المدير العام للكاريتاس الأردنية