موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الإثنين، ١٩ يونيو / حزيران ٢٠١٧
بحث ودراسة وتأمل في حدث صعود السيد المسيح إلى السماء

إعداد وتأمل د. عدلي قندح :

<p dir="RTL"><strong>المقدمة</strong></p><p dir="RTL">على الرغم من أن حادثة صعود السيد المسيح تعد من الاحداث الهامة المسجلة في الانجيل المقدس، الا أنها لم تحظى باهتمام كبير في عالم اليوم من الكثير من المسيحيين، وقد يكون ذلك كون الاعياد الرئيسية في الكنيسة هي الميلاد (تجسد الكلمة) والصلب والموت والقيامة. الا ان القديس لوقا أعطى الصعود أهمية خاصة فقد انهى انجيله بحادثة الصعود وبدأ اعمال الرسل بحادثة الصعود. وكررها أكثر من مرة في أعمال الرسل فبالصعود انتهت ظهورات يسوع ووجوده البشري على الارض &ndash; باستثناء ظهوره لشاوول (بولس الرسول) على طريق دمشق. وقد تنبأ حادث الصعود بالحدث الاخير بتاريخ الخلاص وهو عودة يسوع المسيح الثانية: &quot;أَيُّهَا الرِّجَالُ الجليليين، مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقًا إِلَى السَّمَاءِ&quot; (أعمال 1: 11).</p><p dir="RTL">ونحن نعيش ذكرى أيام الصعود رأيت أن أقوم بهذا البحث لنعطي هذا الحدث التاريخي الانجيلي حقه من التأمل والبحث والدراسة ونسلط الضوء على أهميته في حياتنا العملية وخطة الخلاص التي أعدها الله منذ سقوط البشرية في الخطيئة الاصلية. ونعلم أن حادثة الصعود هي أخر مشهد ليسوع مع تلاميذه على جبل الزيتون (بيت عنيا) وقد ذكرها الإنجيليين بشكل مباشر ثلاث مرات؛ الأولى في انجيل مرقص 16 : 19-20، والثانية في انجيل لوقا 24: 50-53، والثالثة في أعمال الرسل 1: 6&ndash;14.</p><p dir="RTL"><strong>الصعود في الكتاب المقدس </strong></p><p dir="RTL">أ- العهد القديم</p><p dir="RTL">وجد الباحثون أن أكثر من ثلاثمائة نبوة في العهد القديم تحققت في شخص السيد المسيح وبدقة في العهد الجديد. فالذين تنبأوا كثيرون، وفى أزمنة مختلفة، في فترة حوالى 1500 سنة، ومع ذلك كان تجسد الله وتقديمه الخلاص على الصليب هو محور كل هؤلاء الأنبياء. ويلاحظ أن النبوءات كانت متجانسة بلا اعتراض ومكملة لبعضها دون نقض أو نقد وروت حياة السيد المسيح وتقديمه للخلاص. وقوة النبوءات تكمن في أنه من الصعب جداً أن يتفق أكثر من أربعين شخصاً، لم يروا بعضهم، لأنهم في أجيال مختلفة، في كتابة أكثر من 300 نبوة تتحقق. وكانت جميعها وليس بعضها كتبا تتنبأ عن شخص واحد واتفقوا جميعاً على تقديم الله الخلاص للبشرية من خلال شخص السيد يسوع المسيح ابن الله المتجسد.</p><p dir="RTL">وفيما يتعلق بنبوة العهد القديم عن الصعود، نذكر &quot;صعدت الى العلاء&quot; (مز 68-18) والتحقيق جاء في أعمال الرسل &quot;ارتفع وهم ينظرون واخذته سحابة عن اعينهم&quot; (أع 1-9). أما نبوءة الجلوس عن يمين الله، فهي: &quot;قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى اضع اعدائك موطئا لقدميك&quot; (مز 110-1). أما تحقيق تلك النبوءة فقد جاء في الرسالة الى العبرانيين:<span dir="LTR">&quot;&nbsp;</span>الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي&quot; (عب 1-3).</p><p dir="RTL">ب- العهد الجديد</p><p dir="RTL">وفي العهد الجديد، هنالك حوالي 38 اشارة مباشرة وغير مباشرة لحادثة الصعود ومن أهمها ما يلي:</p><p dir="RTL">- مرقس 16:19 فأصعد الرب يسوع، بعد أن تحدث معهم، إلى السماء وجلس على يمين الله.</p><p dir="RTL">- يوحنا 6:62 ثم ماذا لو كنتم ترون ابن الإنسان صاعدا إلى حيث كان من قبل؟</p><p dir="RTL">- يوحنا 3:13 لم يصعد أحد في السماء إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان.</p><p dir="RTL">- يوحنا 6:38 لأنني نزلت من السماء، لا أفعل إرادتي ولكن إرادة من أرسلني.