موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الإثنين، ١٧ أغسطس / آب ٢٠١٥
البابا يرتقي بالمناخ إلى قضية مقدسة

أنور عقل ضو :

فيما كنا نتوقع أن تشهد التحضيرات لمؤتمر باريس للمناخ COP21 مسارا متصاعدا يرقى إلى مستوى هذا الحدث الكوني، نجد أن ثمة جمودا تقطعه من حين لآخر لقاءات ومواقف تقارب الاستعراض، وجلها يندرج في التوظيف السياسي، حتى الدول التي قدمت التزاماتها الخاصة بخفض انبعاثاتها من غازات الدفيئة لن تتمكن من الوفاء بما تعهدت به بحلول العام 2030، وآخرها أستراليا –أكبر مصدر في العالم للفحم وخام الحديد– حين أعلنت قبل أربعة أيام خفض انبعاثات الكربون بنسبة 26-28 بالمئة عن مستوياتها في عام 2005 بحلول عام 2030، وبالرغم من أن هذا المستوى أقل بكثير من التوصيات التي أقرتها هيئة تغير المناخ الأسترالية، فقد قوبل على الفور بانتقادات، ما دفع رئيس الوزراء الاسترالي توني أبوت للقول "يجب أن نكون مسؤولين على المستوى البيئي، لكن علينا أن نكون أيضا مسؤولين اقتصاديا، علينا أن نخفض انبعاثاتنا لكن علينا ان نخفض الانبعاثات بطريقة تتسق مع النمو القوي والمستمر".

ولا تشكل أستراليا استثناء في هذه المجال، فكافة الدول تواجه تحديات اقتصادية قد تلجم خياراتها البيئية المعلنة، وستكون غير قادرة على الإيفاء بالتزامتها، وثمة مخاوف حقيقية من أن تكون الدول الغنية حاضرة في مؤتمر باريس من خاصرة مصالحها الضيقة، ما يعني تفويت فرصة تاريخية لجهة التوصل إلى اتفاق إطاري ملزم بشأن المناخ وهدف استراتيجي لخفض الانبعاثات، أي منع ارتفاع درجة الحرارة بأكثر من درجتين مئويتين.

وإذا ما تتبعنا مسار الاستعدادات لمؤتمر باريس، نجد أن مواقف البابا فرنسيس هي الأكثر جرأة في مقاربة تغير المناخ حين طالب باتخاذ إجراءات سريعة لانقاذ كوكب الأرض من الدمار البيئي، وحث زعماء العالم للإنصات إلى "صرخات الارض وأنّات الفقراء"، ودعا إلى تغيير أسلوب حياة الدول الغنية التي تنغمس في الثقافة الاستهلاكية "الخرقاء" ووضع حد "للمواقف المعرقلة" التي تفضل الربح احيانا على المصلحة العامة.

النقطة المحورية في هذا المجال تتمثل في أن البابا يملك هامشا أكبر من قادة الدول الغنية في التصويب على الأسباب الحقيقية لظاهرة الاحترار العالمي، وهو وجه دعوة "ليوم عالمي للصلاة من أجل الاهتمام بالخلق" للفت الانتباه الى المحنة التي تواجه كوكب الارض، وأعلن الاول من أيلول (سبتمبر) يوما عالميا يصلي فيه 1.2 مليون نسمة من أتباع الكنيسة الكاثوليكية كل عام في أحدث خطوة من جانبه لإبراز المخاوف البيئية التي تحيق بالعالم، قبل قمة المناخ في العاصمة الفرنسية.

ويبدو أن البابا يرتقي بالمناخ إلى قضية مقدسة "لنشكر الرب على خلقه الرائع الذي كلفنا برعايته وننشد مساعدته لحماية الخلق، وأيضا عفوه عن المعاصي التي ارتكبناها ضد العالم الذي نعيش فيه". لكن أكثر من نخشاه ألا نملك حيال ما نواجه من تحديات بيئية إلا الصلاة!.