موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٩ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٩
المطران الصائغ يرفع الشكر لله على نعمة اليوبيل الماسي لرسامته الكهنوتية

عمان – أبونا :

 

رفع المطران سليم الصايغ الشكر لله تعالى على نعمة يوبيله الكهنوتي الماسي (60 عامًا)، وذلك خلال القداس الإلهي الذي ترأسه في كنيسة الراعي الصالح، مساء أمس الجمعة، بمشاركة لفيف من الأساقفة والكهنة والراهبات والمؤمنين.

 

واستهلّ المطران المحتفل عظته بالقول: "نقّدم هذه الذبيحة الإلهية للتعبير عن شكرنا لله على نعمة الكهنوت، وعلى ما أنعم به عليّ من نعم ومواهب، وما أفاضه في نفسي من نور سماوي وسعادة إليهة طيلة مسيرتي الكهنوتية مدة ستين سنة. تبدو الستون سنة لأول وهلة طويلة، ولكنها في الواقع قصيرة جدًا، وهي بمثابة نقطة من بحر الأبدية. فالكنيسة المقدسة تقول للكاهن يوم رسامته الكهنوتية: ’أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكيصادق‘. كذلك أقدّم شكري الجزيل لكم على حضوركم اليوم، ومشاركتكم أياي نشيد الشكر لله الذي منّ ويمُن على كنيسته في بلادنا المقدسة بنعمة الكهنوت. ويسرّني جدًا أن أذكر في ذبيحة القداس هذه أعزاءنا: سيادة المطران بولس ماركوتسو، وحضرة الأب ألدو تولوتو، اللذين يحتفلان هذه السنة بيوبيل الخمسين سنة على نعمة الكهنوت، وحضرة الأب رشيد مستريح الذي يحتفل بيوبيل الخمس والعشرين سمة على نعمة الكهنوت في الحياة الرهبانية الفرنسيسكانية".

 

وتطرّق سيادته إلى وجهين أساسيين من حياة الكاهن السعيدة، المليئة بالنور والحب والعطاء، سواء كان الكاهن مطرانًا أو كاهن رعيّة أو مساعدًا له، أو كاهنًا راهبًا أو كاهنًا ناسكًا في ديره. وقال: "الوجه الأول هو أن الكاهن بالرسامة الكهنوتية لا يعود يمتلك نفسه بل يمتلكه يسوع المسيح الكاهن الأزلي، تمامًا كما أن الراهبة والراهب، المكرسة والمكرس لله، يصبحون ملكًا للمسيح بإبرازهم النذور المقدسة. يوم الرسامة الكهنوتية، يصبح الكاهن مسيحًا آخر، ويصنع ما صنع المسيح، يحوّل الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه، ويغفر الخطايا ويحمل رسالة المسيح، ويضحّي بذاته كما ضحّى المسيح، في سبيل خلاص النفوس".

 

وأضاف: "عالم اليوم مليء بالخيرات الزمنية، ولكنه في مجمله غير سعيد لأنه يرفض الله ويرفض وصاياه. عالم اليوم جائع ليسوع الفادي لأن يسوع وحده يُشبع، كما قال القديس توما الأكويني. عالم اليوم لا يطلب من الكاهن أن يكون متخصصًا في الأمور المادية والتجارية والاجتماعية والسياسية، ولكنه يطلب منه أن يتخصص في حب يسوع المسيح وفي رسالته الخلاصية، كي يحصل منه على يسوع المسيح. يحتاج الناس أن يلمسوا في الكاهن يسوع المسيح الراعي الصالح، رجل الصلاة والعمل الرسولي، رجل الله. ليس الكهنوت مهنة ولا وظيفة، بل خدمة روحية ورسالة مقدسة، وواقع إلهي مقدّس، وتكريس مطلق لله. الثوب الكهنوتي الذي يلبسه الكاهن رمز كنسي مقدّس يشير إلى تكريس الذات الكلي لله، ويشير إلى قلب كهنوتي أمين لنعمة الكهنوت، وسعيد بنعمة الكهنوت، يشير إلى إرادة سخيّة تطمح باستمرار إلى تحقيق ما يطمح إليه يسوع الكاهن الأزلي، ألا وهو الخلاص الأبدي لكل إنسان".

