موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الثلاثاء، ٢٥ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٤
رسالة مؤمن إلى مؤمن في وطني

عمّان - أسامة الطوال :

إن فرح الانتماء الى الكنيسة وما تمثله من مبادئ سامية وعلاقة روحية مع الله هو من أروع الخبرات التي يعيشها المؤمن في حياته الأرضية والتي من خلالها يسمو في علاقته نحو الله الخالق المحب للبشر. فمن خلال الكنيسة وتعليمها ومن خلال الإنجيل المقدس وتاريخه العظيم اكتشفنا محبة الله لنا إذ أرسل الينا يسوع المسيح ربنا، فعاش بيننا في أرضنا وبيوتنا وسهولنا، وأعطانا أن نكون حملة رسالة الخلاص إلى انقضاء الدهر بمرافقة الروح القدس حامينا وملهمنا. واننا نحمده تعالى على نعمة وجودنا في هذه الارض بالذات وهذا التاريخ بالذات معا، الان وهنا بالرغم من كل الصعوبات والالام التي يعاني منها الكثيرون في شرقنا العربي.

مما لا شك فيه اننا كمسيحيين عشنا صعوبات كثيرة في التاريخ القديم، ونعيش اليوم بعض الهموم المتعلقة بالوجود والمكون المسيحي في الشرق مما قد يعرضنا الى خطر الغربة عن الواقع وعن التاريخ الحقيقي المتفاعل بين جميع افراد المجتمع وقياداته في هذا العصر الحديث وقد يؤدي هذا بالمسيحيين الى انغلاقهم على ذواتهم فلا يرون غير ذلك، وكأن تلك الصعوبات هي فقط صعوباتهم والجراح هي فقط جراحهم، مع أن المعاناة ليست محصورة فيهم بل تشمل كل انسان تألم امس او اليوم في مجتمعنا والذي في ثورة غضبه وضيقه نراه اليوم وفي بعض الاحيان قد يلجا الى التعبير عن ذاته سلبيا عن طريق العنف او التطرف او العدوانية او التعصب حيث يرى ان العالم يهدده في هويته وشخصيته وكيانه. وما ذلك الا تعبيرا عن خوفه الخفي وقلقه وعدم استقراره.

نتيجة للتغيرات العميقة التي أخذت تتعرض لها المنطقة خلال السنوات الماضية فان الحاجة تشتد الى تشجيع بلورة معنى الحضور المسيحي في بلدنا الغالي، وإلى تعزيز الخصائص التي تشكلت عبر تاريخه منذ نشأته والتي تاثرت بعوامل الزمان والمكان والانسان مما ميز الشخصية الاردنية بملامح التسامح والوسطية والاعتدال والقيم الاخلاقية من كرم ومروؤة، ضمن انسجام اجتماعي لا بد من البناء عليه من قبل كل الفئات والمنابت والاصول بتجاذب وطني وقومي وديني. غير ان المواطن المسيحي يحتاج الى كلمة حق تطمئنه في بلده ووطنه ومجتمعه أولا من قبل المكونات المختلفة أو المتنوعة التي تحيط به وثانيا من قبل ذاته. فالمنطلق هو الثقة بالذات والإيمان بيسوع المسيح: "اذهبوا في العالم كله، وثقوا إني قد غلبت العالم"، فيحل فينا محل الخوف قوة وثقة بالحاضر والمستقبل الذي يضعنا امام خيارات مصيرية صعبة، منها الرحيل او التقوقع او الذوبان او الاستسلام لهذه الموجة أو تلك، في الوقت الذي يبقى فيه الايمانُ الموقفَ الوحيد الذي فيه نجد نمو وجودنا وتحقيق رسالتنا في وطننا. التحدي قائم ومصيري، فلا غربة أقسى من غربة ابن الوطن في وطنه وابن الانسان في ذاته والمسيحي في مهد مسيحيّته.