</p><p dir="RTL">- مرقس 16: 19-20: ثم أن الرب بعدما كلمهم رُفع إلى السماء، وجلس عن يمين الله. وأما هم فانطلقوا يبشرون في كل مكان، والرب يعمل معهم، ويؤيد الكلمة بالآيات التابعة لها&quot;.</p><p dir="RTL">- لوقا 24: 50-53: وَأَخْرَجَهُمْ خَارِجًا إِلَى بَيْتِ عَنْيَا، وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَبَارَكَهُمْ<span dir="LTR">.</span> وَفِيمَا هُوَ يُبَارِكُهُمُ، انْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ&nbsp; فَسَجَدُوا لَهُ وَرَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ،&nbsp;وَكَانُوا كُلَّ حِينٍ فِي الْهَيْكَلِ يُسَبِّحُونَ وَيُبَارِكُونَ اللهَ<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL">- أعمال 1: <span dir="LTR">4</span>-12: وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ (جبل الزيتون في أعمال الرسل1/ بيت عنيا في لوقا 24) أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، بَلْ يَنْتَظِرُوا مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي، لأَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ، لَيْسَ بَعْدَ هذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ. أَمَّا هُمُ الْمُجْتَمِعُونَ فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، هَلْ فِي هذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟&nbsp;فَقَالَ لَهُمْ: &laquo;لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ،&nbsp;لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ.&nbsp;وَلَمَّا قَالَ هذَا ارْتَفَعَ وَهُمْ يَنْظُرُونَ. وَأَخَذَتْهُ سَحَابَةٌ عَنْ أَعْيُنِهِمْ<span dir="LTR">.</span> وَفِيمَا كَانُوا يَشْخَصُونَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ، إِذَا رَجُلاَنِ قَدْ وَقَفَا بِهِمْ بِلِبَاسٍ أَبْيَضَ،&nbsp;وَقَالاَ: أَيُّهَا الرِّجَالُ الْجَلِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقًا إِلَى السَّمَاء.&nbsp;حِينَئِذٍ رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ، الَّذِي هُوَ بِالْقُرْبِ مِنْ أُورُشَلِيمَ عَلَى سَفَرِ سَبْتٍ. وَلَمَّا دَخَلُوا صَعِدُوا إِلَى الْعِلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا يُقِيمُونَ فِيهَا: بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا وَأَنْدَرَاوُسُ وَفِيلُبُّسُ وَتُومَا وَبَرْثُولَمَاوُسُ وَمَتَّى وَيَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى وَسِمْعَانُ الْغَيُورُ وَيَهُوذَا أَخُو يَعْقُوب.&nbsp;هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL"><strong>لنتأمل مشهد الصعود في أعمال الرسل</strong></p><p dir="RTL">1. المكان: جبل الزيتون/بيت عنيا، وأنا أميل لجعل المكان بيت عنيا.</p><p dir="RTL">2. فقد طلب يسوع من الرسل ما يلي:</p><p dir="RTL">- أن لا يغادروا اورشليم</p><p dir="RTL">- أن ينتظروا موعد الاب الذي سمعتموه منه</p><p dir="RTL">- ان يعمدوا بالروح القُدُس</p><p dir="RTL">3. أما الرسل فقد كان همهم متى سيرد الملك الى اسرائيل. فقد سألوه: هل سترد الان الملك الى اسرائيل؟ وهنا نتسأل لماذا سألوا عن ذلك؟</p><p dir="RTL">نلاحظ أن سؤال التلاميذ يتعلق بجزئيتين: الأولى استعادة الملك الى اسرائيل والثانية توقيت الاستعادة.</p><p dir="RTL">أما جواب يسوع على سؤالهم فلم يتعامل مع سوء فهمهم لطبيعة المُلك (المملكة) فمملكة يسوع ليست من هذا العالم. وقد جاء رد يسوع متجاهلا الجزئية الأولى من السؤال، ولكنه تعامل مع انشغالهم بتوقيت استعادة الملك وأراد أن يصحح هذا الخطأ. وهنا علينا فهم الظروف التي دار فيها هذا الحديث بين الرسل ويسوع.