موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٣ أغسطس / آب ٢٠٢٣
البابا فرنسيس لطلاب جامعيين: لا يوجد مستقبل في عالم من دون الله
← اجعلوا الإيمان ذات مصداقية من خلال خياراتكم
← لا يكفي أن يكون المسيحي مُقتنعًا، بل يجب أن يكون مُقنعًا

أبونا وفاتيكان نيوز :

 

في اليوم الثاني من زيارته الرسوليّة إلى البرتغال بمناسبة يوم الشبيبة العالمي السابع والثلاثين، زار البابا فرنسيس صباح الخميس 3 آب 2023، الجامعة الكاثوليكية في لشبونة حيث التقى بالشباب الجامعيين، مؤكدًا أنّه "لا يوجد مستقبل في عالم من دون الله".

 

وخلال اللقاء، استمع الحبر الأعظم إلى شهادات حياة لطلاب لاجئين رحبّت بهم الجامعة، وإلى طلاب مشاركين في تطبيق رسالة البابا فرنسيس العامّة حول البيئة "كُن مسبّحًا"، وفي الميثاق التربوي العالمي، وفي "اقتصاد فرنسيس"، إضافة إلى كلمة لمديرة الجامعة.

 

 

روّاد أحلام

 

أشار البابا إلى الكلمات الملهمة لمديرة الجامعة، لاسيما عندما قالت إنّ "الجامعة ليست موجودة لتحافظ على نفسها كمؤسّسة، وإنما لكي تُجيب بشجاعة على تحدّيات الحاضر والمستقبل". وشدّد على "أنّ الحفاظ على الذات هو تجربة، ردة فعل مشروطة للخوف، تجعلنا ننظر إلى الحياة بطريقة مشوهة".

 

وقال: "إذا حافظت البذور على نفسها، فستهدر تمامًا قدرتها على التوليد، وستحكم علينا بالجوع. وإذا حافظ الشتاء على نفسه، فلن تكون هناك روعة الربيع. لذا تحلوا بالشجاعة لكي تستبدلوا المخاوف بالأحلام: لا تكونوا مدبري مخاوف، وإنما رواد أحلام!".

 

 

روّاد تغيير

 

وانتقد الحبر الأعظم العقليّة النخبويّة الحاليّة غير المتكافئة والتي تبقي التعليم العالي امتيازًا لقليلين. وأشار إلى أهميّة عدم النظر إلى الدرجة العلميّة كرخصةٍ لبناء الرفاهية الشخصية وحسب، وإنما كمهمّة لتكريس الذات لمجتمع أكثر عدالة وادماجًا، وأكثر تقدّمًا.

 

ودعا الطلاب الجامعيين، "حجاج العلم" كما أسماهم، إلى أن يكونوا "رواد التغيير"، مقتبسًا من كلمات الكاتب خوسيه دي ألمادا نيغرييروس: "حلمتُ ببلد يصبح فيه الجميع معلِّمين". وخاطب الطلبة بالقول: إنّ هذا المُسن الذي يتحدّث إليكم يحلمُ أيضًا بأن يصبح جيلكم جيل معلمين. معلمو بشريّة. معلمو رحمة. معلمو فرص جديدة لكوكب الأرض وسكانه. معلمو رجاء".

 

 

إيكولوجيا شاملة

 

كما شدّد البابا على الاعتراف بالضرورة الملحة للاهتمام ببيتنا المشترك.

 

أضاف: "لكن، لا يمكن القيام بذلك دون ارتداد القلب وتغيير الرؤية الأنثروبولوجية التي يقوم عليها الاقتصاد والسياسة. لا يمكننا أن نكتفي بالإجراءات البسيطة الملطفة أو التنازلات الخجولة والغامضة. في هذه الحالة "الحلول الوسطى ليست سوى تأخير بسيط في الكارثة". كما دعا إلى الحاجة "لإعادة تعريف ما نسميه التقدّم والتطور. لأنّه، باسم التقدم، كان هناك الكثير من الانحطاط والتراجع".

 

وقال البابا فرنسيس للطلاب الجامعيين: "أنتم الجيل الذي يمكنه أن يفوز بهذا التحدي: لديكم أكثر الأدوات العلمية والتكنولوجية تقدمًا، ولكن من فضلكم لا تقعوا في فخ الرؤى الجزئية. لا تنسوا أننا بحاجة إلى إيكولوجيا متكاملة، وإلى أن نصغي إلى ألم الكوكب وألم الفقراء؛ ونجعل مأساة التصحر موازية لمأساة اللاجئين، وموضوع الهجرة مع موضوع انخفاض معدل الولادات، وإلى أن نهتمّ بالبعد المادي للحياة داخل بعد روحي. لا أن نخلق استقطابات، وإنما رؤى شاملة".

 

 

اجعلوا الإيمان ذات مصداقية

 

وأكد البابا فرنسيس بأنّه "لا يمكن أن يكون هناك مستقبل في عالم بدون الله".

 

وقال: "اجعلوا الإيمان ذات مصداقية من خلال خياراتكم. لأنّه إذا لم يولد الإيمان أنماط حياة مقنعة، فلن يختمر عجين العالم. لا يكفي أن يكون المسيحي مُقتنعًا، بل يجب أن يكون مُقنعًا؛ وبالتالي فإنّ أفعالنا مدعّوة لكي تعكس جمال الإنجيل الفرِح والجذري في الوقت عينه".

 

أضاف: كذلك، لا يمكن أن تُسكن المسيحية كحصن محاط بالجدران، لأنّ أحد أهم المهام بالنسبة للمسيحيين في كل عصر هو استعادة معنى التجسد. فبدون التجسد تصبح المسيحية أيديولوجيّة، وعندها لن نندهش من الجمال الذي يكشفه المسيح من خلال كل أخ وأخت، وكل رجل وامرأة.

 

 

مساهمة النساء

 

وتطرّق البابا إلى تسمية القسم الجديد المخصص لـ"اقتصاد فرنسيس"، باسم القديسة كلارا.

 

وأكد على أنّ مساهمة النساء لا غنى عنها، حيث يُظهر الكتاب المقدس كيف أن اقتصاد العائلة هو إلى حد كبير في يد المرأة، فهي "الحاكم" الحقيقي للبيت، بحكمة لا يقتصر هدفها على الربح، وإنما على العناية والتعايش والرفاهية الجسدية والروحية للجميع، فضلاً عن المشاركة مع الفقراء والغرباء.

 

وفي هذا السياق، أشار البابا فرنسيس إلى نقطة في مبادرة الميثاق التربوي العالمي، وهي التربية على الاستقبال والادماج، مجددًا التأكيد على أهميّة ثقافة اللقاء، "لأنّه في كل مرة يمارس فيها شخص ما لفتة حسن الضيافة، هو يحدث تحوّلاً".