موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الإثنين، ١٦ يوليو / تموز ٢٠١٨
صناعة الأمل خيار يعزز الثقة بالقادم

ربى الرياحي - الغد :

لم تثنه الحياة عن التمسك بالأمل رغم قسوتها ولم تقيد أيضا رغبته في أن يعيش الواقع بقلب يتوق لاحتضان كل رموز التفاؤل، بل ظل يتتبع تلك الأضواء الخافتة هناك محاولا الإجابة عن تلك الأسئلة المدونة على صفحات الأيام، والتي يتم طرحها باستمرار من قبل أشخاص يهاجمون اليأس ويرفضون الانسياق لسلبيته.

هؤلاء يؤمنون دائما أن الأبواب حتى وإن أغلقت سيأتي يوم وتفتح، يضعون كل ثقتهم بالقادم مقررين الابتعاد عن توقع الأسوأ وانتظار ما من شأنه أن يخرجهم على المسار الصحيح لكونهم يجيدون مخالفة كل إشارات الإحباط المنتشرة على طول الطريق.

لا يرهقهم أبدا البحث عن بريق للأمل ولا يخافون أيضا أن يتعثروا أو أن يفقدوا إصرارهم على رؤية المستقبل بأعين تفيض تفاؤلا وحبا للمغامرة. أقدامهم الثابتة وقراراتهم الإيجابية المتزنة تمنعهم حتما من أن يرتبكوا أمام شعورهم الصادق المختزل ربما لعمق التجربة ولإحساس يتنبأ بقدوم الأفضل.

هم أقوياء لدرجة أنهم يمتلكون كل الأسلحة للتصدي لتلك الهموم الواقعية التي قد تتسرب إليهم مباغتة. يعتقدون أن الحياة قابلة للتعديل مهما انحرفت بأمنياتهم وحالت بينهم وبين تلك الفرص المتاحة أو حتى التي لم تتح بعد.

خيارهم الوحيد هو المداومة على صناعة الأمل والاقتناع بأنه حتى وإن احتشدت كل الأسباب لثنيهم وتهميشهم من الداخل ما يزال هناك متسع للحياة. نسجهم المتواصل لخيوط الأمل وقدرتهم على غرسه في قلوب نسيت أن تتخذ من الورد درسا يعيد إليها ألقها وشيئا من سعادتها كلها محاولات بإمكانها أن تصبح حالة ممتعة تشبه بتأثيرها ذلك المشهد الآسر الذي يجسد مراحل تغير الواقع وتلوينه بعفوية تبعث على استدعاء الحلم وسرده بلغة الفرح المحفزة على الانغماس داخل أروقة المستحيل بثقة تعزز حضور الممكن وقبوله لأن يكون حقيقة ملموسة.

الأمل من وجهة نظرهم هو الإيمان بأن الحياة تخبئ لهم في جيوبها الخير الكثير وإن اليأس ليس له مطلقا وجود بين صفوف المتفائلين المطمئنين أولئك الذين ينتقدون الاستسلام للقنوط والانحياز لملامح التجهم المستفزة.

هم يريدون فقط أن يستكينوا للإيجابية في شتى مناحي الحياة وأن ينصفوا ذواتهم ويمنحوها كل أسباب السعادة ليتمكنوا من الاستمرار والوصول لأهداف لطالما ظنوا أنها صعبة المنال. إصرارهم على مصادقة الأمل واتخاذه عنوانا لإنجازاتهم يجعلهم أجدر بصنع ما اعتقدوه مستحيلا يقربهم حتما من طموحاتهم ويقدم لهم فرصة تسلق الصعاب بهمة عالية وروح تحترف مشاكسة المخاطر.

على الأغلب هؤلاء يمتازون بسعة تفكيرهم، بالإضافة إلى عيونهم التي تستشعر الجمال في كل شيء وتلتقط فقط الأشخاص الإيجابيين والمحبين للحياة.

تفاصيل كثيرة وربما مؤلمة قد تواجهنا في الطريق تلقي بثقلها في دواخلنا وتمضي، لكننا بالرغم من ذلك سنظل متبسمين ننتسب إلى كل فرصة مفرحة وكلنا ثقة بأن تفاؤلنا هذا سيعود علينا بلحظات تغمر قلوبنا حبا ودفئا وسعادة بدون أن نتجاهل دوره في تهذيب أرواحنا والارتقاء بها. فنحن عندما نقرر أن نعيش داخل أروقة الأمل نوقن أننا سننجح في انتقاء مفاتيح الحياة. فقط نحتاج أن نخلص لأمنياتنا ونؤمن بأن الحياة لا تظل على وتيرة واحدة وأنها قابلة للتغيير. تستطيع أن تصل إذا عرفت كيف تبحث عن الحياة في داخلك وراهنت على القادم.