</p><p dir="RTL">أولا: من جهة الظروف السياسية فهي ظروف استعمار واضطهاد روماني.</p><p dir="RTL">وثانيا: من جهة الظرف المكاني فهم موجودون في بيت عنيا/جبل الزيتون.</p><p dir="RTL">لوقا في انجيله اشار الى أن وجودهم كان في بيت عنيا (قرية العازر الذي اقامه يسوع من القبر) وهذا قد جعل من التلاميذ ان يتذكروا دخول يسوع أورشليم القدس بعد أيام من تلك الحادثة كملك متواضع راكبا الحمار وقد استقبله الاطفال. فلربما يكون التلاميذ قد قالوا في أنفسهم أنه يريد دخول القدس مرة ثانية منتصرا هذه المرة، لذلك أخذنا الى بيت عنيا. لنتذكر الحادثة الأولى بسرعة: (يوحنا 12: 12&ndash; 16) وَفِي الْغَدِ سَمِعَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى الْعِيدِ أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! مَلِكُ إِسْرَائِيلَ<span dir="LTR">!</span> وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: لاَ تَخَافِي يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي جَالِسًا عَلَى جَحْشٍ أَتَان.&nbsp;وَهذِهِ الأُمُورُ لَمْ يَفْهَمْهَا تَلاَمِيذُهُ أَوَّلاً، وَلكِنْ لَمَّا تَمَجَّدَ يَسُوعُ، حِينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أَنَّ هذِهِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَنْهُ، وَأَنَّهُمْ صَنَعُوا هذِهِ لَهُ.</p><p dir="RTL">فإقامة العازار، وايمان الناس بعد تلك الحادثة الهامة، وغضب اليهود، ومحاولة اقامة يسوع ملك على اليهود كلها أحداث قد تفسر سبب سؤال التلاميذ ليسوع القائم من بين الاموات عن اعادة الملك لإسرائيل وتوقيت الإعادة. فماذا علينا أن نفعل؟</p><p dir="RTL">ليس المطلوب التحديق في السماء، ولكن ينبغي علينا ان نكون مستعدين لمجيئه الثاني المفاجئ. يسوع كان واضحا في طلبه: وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ (أعمال 1: 5) وفي اماكن اخرى في الانجيل: (متى 28: 19) فَاذْهَبُوا (1) وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ (2) وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ<span dir="LTR">.</span> وبولس الرسول أيضا يعطينا الجواب في رسالته الاولى الى أهل تسالونيكي 5: أَمَّا الأَزْمِنَةُ وَالأَوْقَاتُ فَلاَ حَاجَةَ لَكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنْهَا، لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِالتَّحْقِيقِ أَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ هكَذَا يَجِيء. لأَنَّهُ حِينَمَا يَقُولُونَ: &laquo;سَلاَمٌ وَأَمَانٌ&raquo;، حِينَئِذٍ يُفَاجِئُهُمْ هَلاَكٌ بَغْتَةً، كَالْمَخَاضِ لِلْحُبْلَى، فَلاَ يَنْجُونَ. وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَلَسْتُمْ فِي ظُلْمَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ كَلِصٍّ<span dir="LTR">.</span> جَمِيعُكُمْ أَبْنَاءُ نُورٍ وَأَبْنَاءُ نَهَارٍ. لَسْنَا مِنْ لَيْل وَلاَ ظُلْمَةٍ&nbsp;فَلاَ نَنَمْ إِذًا كَالْبَاقِينَ، بَلْ لِنَسْهَرْ وَنَصْح.&nbsp;لأَنَّ الَّذِينَ يَنَامُونَ فَبِاللَّيْلِ يَنَامُونَ، وَالَّذِينَ يَسْكَرُونَ فَبِاللَّيْلِ يَسْكَرُونَ.&nbsp;وَأَمَّا نَحْنُ الَّذِينَ مِنْ نَهَارٍ، فَلْنَصْحُ لاَبِسِينَ دِرْعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ، وَخُوذَةً هِيَ رَجَاءُ الْخَلاَصِ.&nbsp;لأَنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْنَا لِلْغَضَبِ، بَلْ لاقْتِنَاءِ الْخَلاَصِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي مَاتَ لأَجْلِنَا، حَتَّى إِذَا سَهِرْنَا أَوْ نِمْنَا نَحْيَا جَمِيعًا مَعَهُ<span dir="LTR">.