موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٦ مايو / أيار ٢٠٢٤

لا تخفتوا صوت الفن

رنا حداد

رنا حداد

رنا حداد :

 

في خضم الصراعات والاضطرابات تحاول أصوات الفن ونغمات الموسيقى أن تخفف من دوي آلات الحرب والقتل، لكنها تجابه بالرفض وبكيل التهم انها في واد والعالم في واد آخر.

 

صحيح انه لا يمكن المبالغة في أهمية الفن في زمن الحرب ، لكن تضطرنا قدرته على التأثير والتغيير ، أن نتحدث ونقول الحقيقة اليوم بعد ان رأينا وسمعنا كيف كان للفن وأهله دورا بارزا في تشكيل الرأي العام خاصة الغربي الذي كان لزمن طويل لا يسمع إلا ما تقدمه له وسائل إعلام لا تخلو أجندتها من خداع وتضليل منحاز لجهة دون غيرها.

 

هنا استذكر ما حدث منذ ايام وعلى هامش تصفيات مسابقة الأغنية Erovision في مدينة «مالمو» جنوب السويد حيث أثار المغني السويدي الفلسطيني الأصل، ايريك سعادة، ضجة كبرى بإرتداء الشال الفلسطيني حول سوار يده عند تقديم أغنيته في المسابقة ، ما حذا بالتلفزيون الرسمي السويدي راعي المهرجان إلى الإعتذار عما فعله ايرك.

 

رد ايرك سعادة على إعتذار التلفزيون بأنه تصرف عنصري؛ وأن الشال يعني له الكثير كونه هدية من والده منذ الصغر ويذكره بانتمائه الفلسطيني الذي يعتز به. وهذا الرد نال تأييد الجمهور وتعاطفه ، لنعي من هذه الحادثة أن الفن والفنان يقدمان رسالة يمكن ان تؤثر بالرأي العام رفضت ام قبلت.

 

وقبل كل شيء يمكن أن يكون الترفيه بمثابة أداة للدعاية والحرب النفسية، وتشكيل الرأي العام وتعزيز الحماسة القومية. ومن الجيد إستخدام الأفلام والبرامج الإذاعية والتلفزيونية والأغاني ايضا وغيرها من أشكال وسائل الإعلام، لحشد الدعم وتعزيز الوطنية بين الناس.

 

ومع ذلك، فمن الضروري إدراك الآثار الأخلاقية لاستخدام الترفيه لأغراض الدعاية والحماية من التلاعب بالرأي العام لتحقيق أهداف سياسية.

 

لا يمكن اغفال قوة الموسيقى والمسرح والأدب وغيرها من أشكال الترفيه بأن توفر فترة راحة تشتد الحاجة إليها من الحقائق والتبعيات القاسية للصراع، فالترفيه يقدم عددًا لا يحصى من الوظائف الحيوية في خضم الصراع. وبينما نفكر في دور الترفيه في الحرب، نتذكر قوته الدائمة في الارتقاء بنا وإلهامنا وتوحيدنا في سعينا الجماعي لتحقيق السلام والقدرة على الصمود.

 

الفن مؤخرا اثبت قدرة من خلال خلق رؤى جديدة ومفاهيم غير تقليدية للنزاعات بطرق خاطبت الاجيال الحديثة ،مما ساهم في كسر النماذج النمطية وتوسيع آفاق الفهم والتعاطف، هذا كان جليا في ردود الأفعال بالصراع الدائر اليوم في غزة، ولا ينكر أحد ان الفن والادوات الحديثة ولدت بيئة محايدة وأمنة للنقاش والحوار وعدم قبول ما يقدم من وجهة نظر أحادية حول القضايا الانسانية والصراعات.

 

الفن ليس فرحا بالمطلق فهو ايضا يعبر عن الألم والأمل والصمود في وجه الصعوبات.

 

والموسيقى والشعر، رسائل تعبر والاهم توضح وتعزز الصمود والامل والهوية، لذا لا تخفتوا صوت... الفن.

 

(الدستور الأردنية)