موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٨ فبراير / شباط ٢٠٢٤

أحد لوقا الخامس عشر (زكا العشار) 2024

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
نحن أيضًا مستعدون لرؤية حياتنا تحت دينونة الله، لتصحيحها

نحن أيضًا مستعدون لرؤية حياتنا تحت دينونة الله، لتصحيحها

 

الرسالة

 

الرب يعطي قوة لشعبه

قدموا للرب يا أبناء الله

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس (4 : 9-15)

 

يا إخوة، صادقة هي الكلمة وجديرة بكل قبول. فإنّا لهذا نتعب ونُعيّر لأنّا أَلقينا رجاءنا على الله الحيّ الذي هو مخلّص الناس أجمعين ولا سيّما المؤمنين. فوصِّ بهذا وعلّم به. لا يستهنْ أحدٌ بفتوّتك بل كنْ مثالًا للمؤمنين في الكلام والتصرّف والمحبة والإيمان والعفاف. واظب على القراءة الى حين قدومي وعلى الوعظ والتعليم. ولا تُهمل الموهبة التي أُوتيتَها بنبوّةٍ بوضع أيدي الكهنة. تأمّل في ذلك وكنْ عليه عاكفًا ليكون تقدّمك ظاهرًا في كلّ شيء.

 


الإنجيل

 

 فصل شريف من بشارة القديس لوقا (19: 1-10)

 

في ذلك الزمان فيما يسوع مجتازٌ في اريحا اذا برجُل اسمهُ زكَّـا كان رئيسًا على العشَّارين وكان غنيًّا * وكان يلتمِسُ أن يرى يسوعَ  مَن هو فلم يكن يستطيعُ من الجمع لانَّـهُ كان قصيرَ القامة * فتقدَّم مسرعًا وصعِد الى جمَّيزةٍ لَينظرَهُ لانَّـهُ كان مُزمِعًا ان يَجتازَ بها * فلَّما انتهى يسوعُ الى الموضع رفع طَرْفَهُ  فرآهُ فقال لهُ يا زكَّـا أَسِرعِ انزِلْ فاليومَ ينبغي لي ان امكُث في بيتك * فأسرعَ  ونزَلَ وقبِلهُ فرحًا *فلمـَّا رأَى الجميعُ ذلك تذمَّروا قائلين انَّهُ دخل ليحُلَّ عند رجلٍ خاطىء * فوقف زكـَّا وقال ليسوعَ هاءَنذا يا ربُّ أُعطي المساكينَ نِص أَمْوالي .  وان كنتُ قد غَبَنْتُ احدًا في شيءٍ  أَرُدُّ اربعةَ أَضعافٍ * فقال لهُ يسوع اليومَ قد حصل الخلاصُ لهذا البيتِ لانـه هو ايضًا ابنُ إبراهيم * لانَّ ابنَ البشرِ انـمَّا اتى ليَطلبَ ويُخَلصَ ما قد هلك .

 

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين.

 

إن إنجيل اليوم هو أحد الإناجيل الذي يهيئنا للصوم الكبير. هذه القراءات التي بدأت الأسبوع الماضي ليست ببساطة غير مرتبطة ببعضها البعض؛ فهي توضح لنا كيف نعد أنفسنا، وتقودنا مثل السلم إلى اللحظة التي سنكون فيها مستعدين لمواجهة أعظم حقيقة في التاريخ، وأعظم حدث في التاريخ. قيامة الرب يسوع المسيح. أود منك أن تلاحظ شيئين في إنجيل اليوم.

 

معنى اسم زكا هو الطيب عمله كان عشارا أي جابي ضرائب لصالح الرومان المحتلين ومن الواضح انه كان يجني اكثر من المطلوب فيظلم الناس. وعمله هذا سبب رفض الناس له. وبسبب هذا الرفض كان يعيش فراغا كبيرا ولدَ عنده عطشا حقيقيا لأن يتعرف الى يسوع ،فترك كل شيء وذهب ليراه عن قرب ولما لم يتمكن من ذلك بسبب الحشد الكبير و عوقه، حيث انه قصير القامة، استعان بشجرة الجميزة هي على الطريق من حيث سيمر يسوع فيراه.

