موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٣ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٢
رسالة الكاردينال ماورو بياتشينزا إلى المُعرِّفين بمناسبة عيد الميلاد المجيد

فاتيكان نيوز :

 

مع اقتراب عيد الميلاد وجّه رئيس محكمة التوبة الرسوليّة الكاردينال ماورو بياتشينزا رسالة إلى المُعرِّفين كتب فيها "لتكن هناك جداول زمنية وأنوار مُضيئة في "كوخ بيت لحم" الذي هو كرسيّ الاعتراف، "الموزِّع" الحقيقي الوحيد للسلام والفرح المقدس، لأن الجميع بحاجة إلى هذا "الوقود". هذا هو طلب الكاردينال ماورو بياتشينزا، في رسالة وجّهها إلى جميع المُعرِّفين بمناسبة عيد الميلاد.

 

إن النور الميلادي، يكتب الكاردينال بياتشينزا لا يزال بشكل غامض وإنما حقيقي يملك القدرة على مساءلة البشر، ويضعهم أمام معنى الحياة، العطية السريّة التي هي الحياة، من خلال خيار الله الذي لا يمكن تصوّره، بأن يقدّم لنا نفسه كطفل حديث الولادة أعزل، قادر على أن يهزم كل المخاوف وأن يُنزِل جميع الدفاعات إزاء محبة الله، التي تظهر فيه. في هذا الوقت، يُدعى المُعرِّفون لكي يمارسوا بشكل خاص خدمة المصالحة بأسلوب سخي، مُدركين أن من خلالها، يتكرر ذلك اللقاء مع الله، الشخصي والكنسي، الذي يرغب فيه قلب كل إنسان.

 

يُدعى المعرِّفون تابع الكاردينال بياتشنزا يقول لكي يُظهروا أنَّ قوة مغفرة الخطايا قد نزلت على الأرض في يسوع الناصري، وأنه هو نفسه قد نقل هذه "القوة الخلاصية" إلى كنيسته، وإلى الرسل وخلفائهم، لكي يتمكّن البشر من أن يختبروا الرحمة الإلهية حقًّا. في سر المصالحة، أضاف رئيس محكمة التوبة الرسوليّة يقول لا يلتقي المعرِّفون دائمًا بإخوة يملكون إيمانًا ناضجًا ويتمتّعون بوعي منظم وبقدرة نقدية لوضعهم الأخلاقي الحقيقي. كذلك تتابع الرسالة غالبًا ما لا يسبق الاعتراف فحص ضمير كافٍ، وبالتالي يُعهد بتحليل الموقف، بعد الكلمات الأولى، إلى حساسية المعرِّف وقدرته على استنباط المعرفة من خلال سلسلة من الأسئلة والأجوبة.

 

ومع ذلك، يشرح الكاردينال بياتشينزا إنَّ الطبيب الجيد "ليس ذلك الذي يعرف كيف يعالج الأمراض البسيطة للمرضى الأصحاء، بل هو ذلك الشخص الذي يملك الشجاعة لكي يواجه أيضًا عمليات مهمة في المرضى الذين يعانون من أمراض متعددة. وبالطريقة عينها يُدعى المُعرِّف الصالح لكي يواجه الأمراض الروحية المتعددة في عصرنا. وهي تتراوح من "عدم اليقين حول وجود الله ذاته، والذي لا يمنع الشخص من أن يدخل إلى كرسي الاعتراف"، إلى الارتباك "حول مميزات المسيحية بالنسبة لأي تقليد ديني أو ثقافي آخر"؛ ومن الصعوبة "لوضع الثقة في الكنيسة، التي جُرحت وتعرَّضت للإذلال الشديد بسبب الأخطاء العامة التي ارتكبها بعض أعضائها"، إلى عدم "فهم عمل المسيح نفسه، القائم والحي، في العمل الأسراري لجسده السريّ"؛ من تبنّي "المعايير والذهنيات الدنيوية بشكل كامل، في تقييم العمل الأخلاقي"، إلى "الذاتية الأكثر راديكالية"، التي لها مرجعها الوحيد "متعتنا الشخصية أو رأينا الشخصي اللذان غالبًا ما يكونان بعيدَين جدًا عن التعاليم الإنجيلية. ومع ذلك، يكتب رئيس محكمة التوبة الرسوليّة، لا يزال العديد من الإخوة، بواسطة جاذبية تجد سببها الوحيد في قوة الروح القدس، يقتربون من سر المصالحة، لاسيما في زمن المجيء والميلاد.

 

تابع الكاردينال بياتشينزا يقول إنَّ المحادثة القصيرة خلال الاعتراف لا يمكنها بالتأكيد أن تكون فسحة كافية لحل الشكوك والفجوات في تنشئة التائبين، ولكن على الرغم من ذلك يجب أن يتمَّ استخدامها بحكمة لا لتغذية الشكوك أو لتأكيد عدم الارتياح والارتباك في عصرنا، وإنما لإعطاء قناعات منيرة، يجب أن تكون أولها حضور الرب الرحيم في حياة كل شخص منا. في الواقع، لا يتعلّق الأمر بقائمة القواعد التي يجب اتباعها، "على الرغم من أنها ضرورية ومشروعة"، وإنما بسحر الاقتراح الواضح والإيجابي واللامع والمتماسك والمقنع، للذين، حتى مع "صفاتهم البشرية وبالتعبيرات القليلة التي يُسمح بها في المحادثة الأسرارية"، يهمُّهم فقط "لقاء التائب الخلاصي مع المسيح المخلص، فيجعلون كل اعتراف لقاء نابضًا مع يسوع، وشرارة تشعل أو تضيء شعلة الإيمان وتدفئ القلب.

 

على أهمية سر المصالحة الذي يُعطى فيه المعرِّف، بفعل واحد، أن يمارس في الوقت عينه المهام الكهنوتية الثلاث: التعليم من خلال تعليم الحقيقة الموحاة؛ التقديس بواسطة الحلّة الأسراريّة؛ والقيادة مع الإرشادات والتوجيهات الأخلاقية والحياتية للتائب، أن تجد "فسحة ملائمة، أيضًا في الخطط الرعوية المختلفة". ولذلك يولي الكاردينال بياتشينزا اهتمامًا خاصًا للتنشئة ويكتب إذا كان الانخفاض العام في عدد الكهنة يمثل صعوبة موضوعية، فيجب على الأقل الاهتمام بتنشئتهم؛ وأن يكونوا على الأقل غيورين في الجوهري.

 

وفي ختام رسالته تمنى رئيس محكمة التوبة الرسوليّة للمُعرِّفين عملًا رعويًا حارًا و"تعبًا مقدسًا"، في الاستعداد لعيد ميلاد حقيقي، نعيشه في اليقين بأننا تممنا واجباتنا وأطعنا جميعًا، إرادة الله، "المكان "الوحيد الذي يجد فيه قلب الإنسان سلامًا حقيقيًا".