موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٩ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٣

الذكرى المئوية الثامنة على قانون القديس فرنسيس ومغارة جريتشو

بقلم :
الراهب بولس رزق الفرنسيسكاني - مصر
الذكرى المئوية الثامنة على قانون القديس فرنسيس ومغارة جريتشو

الذكرى المئوية الثامنة على قانون القديس فرنسيس ومغارة جريتشو

 

تحتفل الرهبنة الفرنسيسكانية في العالم بمرور الذكرى المئوية الثامنة باعتماد قانون القديس فرنسيس ومغارة جريتشو وهي أول مغارة بعد مغارة بيت لحم يحتفل بداخلها القديس فرنسيس بعيد الميلاد. فالقديس فرنسيس هو شخصية تاريخية من القرون الوسطى ما زال حتى الآن التاريخ يحمل لنا روحانيته من خلال أعماله وكتاباته حفظها لنا التاريخ. وأيضا من خلال الرهبنة الفرنسيسكانية المنتشرة في العالم أجمع. وهو يعتبر نبي القرون الوسطى حمل رسالة يسوع المسيح وما زال رسالته مستمرة حتى الآن.

 

قبل أن يبدأ حياة رهبانية أنطلق نحو البابا لكي يعيش حياة رهبانية وفقا للكنيسة المقدسة الجامعة. لقد تجلت محبة المسيح في فرنسيس داخل الكنيسة، حيث يتم فيها مشروع تدبير الله الخلاصي للبشرية، وبالتالي فإن طاعة المخلص توفر أيضا المفتاح لفهم الطاعة والإخلاص للكنيسة. لذلك اعتمد البابا قانون القديس فرنسيس في عام 1223. وعندما كتب القانون  كشف لنا المركزية الإلهية، في الله الأب، المحيي والخالق، والمخلص. واكتشف القديس فرنسيس أساس الأخوة الشاملة  وكرامة كل كائن حي في الخليقة. وعندما أراد أن يحتفل بعيد ميلاد الرب جعل المغارة هي كتاب مقدس مفتوح والقانون الذي كتبه لنا هو مصدره الكتاب المقدس لذلك جعل القانون والمغارة هما مصدرهما الكتاب المقدس. لقد عاش القديس فرنسيس حياته على حسب الإنجيل المقدس. وعندما طلبوا الرهبان بأن يكون لهم قانون قد جعل الكتاب المقدس هو دستور حياتنا الرهبانية لذلك عندما عاش البشارة في إعلان كلمة الله منطلق من الكتاب المقدس. وعندما أراد أن يحتفل بطفل المغارة انطلق من مغارة بيت لحم.

 

يسطر لنا القديس فرنسيس في الفصل الأول من القانون يقول: "إن قانون الأخوة الأصاغر هو حفظ إنجيل ربنا يسوع المسيح والعمل به". والكلمة المكتوبة في الكتاب المقدس هي كلمة الله ويسجل لنا القديس يوحنا "والكلمة صارت جسدا". لذلك أحتفل القديس فرنسيس بطريقة فريدة بالكلمة المتجسدة، لذلك يرجع الفضل في أول عمل مغارة للطفل يسوع  بعد مغارة بيت لحم، هو القديس فرنسيس.

 

وفي هذه الليلة التي أحتفل بالسر التجسد في وسط الجموع والمواشي قد جعل الشعب يسمع الكلمة المكتوبة من الإنجيل المقدس ويرى هذه "الكلمة صارَ جسدًا وَحَلَّ بيننا"(يو 1: 14). وقد رأى الشعب مسيرة الكلمة المكتوبة إلى الكلمة المتجسدة ومع سر الإفخارستيا أيضًا.

 

في هذا القانون الذي كتب في القرن الثالث عشر قد جعل من الرهبان مرسلون حاملون كلمة الله ويحققون رسالة يسوع المسيح بقوله: أذهبوا وتلميذو جميع الأمم" لأن قبل ذلك كانوا الرهبان يعيشون داخل الأديرة والصحراء. وفي الرسالة نعلن كلمات يسوع المسيح المكتوبة ونحمل كلمته المتجسدة في سر الإفخارستيا لأن سر الإفخارستيا هو سر التجسد المستمرونقدمه لكل إنسان يؤمن بيسوع المسيح. لذلك يقول لنا  كيف نتعامل مع هذا السر العظيم بكل احترامًا وتقديرًا.

 

بهذه المناسبة تذكرنا بأن نعيش خبرة التبشير مرة أخرى على خطي القديس فرنسيس. إذن هذا القديس يترجم أعمال الإنجيل المقدس كما جسد يسوع محبة الله الخلاصية أي الله ذاته ظهر في الجسد. وقد جعل من مغارة جريتشو هي قرية بيت لحم لذلك احتفل بعيد الميلاد بطريقة فريدة من نوعها في ذلك الوقت. وقد أعلن أن حدث الميلاد هو تجسيد محبة الله المجانية المكتوبة لنا في الكتاب المقدس لذلك يجعل هذا الاحتفال هو سر الكلمة المتجسدة. ونرى هذا المشهد الحي الذي جسده في احتفاله قد الهم العالم أجمع بأن يحتفل بطريقة جديدة من نوعها انطلاقًا ما فعله القديس فرنسيس في جريتشو.

 

عندما نتأمل في سر التجسد علي ضوء كلمة الله المكتوبة ونردد تسبحه الملائكة "المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام"، فحياة القديس فرنسيس هي حياة إنجيليا فقد عاش حياته مع الفقراء والمهمشين وقبل أن يكتب لنا قانون الرهبنة قد  كرس حياته  لأجل المهمشين وجماعة البرص فالكتاب المقدس يعلمنا أن بهؤلاء الفقراء وعندما نقرأ كلمات يسوع وهو يقول لنا:" كنت جوعان وعطشانا ومسجونا..." وحين احتفل بميلاد الرب صلي مع جماعة الفقراء وأصحاب المواشي وهذا يذكرنا بتجسد الرب يسوع في مغارة بيت لحم والرعاة" وعندما جاءوا مسرعين ووجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعا في المزود... وثم رجع الرعاة وهم يمجدون الله ويسبحونه على كل ما سمعوه وروأوه كما قيل لهم (لو2: 16، 20).