موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٨ مايو / أيار ٢٠٢٤

أحد توما الرسول 2024

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا

لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا

 

الرسالة

 

عظيمٌ هو ربنا وعظيمة قوته

سبحوا الربَّ فإنه صالح

 

فصل من أعمال الرسل القدّيسين الأطهار (أعمال 5: 12-20)

 

في تلك الأيام، جَرَتْ عَلَى أَيْدِي الرُّسُلِ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّعْبِ. وَكَانَ الْجَمِيعُ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ. وَأَمَّا الآخَرُونَ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَجْسُرُ أَنْ يَلْتَصِقَ بِهِمْ لَكِنْ كَانَ الشَّعْبُ يُعَظِّمُهُمْ. وَكَانَ مُؤْمِنُونَ يَنْضَمُّونَ لِلرَّبِّ أَكْثَرَ جَمَاهِيرُ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ حَتَّى إِنَّهُمْ كَانُوا يَحْمِلُونَ الْمَرْضَى خَارِجاً فِي الشَّوَارِعِ وَيَضَعُونَهُمْ عَلَى فُرُشٍ وَأَسِرَّةٍ حَتَّى إِذَا جَاءَ بُطْرُسُ يُخَيِّمُ وَلَوْ ظِلُّهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ. وَاجْتَمَعَ جُمْهُورُ الْمُدُنِ الْمُحِيطَةِ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَامِلِينَ مَرْضَى وَمُعَذَّبِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ وَكَانُوا يُبْرَأُونَ جَمِيعُهُمْ. فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَجَمِيعُ الَّذِينَ مَعَهُ الَّذِينَ هُمْ شِيعَةُ الصَّدُّوقِيِّينَ وَامْتَلأُوا غَيْرَةً فَأَلْقَوْا أَيْدِيَهُمْ عَلَى الرُّسُلِ وَوَضَعُوهُمْ فِي حَبْسِ الْعَامَّةِ. وَلَكِنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ فِي اللَّيْلِ فَتَحَ أَبْوَابَ السِّجْنِ وَأَخْرَجَهُمْ وَقَالَ: «اذْهَبُوا قِفُوا وَكَلِّمُوا الشَّعْبَ فِي الْهَيْكَلِ بِجَمِيعِ كَلاَمِ هَذِهِ الْحَيَاةِ».

 

 

الإنجيل

 

فصلٌ من بشارة القديس يوحنا الإنجيلي البشير والتلميذ الطاهر (يوحنا ١٩:٢٠-٣١)

 

لَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسَطِ وَقَالَ لَهُمْ: «سلاَمٌ لَكُمْ». وَلَمَّا قَالَ هَذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ فَفَرِحَ التّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوُا الرَّبَّ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: «سلاَمٌ لَكُمْ. كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا». وَلَمَّا قَالَ هَذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: «ﭐقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ». أَمَّا تُومَا أَحَدُ الاِثْنَيْ عَشَرَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ حِينَ جَاءَ يَسُوعُ. فَقَالَ لَهُ التّلاَمِيذُ الآخَرُونَ: «قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ لاَ أُومِنْ». وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تلاَمِيذُهُ أَيْضاً دَاخِلاً وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ وَوَقَفَ فِي الْوَسَطِ وَقَالَ: «سلاَمٌ لَكُمْ» ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِناً». أَجَابَ تُومَا: «رَبِّي وَإِلَهِي». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا». وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ.

 

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

 

المسيح قام... حقاً قام

 

أيها الإخوة الأحباء في الرب في هذا اليوم، بعد ثمانية أيام من عيد الفصح، قررت كنيستنا المقدسة منذ القديم أن تحتفل ببعض الأحداث الرائعة من حياة المسيح القائم من بين الأموات.

 

اليوم أحد توما، كما يُسمى بشكل مختلف، نتذكر ونحتفل باثنين من الظهورات المعجزية الأولى ليسوع القائم لتلاميذه الأحباء.

 

ولأن توما الرسول كان شخصية مركزية في ظهورات الرب هذه وفي ما حدث فيها، إما كغائب في الأول، أو كحاضر في الثاني، سمي يوم الأحد اليوم "أحد توما". هذه الأحداث المهمة المليئة بالمعاني العميقة والتعاليم المنقذة للنفس، يوصفها لنا الإنجيلي يوحنا ببساطة إلهية ولكن أيضًا بوضوح رائع في المقطع الذي سمعناه للتو.