ان روحا جديدة انطلقت في كنيستنا خلال القرن الماضي وخاصة مع ما مثله البابوات في الفترة الاخيرة؛ حيث كان البابا القديس يوحنا بولس الثاني تعبيرًا حيًّا عن قيمة الرجاء في حياتنا، والبابا بندكتوس السادس عشر تعبيرًا عن ذخيرة الايمان الحي وقواعده والهاماته. وها نحن اليوم نشهد البابا فرنسيس مثالا حيا عن المحبة الخالصة والرحمة الالهية وداعيا مخلصا لرفع الغبار عن مسيرتنا الكنسية وكل ما يمسها ولانطلاقها نحو افاق جديدة هي بالاصل اساس مسيحيتنا. وكذلك الامر بالنسبة الى كنيستنا المحلية وكنائسنا في الشرق التي اصدرت اروع الوثائق والرسائل في رسائل بطاركة الشرق، ومحليا في ارضنا المقدسة سيكون العام القادم ذكرى العشرين عاماً على انطلاقة مسيرة السينودس الابرشي فيها والذي لا نزال نرى فيه مسيرة رائعة وذخيرة وكنزاً ثمينًا للكنيسة المحلية، أي لنا جميعًا من يدرك منا إيمانه ومسؤولياته، والذين علينا ان نعيد النظر في إحياء متابعة تنفيذ توصياته.

ولا يَقُل أحد منا: نحن لا نقدر، الرؤساء يقدرون. وكهنة الرعايا يقدرون. بل نحن المؤمنين، من كان منا مؤمنا، من كان له إيمان مثل حبة الخردل، نقدر وبرعاتنا نصبح كلنا قادرين.

إن شبابنا وعلمانيي الكنيسة اليوم والذين يشكلّون معًا قوة التجدد الكنسي، يشعرون في كثير من الاحيان بالاحباط وخيبة الامل من جراء الوضع الحالي وقد عبروا عن ذلك كثيراً خلال الفترات والسنوات الماضية بالرغم من محاولاتهم الكثيرة التي كان لها نصيب كبير من الجدية والاخلاص والنزاهة بمساهماتهم في كثير من الهيئات والمؤسسات والحركات الكنسية المختلفة والمتعددة . إلا ان هذه الخيبة لا تزال قائمة في كثير من الاحيان بالرغم من التقدم الذي أُحرزَ على صعيد اتخاذ القرارات والتوصيات في بعض المجالات الكنسية. إلا أن المؤمن لا يصاب بالإحباط واليأس. المؤمن ينقل الجبال. وقد وضع الله فيه بذؤة الإيمان طاقة تثمر حياة وافرة وأملا وفرحا.

إننا نريد تحقيق تغييرات حاسمة في ذاتنا المؤمنة، فنعمق علاقتنا بالله الذي دعانا، ونعمق فهمنا لكلمة الله وإصغاءنا إليها، فيصبح إيماننا محركا لواقعنا، وهو الواقع الذي يريد الله لنا أن نتعامل معه. يجب أن نخاف على أنفسنا من تجربة الشعارات المفرغة، التي يسير بها أحيانا المجتمع المدني فتبقى غير فاعلة وعقيمة. إن المؤمنين العلمانيين اليوم يتحملون مسؤولية تحقيق تجديد إيمان حقيقي قوي وفاعل في ذواتهم، فينتشر في ما حولهم. وامام الكنيسة يرغبون في ان تكون امهم الكنيسة أروع وأحن وأطيب مثال لامومة مريم وامهاتنا اجمعين كما والاكثر تضحية وخدمة على مثال رسل السيد المسيح الابرار.

إن نِعَم المعمودية التي تفتح المجال امام اختبار اللقاء الشخصي مع السيد المسيح تزرع أُسس وجود هؤلاء الشباب والعلمانيين وتضفي على وجودهم وحياتهم معنى ليفهموا بعمق معنى انتمائهم الى الكنيسة وبأن قائد هذه السفينة هو هو اليوم وأمس والى الابد ، فلمَ نخاف من ان نفتح ابوابنا وقلوبنا؟ لِمَ نخاف ان تكون كنيستنا كنيسة فيها شجاعة كنيسة الشركة والمشاركة؟ كنيسة الرسالة، شجاعة جماعة الكنيسة الاولى! ومِمَن نخاف؟