</span> لِذلِكَ عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَابْنُوا أَحَدُكُمُ الآخَرَ، كَمَا تَفْعَلُونَ أَيْضًا<span dir="LTR">.</span> ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَعْرِفُوا الَّذِينَ يَتْعَبُونَ بَيْنَكُمْ وَيُدَبِّرُونَكُمْ فِي الرَّبِّ وَيُنْذِرُونَكُمْ، وَأَنْ تَعْتَبِرُوهُمْ كَثِيرًا جِدًّا فِي الْمَحَبَّةِ مِنْ أَجْلِ عَمَلِهِمْ. سَالِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضً.&nbsp;وَنَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ:</p><p dir="RTL">- أَنْذِرُوا الَّذِينَ بِلاَ تَرْتِيبٍ.</p><p dir="RTL">- شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ.</p><p dir="RTL">- أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ.</p><p dir="RTL">- أَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL">انْظُرُوا أَنْ لاَ يُجَازِيَ أَحَدٌ أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ، بَلْ كُلَّ حِينٍ اتَّبِعُوا الْخَيْرَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ. افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ. صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ. اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ. لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ. لاَ تَحْتَقِرُوا النُّبُوَّاتِ. امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ<span dir="LTR">.</span> امْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ<span dir="LTR">.</span> وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيح.</p><p dir="RTL">ويخبرنا لوقا أن &quot;بِصَبْرِكُمُ تربحون أَنْفُسَكُمْ&quot; (لوقا 21:19) ويقول متى &quot;لكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ&quot; (متى 24 : 13). أما يوحنا الحبيب فيقول في سفر الرؤيا 19: 1-9 :وَبَعْدَ هذَا سَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ فِي السَّمَاءِ قَائِلاً: هَلِّلُويَا! الْخَلاَصُ وَالْمَجْدُ وَالْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ لِلرَّبِّ إِلهِنَا،&nbsp;لأَنَّ أَحْكَامَهُ حَقٌ وَعَادِلَةٌ، إِذْ قَدْ دَانَ الزَّانِيَةَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي أَفْسَدَتِ الأَرْضَ بِزِنَاهَا، وَانْتَقَمَ لِدَمِ عَبِيدِهِ مِنْ يَدِهَا...&nbsp;وَقَالَ لِيَ: اكْتُبْ: طُوبَى لِلْمَدْعُوِّينَ إِلَى عَشَاءِ عُرْسِ الْحملِ!. وَقَالَ: هذِهِ هِيَ أَقْوَالُ اللهِ الصَّادِقَةُ. إذًا علينا أخوتي المحافظة على ايماننا الى المنتهى لكي نربح السماء. ونربح اللقاء مع يسوع في حضرة الآب السماوي.</p><p dir="RTL">إذًا نستطيع القول أن صعود السيد المسيح وجلوسه عن يمين الله يعني أنه تمم رسالته اتماما كاملا، وأن السيد المسيح سيد الكون والتاريخ، ومُلكه حاضر سريا في الكنيسة.</p><p dir="RTL">- فبعد حادثة القيامة والصعود تحققت خطة الله الخلاصية، ونحن الان في الساعة الاخيرة. فيوحنا الرسول في رسالته الأولى 2: 18 يقول:&nbsp;<span dir="LTR">&quot;</span>أَيُّهَا الأَوْلاَدُ هِيَ السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. وَكَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ يَأْتِي، قَدْ صَارَ الآنَ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ. مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ&quot;. ومن الواضح أن الساعة الاخيرة طويلة بمقياس زمن الانسان فمنذ الصعود لليوم (ونحن نعيش في عام 2017) مر أكثر من 1976 سنة تقريبًا، وما تزال الساعة الاخيرة مستمرة ولا نعلم حتى متى! فالأزمنة الاخيرة قد أتت الينا وتجديد العالم قد حصل على غير تراجع ووقع بكل حقيقة في الايام الحاضرة، ونحن بانتظار أن يخضع له كل شيء (كتاب التعليم الكاثوليكي ص 219). والزمن الحاضر هو زمن الروح والشهادة (الروح القدس والكنيسة). فبعد صعود السيد المسيح بدأ عمل الروح القدس والكنيسة. ولكنه زمن الضيق 1 كورنثوس 7: 26 وامتحان الشر وهو زمن ترقب وسهر.