موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٦ يونيو / حزيران ٢٠٢٤

الصراعات لا تمنع تنظيمَ الذكاء الاصطناعي

مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

د. وحيد عبدالمجيد :

 

ازدحمت الأيامُ العشرةُ الأخيرة من شهر مايو المنصرم بفعالياتٍ دوليةٍ كبيرة من أجل تعظيم المنافع التي يجلبُها التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي وتقزيم الأخطار التي تترتب عليه. فقد أقر الاتحادُ الأوروبي في 21 مايو بشكلٍ نهائي «قانون الذكاء الاصطناعي» الذي يهدف إلى تنظيم استخدام التكنولوجيا التحويلية في حالات دقيقةٍ وحساسة مثل مهام إنفاذ القانون واختيار موظفين. وقبل أن ينتهي اجتماعُ بروكسل الأوروبي، كانت قمةُ سول العالمية الافتراضية للذكاء الاصطناعي قد بدأت أعمالها لمناقشة مشروع اتفاقيةٍ جديدةٍ لتعزيز ابتكاراته المُفيدة والحد من أخطارها. وتزامن ذلك مع إعلان تفعيل العمل بإطار هيروشيما الشامل للذكاء الاصطناعي، الذي أصدرته قمة الدول السبع في مايو عام 2023، وتوسيع عضوية مجموعة أصدقاء «عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي»، واختيار دولة الإمارات عضواً فيها لتكون الدولة العربية الوحيدة، وكذلك الوحيدة في الشرق الأوسط، التي انضمت إليها.

 

وقد شارك كثير من دول هذه المجموعة في قمة سول التي جمعت مسؤولين ورؤساء شركاتٍ ومبتكرين وخبراء رقميين، مثلما كان الحالُ في قمة سلامة الذكاء الاصطناعي التي عُقدت في بلتشلي بارك ببريطانيا في نوفمبر الماضي. وقد خلُصت قمة سول، ضمن ما أقرته، إلى أن وتيرة العمل من أجل تنظيم الذكاء الاصطناعي الأكثر ذكاءً يجب أن تتسارع لتواكب معدل التطور في هذا المجال، بعد أن لوحظ مدى التغير الذي حدث في ابتكاراته منذ قمة بلتشلي بارك؛ أي خلال ستة أشهر فقط.

 

وتتوافر دلائلُ على أن تسارع وتيرة العمل بدأ فعلاً بدليل ازدحام شهر مايو بالفعاليات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. فلم تمض أيامٌ على انتهاء قمة سول حتى بدأ في جنيف يوم 29 مايو اجتماعٌ تمهيدي لـ «قمة الذكاء الاصطناعي من أجل المصلحة العامة»، التي عُقدت في اليومين التاليين تحت مظلة الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة. وأُجريت في الاجتماع التمهيدي مناقشاتٌ جادة حول كيفية تنفيذ الأطر القانونية التي تعتمدُ على المستويين الدولي والإقليمي لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. وطورت قمة جنيف في اليومين التاليين مُخرجات تلك المناقشات، وخاصةً ما يُفيدُ منها في السعي إلى استخدام ابتكارات الذكاء الاصطناعي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي حدَّدتها الأمم المتحدة، وتيسير التواصل بين المبتكرين وصانعي القرار في القطاعين العام والخاص، والتصدي لتقنيات التضليل والخداع والتزييف.

 

وقد أظهرت هذه القمة مدى اهتمام الأمم المتحدة بتعظيم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، وحرصها على مواصلة العمل في هذا الاتجاه، وعدم الاكتفاء بالقرار الذي أصدرته جمعيتُها العامة في مارس الماضي بشأن ضمان استخدامه بطريقةٍ آمنة، وتعزيز سياسات حماية البيانات الشخصية للمُستخدمين.

 

وهكذا، فرغم تصاعد الصراعات الجيوسياسية واحتدام التنافس الاقتصادي، يحدثُ تعاونٌ دولي واسع النطاق من أجل الاتفاق على سبل تنظيم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. والمتوقعُ أن يزداد انشغالُ العالم بهذه القضية في الأشهر والسنوات المقبلة مهما تصاعدت حدة الصراعات الدولية والإقليمية.

 

(الاتحاد الإماراتية)