نحن كأعضاء حية متصلة بالمسيح كجسد واحد نود ان نتعمق في فهم بُعد شركتنا الكنسية ومعنى أننا أغصان في كرمة واحدة رأسها المسيح، وفي معنى أننا جسد واحد تتنوع فيه الخدم والمسؤوليات في الأعضاء الكثيرة، ونتمنى ان نحمل كنيستنا في قلبنا بحب وصبر وانفتاح وأن نتجاوز بهذا الروح عينه كل العوائق، وننطلق معا بكل شفافية ووضوح من خلال مؤسساتنا الكثيرة، مع أن الرسل لم يكن لهم مؤسسات، بل كلمة الإنجيل المحيية فقط. وبها واجهوا وبشروا، ومثلهم نواجه ونبشر الواقع بكل تفاصيله وحيثياته، بكل اماله وألامه في ارضنا هذه وزمننا هذا.. الان وهنا.

ان العلمانيين في الكنيسة اليوم يجب أن يصنعوا ذاتهم مؤمنين قادرين على نقل الجبال. لأن المجتمع كله، نحن وغيرنا، بحاجة إلى مثل هذه القوة والطاقة التي تحول كل ضعف إلى قوة خير. والإيمان الذي ينقل الجبال سوف يتحول إلى طوفان محبة تشمل الجميع وتنقي الجميع وتمنح الحياة للجميع.

نريد أن نكون كنيسة محلقة بكل قوانا، بكل مواهبنا، وخدماتنا التي جعلها الله لنا كلا بحسب دعوته ومكانه في الجسد الواحد. ولنُزِل عنا كل المخاوف. المؤمن يرى أمامه آفاقا بعيدة فسيحة لا نهاية لها مثل الله الذي نؤمن به. كلها حياة وافرة وقوة ومحبة وفاعلية، وعنها ينتفي كل خوف لأنه "مع المحبة ينتفي كل خوف" (1 يوحنا 4: 8). ولهذا لا نخشَ شيئا. مجتمعنا كله ينتظر إسهامنا، كل وحد منا، بما وهبه الله من مواهب. مجتمعنا بحاجة إلى إيمان هو محبة، ليقف فيه كل نوع من ضيق الإنسان بأخيه الإنسان، ومن كل نوع من المخاوف الطائفية. مجتمعنا بحاجة إلى محبة وإيمان: لنخدمه بكل ما فينا من محبة وإيمان ولا نخش شيئا، وكل المثبطات ستزول. نريد أن نرى وجه يسوع المتأنس، الفادي للإنسان ولكل مجتمع. وسنراه إن نحن دخلنا في ذواتنا وأصغينا إلى صوت الله في خلوة أرواحنا.

اننا ننتظر مزيدًا من انفتاح القلب والاصغاء بعضنا إلى بعض. ونسأل الله أن يمنحنا رعاة بحسب قلبه، وبحسب حاجاتنا وضعفنا وطموحاتنا. لما رأى يسوع الجموع الكثيرة، "أخذته الشفقة عليهم، لأنهم كانوا تعبين رازحين كغنم لا راعي لها" (متى 9: 6). وصنع معجزة تكثير الخبز ليعطيهم خبزا يسد جوعهم. أشفق عليهم وقال لرسله: "اسألوا رب الحصاد أن يرسل عملة إلى حصاده" (لوقا 10: 2). يسوع سار مع الجموع وعلم وشفى الجسد والنفس وأبعد عنها الأرواح الشريرة. نسأل الله رعاة قريبين من شعبهم واحتياجاتهم وتطلعاتهم، يعتنون بنا كما نحن، رعاة يسهرون على الحبة التي تنمو وعلى كل ما من شأنه ان يأتي بثمر. رعاة يعرفون حقيقة الشباب وتجتذبهم يؤمنون ونؤمن معهم بإله حي، اله الانجيل، اله فيه ملء الحقيقة وملء الحب وملء العطاء.