</p><p dir="RTL">- الجلوس إلى يمين الآب يعني افتتاح مُلك المّسيا، أي تحقيق رؤيا دانيال النبي في شأن ابن سلطانا وابن الانسان: &quot;أوتي، فجميع الشعوب والأمم والألسنة يعبدونه، وسلطانه سلطان ومجدًا وملكًا أبدي لا يزول وملكه لا ينقرض&quot; (دا 1: 22). فمنذ هذه اللحظة، أصبح الرُسل شهوَد &quot;الُملك<span dir="LTR"> .</span>الذي ليس له انقضاء&quot;، وصعود السيد المسيح يشير إلى الدخول النهائّي لناسوت يسوع إلى مقّر الله السماوّي الذي يخفيه في هذا الوقت عن عيون البشر. ويسوع المسيح، رأسُ الكنيسة، الذي سبقنا إلى ملكوت الآب المجيد حتى نحيا نحن، أعضاء جسده، في رجاٍء أن نكون يوماً معه إلى الابد. ويسوعُ المسيح، الذي دخل مّرًة واحدًة مقّدس السماء، يشفع فينا أبدً فيض الروح القدس. فقد وعدنا السيد المسيح كما جاء في انجيل يوحنا 14 حينما قال: &quot;لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي،&nbsp;فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا،&nbsp;وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا،&nbsp;وَتَعْلَمُونَ حَيْثُ أَنَا أَذْهَبُ وَتَعْلَمُونَ الطَّرِيقَ. قَالَ لَهُ تُومَا: يَا سَيِّدُ، لَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّرِيقَ؟&nbsp;قَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي.. وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ،&nbsp;رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ<span dir="LTR">.</span> لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ&quot;.</p><p dir="RTL">اذًا فالصعود هو تتويج للعمل الخلاصي الذي قام به السيد المسيح من أجلنا في رحلة تجسده في العهد الجديد. فلقد صعد الرب الى اعلى السموات بالجسد الذي أخذه من مريم العذراء كجسد روحاني نوراني ممجد واصعد طبيعتنا البشرية معه الى السماء. وبصعود المخلص تمجد أبن الكلمة واستحقت البشرية نعمة ومواهب وثمار الروح القدس. وكشف لنا القديس بولس الرسول ثمار الروح في رسالته إلى أهل غلاطية 5: 22 &quot;وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ&quot;.</p><p dir="RTL">فبلا ادنى شك، أن التأمل في الصعود له نكهةٌ مختلفةٌ عن باقي الاحداث في الكتاب المقدس، فهو مرتبط كثيرا بالرجاء والانتظار الجميل لعودة السيد مرة ثانية. &nbsp;وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي سَحَابٍ بِقُوَّةٍ كَثِيرَةٍ وَمَجْدٍ&quot; (مرقس 13: 26). اذن لقد ارتبط المجيء الثاني بالصعود.&nbsp;وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ&quot; (يوحنا 14 : 3).</p><p dir="RTL">وفي صعود الرب نالت الكنيسة قوة صعودها وارتفاعها فتصعد وتأتي اليه في مجيئه الثاني حينما يدعوها: &quot;ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَم&quot; (متى 25: 34). ومن هنا تحتفل الكنيسة بعيد الصعود وتحث بنيها على شكر وتمجيد الرب الذي أنهض طبيعتنا الساقطة وأصعدنا وأجلسنا معه في السماويات.&nbsp;وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، (افسس 2 : 6).</p><p dir="RTL"><strong>كيف تعاملت الأجيال المسيحية عبر العصور مع حادثة الصعود؟