 

زكا اعجب بكل ما سمعه من يسوع وبذل كل جهوده لأن يراه. نظر يسوع الى الأعلى حيث كان زكا صاعدا اعلى الجميزة، نظر اليه نظرة محبة وقبول، نظرة ثاقبة وفاحصة لأعماق زكا المتلهفة لرؤية يسوع، فدعاه يسوع للنزول سريعا عن الشجرة لأنه اليوم سيقيم في بيته، مختارا اياه من بين كل الجموع ليدخل معه في علاقة وشركة رغم كونه مرفوض من المجتمع وخاطىء في نظر الآخرين. الجميزة هي كل ما يساعدنا لنرتفع اعلى من واقعنا الأليم، مشاكلنا اليومية، جروحاتنا، خطايانا،عاداتنا البالية ،قيودنا البشرية ...الخ.

 

هذا حدث من حياة المسيح، ولكنه أيضًا صورة يمكننا الاستفادة منها. نحن جميعًا صغار جدًا؛ ليس فقط جسديًا، ولكن روحيًا، وفي كل شيء، قلوبنا صغيرة جدًا، وعقولنا محدودة. إذا أردنا أن نلتقي بالمسيح ونراه كما هو حقًا، فلا يكفي أن نحاول بل يجب علينا أن نتسلق، يجب أن نستفيد من ارتفاع ليس لنا لنرى ما لم يكن بإمكاننا رؤيته أو فهمه.

 

هذا الارتفاع الذي يبدو متواضعًا مثل الشجرة التي تسلقها زكا، هو الكنيسة. الكنيسة بتعليمها، وتجربتها التي لا يتم التعبير عنها لفظيًا فقط من خلال التعاليم، ولكن بالطريقة التي تعيش بها، لأنني أعيش حياة مسيحية تعني أنني أعيش حياة تزيل كل شيء غير ضروري.

 

ربما لم يفعل زكا ذلك للسبب الذي لا نفعله في كثير من الأحيان، لنفس السبب؛ ربما كان فخورًا جدًا، مغرورًا، ربما اعتمد كثيرًا على قدراته الخاصة، ربما لم يعتقد كما فعل الكثيرون ، وماذا سيفعلون، الذين يعتقدون أنهم لا يحتاجون إلى المساعدة المتواضعة المقدمة لهم لأنهم يستطيعون الوصول إلى الأعلى بمفردهم. لكن زكا لم يغلبه الغرور والكبرياء، لأن شيئًا ما حدث بداخله، كما نرى في نهاية القراءة، مما جعل لقاء المسيح أمرًا حتميًا له. لقد كان الآن ناضجًا وفي تلك اللحظة، كما يعلم الجميع عندما يأتي ذلك الوقت نحن مستعدون لمواجهة ليس فقط النقد والكراهية والمعارضة، بل نحن مستعدون لمواجهة حتى السخرية، والتصرف بطريقة غريبة عن بيئتنا.

 

كان هذا الشخص، رئيس للعشارين، ومع ذلك لم يكن خائفًا أو خجلًا من الضحك الذي سببه للجمهور لأنه كان مستعدًا لتجاوزه.

 

العشارون جباة عند السلطة الرومانية ولكن يعشرون حسب شريعة موضوعة أي يجمعون من المواطن عشر دخله الأساسي. منهم كان متى الذي صار رسولا للمسيح والضريبة هم يحددون مبلغها اذ لم يكن في ذلك الزمن محاسبة تدل الجباة على دخل المواطن اليهودي. وكان شائعا انهم يحتفظون لأنفسهم بقسم من المبلغ الذي يجبونه. ما كانت سلطة تراقب الأرقام. الوضع كله كان يدفع الجابي ان يكون ظالما اذ كان وحده الذي يقرر المبلغ. ولانعدام الرقابة على الجباة كان المعتقد السائد انهم يسرقون من مال الضريبة.

