موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في هذا اليوم المبارك، نعود بالذاكرة إلى 13 أيار 1917، عندما ظهرت العذراء مريم للأطفال الثلاثة في فاطيما: لوسيا، فرانشيسكو، وجاسينتا. كانوا مجرد أطفال، لكنهم اختيروا ليكونوا شهودًا على رسالة من السماء .براءة الطفولة فيهم لم تكن ضعفًا، بل كانت قناةً صافية تنعكس فيها نعمة الله. بثقتهم البسيطة، آمنوا، أطاعوا، وصلّوا... وحملوا للعالم دعوة مريم إلى التوبة، الصلاة، والتكفير.
يا أمنا مريم، نحن نتأمل معك اليوم في: براءة الطفولة التي يطلب الرب منا أن نستعيدها: "إن لم تعودوا مثل الأطفال، لن تدخلوا ملكوت السماوات"؛ ثقة الإيمان التي أظهرها هؤلاء الأطفال الصغار وسط الخوف، الرفض، وسخرية العالم؛. وألم الأطفال المتروكين الذين في زمننا لا يجدون من يصغي لهم، أو يرافقهم، أو يحبهم حبًا نقيًا.
فاطيما ليست فقط اسمًا لمكان، بل هو نداء مريمي عابر للزمن. في زمن الحروب والخوف، اختارت أمنا العذراء أن تظهر للقلوب الأكثر نقاوة: الأطفال. أرادت أن تذكّرنا أن التغيير يبدأ من الداخل، من القلب المصلّي، من النفوس التي تؤمن، تُضحّي، وتحب. هؤلاء الأطفال لم يكونوا علماء لاهوت ولا أصحاب سلطة، بل أطفالًا صغارًا، يحملون براءة الطفولة وثقة الإيمان .لكنهم أنصتوا، فهموا، ولبّوا الدعوة: أن يصلّوا الوردية كل يوم، أن يقدّموا آلامهم من أجل الخطأة، وأن ينشروا عبادة قلب مريم الطاهر.
نحن اليوم، في زمن يعجّ بالفوضى الروحية، بحاجة أن نرجع إلى فاطيما... إلى تلك الظهورات التي لا تزال تهمس للعالم: "توبوا، صلّوا، واثقوا بأن قلبي الطاهر سينتصر."
صلاة
يا عذراء فاطيما، نضع بين يديك كل الأطفال في العالم، خاصة المتروكين والمجروحين والمحرومين من الطفولة. اجعلينا أداة سلام، وصوتًا يدافع عنهم، ويدًا ترفعهم إليك. علّمينا أن نثق كما وثق لوسيا، فرانشيسكو، وجاسينتا. ساعدينا لنحب كما أحبّوا، ونصلّي كما صلّوا، ونطيع دعوة السماء كما أطاعوا. آمين.
تأملات في أسرار مسبحة فاطمة
السر الأول: ظهور العذراء في 13 أيار – نداء السماء لأبسط القلوب
"هل أنتم مستعدون لتقدّموا أنفسكم لله؟" هكذا سألت العذراء الأطفال الثلاثة في أول ظهور. لم يكن فيهم تردّد، بل موافقة صادقة من قلوب صغيرة، فهمت أن الحبّ الحقيقي هو في البذل والطاعة.
تأمل: يا مريم، يا من اخترتِ الصغار لتتكلّمي للعالم، اجعلينا نحن أيضًا قادرين أن نصغي كما أصغوا، ونحب كما أحبوا، ونثق كما وثقوا. علّمينا أن نكون مستعدين دومًا لنقول: "نعم، نحن مستعدون." آمين
السر الثاني: الصلاة اليومية للوردية – مفتاح السلام
"صلّوا الوردية كل يوم من أجل السلام في العالم." بهذه العبارة، قدّمت العذراء العلاج الأبسط لأخطر الأزمات. في عالم تتسارع فيه الأسلحة، اقترحت حبّات مسبحة! لكنها حبّات مملوءة بالإيمان، تتدحرج لتزرع السلام.
تأمل: يا أمّنا، اجعلينا نفهم قوة الوردية، وأنها ليست تكرارًا مملًا، بل لقاءٌ معك ومع يسوع في كل سر. علّمينا أن نصليها بإيمان حي، حاملين بها جراح العالم إليكِ. آمين
السر الثالث: رؤية الجحيم – ألم المحبة لأجل الخطأة
"رأيتم الجحيم، حيث تسقط نفوس كثيرة." أرادت العذراء أن تفتح عيون الأطفال لا على الرعب، بل على مسؤولية الصلاة من أجل الخطأة. رؤية الجحيم أشعلت فيهم نار التكفير، لا الخوف.
تأمل: يا قلب مريم، علمينا أن نحب الخطأة كما أحببتهم، وأن نقدّم صلواتنا، أتعابنا، وحتى صمتنا، من أجل خلاص النفوس. اجعلنا جسور رحمة، لا قضاة. آمين
السر الرابع: آلام الأطفال – تقدمة المحبة الصامتة
الأطفال قدّموا صعوباتهم بصمت. تحمّلوا المرض، السخرية، الرفض، والمرض. لكنهم لم يطلبوا شيئًا سوى أن تكون آلامهم هدية حب من أجل يسوع ومريم.
تأمل: يا أمنا، نحن نشتكي بسرعة ونتذمّر، بينما هؤلاء الصغار حملوا صليبهم بفرح. علّمينا نحن أيضًا أن نرى في ألمنا مشاركة في خلاص العالم، وأن نقدّمه بقلبٍ مُحب لا ساخط. آمين
السر الخامس: انتصار قلب مريم الطاهر – الرجاء الأخير
"في النهاية، سينتصر قلبي الطاهر." وعدٌ لا يزال يردّد صداه في كنيسة اليوم. رغم الشر والاضطهاد والضياع، يبقى قلب مريم هو المنارة، وهو الرجاء.
تأمل: يا قلب مريم المنتصر، اجعلنا أدواتك في هذا العالم. اجعل من قلوبنا امتدادًا لقلبك، نبشّر بالرجاء، ونحمل النور في ظلمات هذا الزمن. آمين