 

وتابع: "الوجه الثاني هو الوجه الفائق الطبيعة لحياة الكاهن. هدف الكهنوت والخدمة الكنوتية هو فائق الطبيعة، أي مجد الله وخلاص النفوس. الله قدوس وبالخدمة يُمجّد. الله محبة وبالمحبة الإلهية يُمجّد الله وتُخلّص النفوس. وهذا يعني أن الوسائل التي تحقق هذا الهدف الروحي يجب أن تكون روحية، فائقة الطبيعة. بخلاف ذلك، مهما تعب الكاهن، ومهما عمل في حياته الكهنوتية، فهو يبقى على المستوى الإنساني، ولا يحقق الهدف الروحي لخدمته. ما الذي يرفع الكاهن إلى مستوى الفائق الطبيعة؟ يرفعه: ثباته في حال النعمة، صلاته الكهنوتية والتوبة وتكريم أمّه مريم البتول. هذه هي ينابيع النعمة والقوة الروحية في داخل نفس الكاهن".

 

وتوقف المطران الصائغ في عظته على الصلاة الكهنوتية، وقال: "طلب السيد المسيح المداومة على الصلاة من غير ملل (لو 18: 1). والمجمع الفاتيكاني الثاني كرر ما توصي به الكنيسة باستمرار، وما أوصى به القديسون العظام، أوصى بكل شدّة بأن يقيم الكهنة ذبيحة القداس يوميًا، لأن ذبيحة القداس هي عمل المسيح والكنيسة، عليها يتوقف خلاص العالم. والكهنة مؤتمنون عليها. خدمة الكهنة الروحية تستقي فاعليتها الفائقة الطبيعة وقوتها الروحية من ذبيحة المسيح. كذلك شدّد على وجوب الأمانة لتلاوة صلاة الساعات يوميًا وبكل أجزائها دون نقصان لأنها صلاة الكنيسة من أجل البشرية جمعاء، والكاهن مؤتمن عليها. وركز أيضًا على الصلاة التأملية، قلما يكون لمدة نصف ساعة في اليوم. وبهذا الصدد تقول القديسة تريزيا الأفيلية: ’من كان أمينًا على نصف ساعة تأملية كل يوم فإن السماء مضمونة له‘. كذلك ركّز على تكريم أمنا مريم العذراء وعلى إقامة علاقة حب حميمة كهنوتية مع يسوع في سر القربان، وذلك برزيارة القربان يوميًا قلما يكون لمدة نصف ساعة. قال البابا القديس يوحنا بولس الثاني في لقاء له مع الكهنة: ’إن ما يجب أن تعملوا على تنميته هو، أولاً وقبل كل شيء، أن تتعودوا أن تصلوا. أنتم رجال صلاة، وهذا أهم من الخدمة التي تقدمونها مهما كانت‘".

 

وخلص المطران الصايغ عظته بالقول: "الرعيّة، أفرادًا وجماعة، بحاجة إلى صلاة راعيها، لكي تثبت على محبة المسيح، والكاهن بحاجة إلى صلاة أبنائه ودعمهم الروحي لكي يكون أمينًا على نعمة الكهنوت وعلى خدمتهم الروحية والراعوية. كلنا، عاملون معًا، كما يقول القديس بولس الرسول لأهل قورنتس: ’نحن عاملون معًا في عمل الرب، وأنتم حقل الله وبنيان الله‘ (1 قو 3: 9). واختم كلمتي هذه، بكلمة بولس الرسول إلى تلميذه طيموتاوس: ’أشكر للمسيح يسوع الذي منحني القوة أنه عدّني ثقة فأقامني لخدمته.. وفاضت عليّ نعمته (1 طيم 1: 12-14). كذلك أشكر أمي مريم العذراء التي غمرتني بحبها وعطفها وحنانها واهتمامها الوالدي جميع أيام حياتي".