 

لقد كان زكا مهتمًا بلقاء المسيح أكثر من اهتمامه بما قد يعتقده أولئك الذين لم يبلغوا مستوى النضج، أي القلق بشأن الأبدية. وقد رآه المسيح لأنه وحده تغلب على غروره وكبريائه للقائه. والسبب واضح من كلمات الإنجيل الأخيرة، أي استعداده لترتيب حياته ليكون جديرًا بالضيف الذي يأتي إلى بيته.

 

ألا يمكن لهذه الصور أن تعلمنا درساً مهماً؟ حقيقة أننا جميعًا تافهون ومع ذلك نفضل أن نقف متكبرين في كبريائنا، في غرورنا، في عمانا، بدلاً من الاستفادة من تجربة القرون في أشياء لا نفهمها، والتي تبدو متواضعة جدًا، حتى الآن، نحن نسعى بعيدًا عن الجلال، لأن ما نسعى إليه هو الجلال الذي يتجاوز هويتنا الحقيقية، بدلًا من البحث عن الخلاص الذي يمكن أن يجدنا أينما كنا. هذا الغرور والكبرياء هو الذي يمنعنا.

 

أليس هذا شيء علينا أن نتعلم التغلب عليه؟ لا يمكن هزيمتهم بالفكر أو التأمل أو الصلاة. فقط عندما نكشفهم، ونحتقرهم، لدرجة أن الآخرين قد يكرهوننا، عندها يمكننا التغلب عليهم، لأننا عندها فقط نقف أمام دينونة الله والحقيقة التي تتحدث إلى ضميرنا. وإذا أردنا أن نأتي بثمار في النهاية بسبب المعاناة والشوق إلى الله، فيجب أن نكون مستعدين للعمل، وليس انتظار إضاءة سرية، وليس تجربة روحية ما فوقنا، بل للقيام بأشياء. التي هي لتدابيرنا.

لم يتردد زكا في ان ينزل مسرعا الى بيته دلالة على ان زكا ما اراد رؤية يسوع بدافع الفضول بل رغبة حقيقية وعطش كبير للقياه.

 

واذ ما تم هذا اللقاء بقرب شديد بعد ان اقام يسوع عنده وسكن قلبه كانت لحظة التوبة عند زكا ،لحظة الندامة الحقيقية والتكفير عن كل خطاياه تجاه الآخرين، كان تحولاً لصورة جديدة ،كان تغيراً يهز الأعماق فيغير سلوك زكا الى ما هو الأفضل لخير الأنسانية جمعاء، كانت ولادة جديدة فقد بدء زكا بنزع الأنسان القديم ولبس الأنسان الجديد ،الأنسان المملؤ بنعمة الروح القدوس ، والسالك بحسب مشيئة الرب يسوع.

 

وعد زكا بإصلاح حياته. نحن أيضًا مستعدون لرؤية حياتنا تحت دينونة الله، لتصحيحها، وقبول الاعتراف بمكانتنا الروحية والفكري والعاطفية والاستفادة من المساعدة التي تقدمها حكمة القرون التي قادت ملايين الناس إلى الملكوت؛ آمين.

 

 

الطروباريات

 

طروبارية القيامة باللحن الثالث

لتفرح السماويّات، ولتبتهج الأرضيّات، لأنّ الربّ صنع عزّاً بساعده، ووطيء الموت بالموت، وصار بكر الأموات، وأنقذنا من جوف الجحيم، ومنح العالم الرحمة العظمى.

 

القنداق باللحن الأول

أيُّها المَسيحُ الإلهُ، يا مَنْ بِمَوْلِدِهِ قَدَّسَ الْمُسْتَوْدَعَ البَتولِيِّ، وبارَكَ يَدَيْ سِمْعانَ كَما لاقَ، وأدْرَكَنا الآنَ وخَلَّصَنا؛ إحْفَظْ رَعِيَّتَكَ بِسَلامٍ في الحُروبِ، وأيِّدِ المُلوكَ الذينَ أحْبَبْتَهُمْ، بِما أنَّكَ وَحْدَكَ مُحِبٌّ لِلْبَشَر.