 

وفقًا للرواية الإنجيلية اليوم، فإن الإعلان الأول عن الرب القائم من بين الأموات لتلاميذه حدث في مساء نفس اليوم، أول يوم من الأسبوع، أي يوم الأحد، في الساعات الأولى من الصباح. أين كان التلاميذ حينها؟ في العلية نقول اليوم، في بيت صغير هناك في القدس، "خوفًا من اليهود".

 

قد ظهر يسوع بالفعل في الصباح لحاملتي الطيب، مريم المجدلية ومريم التي ليعقوب، أي مريم العذراء التي هي متحدية كل خوف وجبن، "حاضرة بشدة"، أي ذهبت إلى قبر الرب. وأولئك الذين أبلغوا بعد ذلك عن الظهور غير المتوقع للقائم من بين الأموات للتلاميذ المختبئين، وبالتالي أصبحوا مبشرين بالقيامة. لكن الرب رأى أن عليه أن يظهر لتلاميذه أيضًا، لكي يهدئهم ويقويهم في الإيمان. وانتظروا المساء ليجتمعوا في البيت الذي كانوا يجتمعون فيه. ومن دون أن يطرق الباب، ظهر فجأة في وسطهم.

 

ولكن إذ كانوا خائفين عن حق، واضطربت نفوسهم بهذا الظهور غير المتوقع للسيد، طمأنهم على الفور بصوته العذب قائلاً لهم: "السلام لكم". حينئذ فرح الرسل جداً إذ رأوا المصلوب حياً رغم الرجاء. ثم تحققت نبوءة المسيح الذي قال لهم قبل آلامه الطاهرة: "إنني أنظر إليكم مرة أخرى، فتفرح قلوبكم". وأعطاهم سلامه مرة أخرى.

 

لأنه، كما يفسر القديس فم الذهب، لأنهم كانوا في مواجهة مستمرة مع اليهود غير المؤمنين، كثيرًا ما كان يخاطبهم بـ "السلام لكم"، ويقويهم في الإيمان ويمنحهم العزاء. وبعد ذلك، أعطاهم نعمة وقوة أغنى من ذي قبل، وقال لهم: "كما أرسلني الله أبي إلى العالم، أرسلكم أنا أيضًا الآن لتكرزوا بإنجيلي بشجاعة وقوة".

 

وعلى الفور، أكد هذه القوة، ونفخ في وجوههم وأعطاهم نعمة الروح القدس وقوة لمغفرة الخطايا، ولكن أيضًا على ترك أولئك الذين ليس لديهم توبة صادقة غير مغفرة.

 

بهذا العمل أظهر المسيح الذي قال أن الآب أرسله وأعطى بدوره التلاميذ نعمة الروح القدس ليحل ويربط الخطايا، أن قوة وعطية الآب والابن والروح القدس.

 

فأين الهراطقة الذين ينكرون ويرفضون المساواة بين الأقانيم الثلاثة في الثالوث الأقدس؟ ومرة أخرى يجب أن نؤكد هنا أن سلطان مغفرة الخطايا هذا الذي تلقاه الرسل في ذلك الوقت، ينتقل تباعًا بالرسامة إلى الأساقفة والكهنة اللاحقين حتى اليوم، إلى أولئك الذين ينتمون بالتأكيد إلى الإله الواحد القدوس . والكنيسة الرسولية.

 

ومن هنا تأتي السلطة الروحية التي يتمتع بها رؤساء الكهنة والآباء الروحيون على مر العصور. ولهذا السبب يجب على المؤمنين أيضًا أن يُظهروا لهم الطاعة وأن يُظهروا لهم الاحترام المناسب.

 

ولكن عندما حدث هذا الظهور للرب، لم يكن توما الرسول  بحسب التدبير الإلهي على أية حال  حاضرًا، بل كان مختبئًا في مكان آخر. وبعد ذلك أعلن له التلاميذ الآخرون أنهم رأوا يسوع قد قام. لكنه لم يصدق! ولم يقتصر الأمر على عدم الإيمان فحسب، بل أراد أيضًا أن يرى المسيح، بل أيضًا علامات جراحات آلام الرب، وأن يضع إصبعه على نقاط جروح المسامير، ويضع يده على جانبه المطعون.