</strong></p><p dir="RTL">الصعود يصبح عيدا مستقلا بعد أربع قرون على حادثة الصعود: كان الناس يحتفلون بالصعود مع العنصرة وكنيسة الرسل الاولى احتفلت بالعيدين في يوم واحد حتى نهاية القرن الرابع فكان الناس يجتمعون مساء على جبل الزيتون عند كنيسة الصعود ويقرأون الانجيل ما يتعلق بالصعود ويتلون المزامير والاناشيد . وبعد ذلك اصبح عيد الصعود مستقلا له فروضه وكانوا يقيمونه بعد القيامة بأربعين يوما. وفي القرن الخامس انتشر عيد الصعود في كل مكان من العالم. وفي القرون الوسطى كانوا يقيمون فيه طوافا عظيما مستذكرين مسيرة يسوع مع تلاميذه معظمين دخول يسوع الظافر الى السماء.</p><p dir="RTL">وحادثة الصعود تُثبَت في قانون الايمان في مجمع نيقية سنة 325م، كما يلي: &quot;نؤمن بإله واحد...&nbsp;وصعد إلى السماء&nbsp;وجلس على يمين الله الآب&nbsp;وأيضا سيأتي بمجده العظيم&nbsp;ليدين الأحياء والأموات&nbsp;الذي لا فناء لملكه&quot;.</p><p dir="RTL">فقد انتهت رسالة يسوع على الأرض بجسده البشري بعد أن عرَفَنا على الله الآب وكان لا بد أن يعود من حيث اتى. لقد أتم رسالته فكانت أن علمنا كيف نتوق الى السماء وان منزلنا الحقيقي ليس على هذه الارض . وهنا نصلي الى العذراء أمنا : علمينا أن نترفع عن كل خيرات الأرض فيكون اهتمامنا فقط الاستعداد للقاء الآب السماوي حيث الحياة الابدية وحيث الملكوت المعد لنا. آمين.</p><p dir="RTL">لقد صعد يسوع الى السماء ولكنه لم يتركنا وحدنا كما وعد، بل أرسل لنا الروح المعزي الذي يرشدنا ويدلنا دوما على طريقه كي لا نضيع في مجاهل هذا العالم. فيا مريم أطلبي لنا من الله مواهب هذا الروح القدوس فلا نظل الطريق بل يكون لنا النور الذي يهدينا بثبات نحو الملكوت وكما أمطرت السماء نعما غزيرة عليك وعلى التلاميذ يوم العنصرة هكذا يا مريم فليكن لنا هذا باستحقاقات قيامة المسيح وبشفاعتك. آمين</p><p dir="RTL"><strong>كيف تحدث القديسين الاوائل والبابوات عن الصعود؟</strong></p><p dir="RTL"><strong>القديس يوحنا الذهبي الفم:</strong> بالصعود تصالح الله مع الجنس البشري.</p><p dir="RTL"><strong>القديس أوغسطينوس:</strong> صعد يسوع الى السماء... لذلك علينا ألا نقلق على الأرض.. لتكن أفكارنا هناك وسوف يكون هناك سلام.. إن أردنا ان نصعد ونكون بصحبته فيجب علينا أن نكف عن الخطية وعن الشر.. نحن نعيد لمناسبة عيد الصعود بكل طهارة فنحن نصعد معه وتكون قلوبنا فوق لأن قيامة المسيح هى رجاؤنا وصعوده هو مجدنا.</p><p dir="RTL"><strong>البابا لأون الكبير</strong> (موعظة حول الصعود): ولذلك، لمّا صعدَ الربُّ إلى أعالي السَّماوات، ليس فقط لم يحزنوا بل امتلأُوا فرحًا عظيمًا<span dir="LTR">.</span> وفي الحقيقةِ كانَ مصدرَ فرحٍ عظيمٍ لا يمكنُ وصفُه، مشهدُ الطَّبيعةِ البشريّةِ، وقد أُعطِيَتْ أمامَ جماعةِ الرُّسُلِ المقدَّسةِ كرامةً تفوقُ الكائناتِ السَّماويَّةِ: علَتْ فوقَ رُتَبِ الملائكة، وارتفعَتْ فوقَ رؤساءِ الملائكة، ولم تنَلْ أسمى المخلوقاتِ ما نالَتْ من الرِّفعة. وبرِضَى الآبِ الأزليِّ شاركَتْه على عرشِ مجدِه، لأنَّها كانَتْ متَّحدةً به في الابن<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL"><strong>خلاصة معنى وأهمية صعود السيد المسيح</strong></p><p dir="RTL">أن حادثة الصعود تعطي اشارة الى انتهاء خدمة يسوع الدنيوية، وتثبت نجاحه في عمله الدنيوي، وهي علامة على مجده السماوي، وترمز الى تمجيده من قبل الآب، وبالصعود سيعد السيد المسيح مكانا لنا في السماء عرش الله، وهي اشارة الى بداية عمل الروح القدس والكنيسة، واشارة الى بداية عمل يسوع ككاهن كبير ووسيط العهد الجديد، وهي كشف لنمط عودته الثانية لإقامة مملكته.</p><p dir="RTL">حاليًا الرب يسوع في السماء، ولكنه معنا في القربان المقدس ويعمل من خلال الروح القدس والكنيسة، وهو موجود بيننا الان: &quot;لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم (متى 18: 20).&nbsp;آمين</p>