نحن بحاجة إلى بشارة جديدة.فكنيستنا فيها الكهنوت اعظم ما ابتدعه المسيح نموذجا انسانيا عظيما، تأتي الى الشباب والعلمانيين وتجعل منهم هدفًا مميزًا لها، فتتكسر كافة الحواجز والجدران ليكون لكل شخص فيها كلمة شخصية وحلم خاص يود تحقيقه في علاقته مع الله ومع الاخرين. وهذه ايضا دعوة للعلمانيين العاملين في الكنيسة ليقوموا بدورهم بعيدا عن كل إحباط، المؤمن حامل أمل دائم وفرح دائم. فلا يكفي ان نبقى في موقع المشاهد او المراقب او الناقد او المتهجم دون اي عمل حقيقي على ارض الواقع وتفتيتا للجسد الواحد والقلب الواحد.

يبحث العلماني عن جواب ينبع من خدمته في فهم الانسان. فالكنيسة التي يسكن فيها المسيح وتقدمه مأكلا ومشربا تستطيع ان تقدم لنا الفرح والجواب الشافي في ان نسير بحرية في حضور المسيح فيها وفينا متحررين من كل العقبات الطبقية او الطائفية او الثقافية ليتحقق بناء انساننا العربي الجديد مؤمنا حرا كريما في مجتمعه ووطنه.

مبدأ الحكمة في العمل الرعوي والكنسي أمر مهم واساسي. والمبدأ الآخر المطلوب أيضاً مبدأ أساسي وهو مبدأ الجرأة التي تقتحم وتتقدم بامل ورجاء ابعد مما تسمح به الحسابات والعادات والتقاليد. قامت الكنيسة على جرأة الرجال والنساء في سفر اعمال الرسل وتحديهم للصعاب والاخطار وحتى الموت. فنحن مدعوون اليوم الى مثل تلك الجرأة وكتابة فصل جديد في سفر كنيستنا المحلية والجامعة، بما يحقق ان نسير عكس التيار السائد والجمود والخمول والروتين والعادة. إننا نعلم علم اليقين ان كثيرا من جماعاتنا الكنسية جريئة وقادرة على استكشاف طرق جديدة بالتزام ومسؤولية دون هروب من حاضرنا ومستقبلنا الى الماضي فلم يعد مقبولا ولا باي شكل من الاشكال ان نعيش اليوم في الماضي وامجاد الماضي وطرق الماضي وآلياته، فإلهنا هو اله الزمن كله، الماضي والحاضر والمستقبل. المسيح هو هو الامس واليوم والى الابد.

ولعلمانيّ كنيستنا نقول ان السبب الرئيسي في كل ما يصيبنا بالاضافة الى ما سبق هو الجهل لذواتنا ولبيئتنا وكنيستنا وكأننا احيانا ننتظر ونترقب معجزات في غيرنا بدلاً من انتظارها في انفسنا. ان كلمة الله قد تأنس في تاريخنا، وينجم عن هذا التأنس الالهي تبعات تقع علينا تجاه عالمنا ومجتمعنا وذواتنا.

يبدو لنا ان الشباب فينا لم يعرفوا الانطلاق وانهم قد بلغوا الشيخوخة قبل الاوان فكفروا بانفسهم، وان المسيحي فينا لم يعرف المسيح على حقيقته وهبط الى اللامبالاة فاصبح بعضنا في نقمة على ذواتهم وفي تعب من ذواتهم في فراغ قاتل وفي حيرة من ذواتهم لانهم لا يعرفون هدف حياتهم احيانا.

علينا ان ندفع الثمن فلا عمل خلاق بدون قتل للانانية وبدون بذل الوقت في سبيل الاخرين وبدون بذل الفكر في سبيل الغير، فلماذا نخاف من دفع الثمن؟ وكأننا نسعى الى حياة لا يسبقها موت وصليب، فلا خلاص الا سبيل الخروج من ذواتنا بان نثور عليها وعلى كسلنا وانانيتنا وجشعنا وكبريائنا ولا مبالاتنا ومللنا واستهتارنا وريائنا وتبرير انفسنا وبان نثور على التسلط والجمود والفتور والخمول والفوضى والتجاهل والخوف، علينا ان نرفض بان نكون مشلولي الارادة ، كبارا مستصغرين، أو مراهقين محيَّرين. وكل ذلك لا يصلح إلا من خلال قلب يحب بروح جديدة وفكر منطلق فيتحول الضيق الى اطمئنان وفرح وايمان، فمن عرف المسيح حقا لا يمكنه ان يقف على الحياد، اكان هذا الحياد من ذاته او من غيره "ومن لا يجمع معي فهو يفرق..." و "من ليس معي فهو عليَ". هذا ما قاله السيد المسيح. علينا ان نكسب الثقة ونحافظ عليها وننميها. علينا ان نقوم بفحص ضمير شخصي وجماعي حول مسيرتنا وسلوكياتنا، حيث يبدو انه ليس فينا، نحن شهود يسوع، ما يغري الجيل الجديد وغير الجديد بالايمان بيسوع المسيح. ان مصير هذا الايمان يتوقف الى حد بعيد، على قيمة شهوده وعلى نوعيتهم.