 

فهل تجاهل الرب رغبة تلميذه هذه؟ بالتاكيد لا! ولكن لأنه كان يعلم كعالم كلي المعرفة أن عدم إيمان توما سيعود في النهاية بفائدة كبيرة عليه وعلى التلاميذ الآخرين، ولكن أيضًا على جميع المؤمنين، بعد مرور ثمانية أيام من ظهوره الأول للتلاميذ.

 

وفي اليوم الثامن عندما كان جميع التلاميذ مجتمعين في ذلك البيت وتوما معهم، ظهر بينهم مرة أخرى، وأعطاهم السلام مرة أخرى. ولم ينتظر أن يسأله توما ماذا قال لزملائه الرسل، بل أظهر في الحال يديه مجروحتين بمسامير الصليب، وكشف جنبه المطعون وقال له:

"تعال يا توما، المس هذه الجراح، كما طلبت لكي تؤمن. هذه الجراح التي شفيت الجراح البشرية غير القابلة للشفاء الناجمة عن سقوط الأصلاء، وسقوط الجنس البشري في الخطيئة، والجراح التي منها أتى خلاص العالم. صُدم توما في ذلك الوقت، وهتف، وهو الآن مملوء بالإيمان الذي لا يتزعزع:

 

"أنا أؤمن حقًا يا يسوع أنك أنت ربي وإلهي!" بل إن بعض الآباء القديسين يذكرون أن توما وضع إصبعه في يدي الرب ويده في جنبه المجروح، ولهذا يُسمى عيد اليوم أيضًا "لمسة توما". ومدحه يسوع بالحب وقال: "آمنت لأنك رأيتني!" لينتهي به الأمر إلى ذلك العجيب للمؤمنين دون رؤيته: "طوبى للذين آمنوا ولم يروا".

 

وعلينا، أيها الإخوة الأحباء، أن نسعى لاقتناء هذا الإيمان الحقيقي الذي باركه الرب. أي أن نؤمن تمامًا كالإنجيل والكتاب المقدس وكنيستنا الأرثوذكسية بكل العقائد والتقليد الأرثوذكسي المقدس، معتمدين على الشهادة التي لا شك فيها لأولئك الذين كانوا شهود عيان وأقارب للمسيح المقام، أي الرسل القديسين حتى لو لم نستحق أن نرى الرب بأعيننا.

 

أن ندرس بإيمان كلمة الله والكتب الروحية. أن نصلي بحرارة وفي كثير من الأحيان؛ وأن نحصل على توبة صادقة ويومية عن أخطائنا وأهواءنا؛ وأن نشارك بوعي في أسرار الاعتراف والافخارستيا؛ وأن نظهر التواضع والمحبة تجاه قريبنا. وإذا كانت هذه هي الطريقة التي نسعى بها للعيش روحيًا، فسوف نتلقى إحساسًا آخر في داخلنا، وسنشعر بنعمة الله التي سترشدنا وتقوينا بثبات في إيماننا المقدس.

 

دعونا نكون حذرين ونكافح حتى لا يتغير أي شيء في هذا العالم أو يسلب منا الإيمان الأرثوذكسي لمسيحنا، وهو أغلى ما لدينا نحن المسيحيين الأرثوذكس. ودعونا لا نخاف أو نخجل من الاعتراف بهذا الإيمان في كل مكان ودائمًا. لكي نستحق هذا الفرح السماوي الذي لا يوصف، حتى من هذه الحياة بنعمة ومحبة المسيح القائم من بين الأموات، وشفاعة مريم العذراء وجميع القديسين عبر الدهور.آمين

 

 

الطروباريات

 

الطروبارية باللحن السابع

إذ كان القبر مختوماً أشرقتَ منه أيها الحياة، ولما كانت الأبواب مغلقة، وافيت إلى التلاميذ أيها المسيح الإله قيامة الكل، وجدّدت لنا بهم روحاً مستقيماً بحسب عظيم رحمتك

 

القنداق باللحن الثامن

باليمين الوادّة التفتيش أيها المسيح الإله، فتش توما جنبك الواهب الحياة، لأنك حين دخلت والأبواب مغلقة، هتف إليك مع بقية التلاميذ صارخاً: أنت ربي وإلهي.