كل هذا وكل احلام كنيستنا وشبابنا يمكن ان تتجسد في واقعنا الكنسي المحلي، فكنيستنا المحلية تملك الكثير الكثير من الكفاءات والقدرات على المستوى الاسقفي والاكليركي وعلى المستوى العلماني بالرغم من هشاشتنا وحدودنا وضعفنا الانساني، وإنما نحتاج جميعا إلى شيء واحد وهو ألا نخاف، وأن نكون شهودا حقيقيين لايماننا. فعلينا ان ننهض من فترات سُباتنا ونسير نحو المسيح الذي هو في انتظارنا أساقفة وكهنة ورهبانا وراهبات وشمامسة ومكرسين وعلمانيين. دعونا نحلم ونتفاءل، لنؤمن بالإيمان الذي أوصانا به يسوع المسيح، فنحن على ثقة بان الله سيزيدنا إيمانا... دعونا نبقي الامل حيا ونحول العجز خصبا.

وعلى هذا الاساس ومن منطلق هذا التفكير يجوز لنا ان نفكر ونحاسب انفسنا وكنائسنا ورعاتنا جميعًا: الى اين وصلنا؟ ما هي معوقات عملنا؟ هل حقيقة نريد التغيير؟ هل نستطيع القيام بالخطوات المطلوبة؟ هل حضورنا والتزامنا حقيقي أم واجب وظيفي؟ هل علينا ان نعيد التفكير في مدى التزامنا لمسؤلياتنا وتنفيذ متطلباتها؟ ما مدى المسؤولية التي يتحملها الجميع في كل هذا ؟ ما مدى المسؤولية المباشرة التي يتحملها الاكليروس و نحن العلمانيين في رعايانا وابرشيتنا؟ وما هي الآلية المثلى للتغيير؟ دعونا نجدد ايماننا بكنيستنا لتبقى نارها مشتعلة لمن يرتجفون بردا وليبقى خبزها حاضرًا ابدا لكل جائع وبابها مشرعًا ونورها يضيء طريقنا.

في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها منطقتنا وكنائسنا ومؤمنونا، قد تكون الحاجة إلى تجميع القوى وتفاعل الأفكار وتعاضد الطاقات في لقاء هو مؤتمر أو يوم دراسة أو يوم تأمل وصلاة نلتقي فيه معا، رعاة ورعية، فيسند بعضنا بعضا ويغني بعضنا بعضا، ونتباحث في حاضرنا ومستقبلنا في كنيستنا ومجتمعنا. ان انسان اليوم وخاصة الاجيال الجديدة تقف وسط متغيرات لا حصر لها وهذا ما يجعلها في حالة من الارتباك والتردد والحيرة وعدم الاستقرار تؤثر على كل اوجه حياتها. ان هذه المتغيرات تحوي تحولات اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية عميقة داخلية وخارجية فيبحث الانسان فيها عن ذاته وهويته بين ذاكرة الماضي وابواب المستقبل في منطقته ووطنه وفي عالم يغرق في التوتر والحيرة.

هذا تفكير إنسان مؤمن يدعو مؤمنين آخرين علمانيين وإكليريكيين، رعاة وشعب مؤمن، إلى التفكير معاً وإلى العمل معاً، ولنتذكر جواب السيد المسيح الى مرتا: "مرتا مرتا، انك في هم وارتباك بأمور كثيرة، مع ان الحاجة الى امر واحد... فقد اختارت مريم النصيب الافضل ولن يُنزع منها" (لوقا 10: 41-42).