موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٢ مارس / آذار ٢٠٢١
البابا: المحبة هي في صميم المعرّف الجيّد؛ ليكون بالنسبة للتائب أبًا وأخًا ومعزيًا
على المعرّف أن يكون بالنسبة للتائب أخًا وأبًا ومعزيًا

فاتيكان نيوز :

 

استقبل البابا فرنسيس اليوم الجمعة في القصر الرسولي المشاركين في الدورة الحادية والثلاثين لمحكمة التوبة الرسولية. وأشار في كلمته إلى ثلاثة تعابير توضح بشكل جيّد سر المصالحة، الأول هو ترك الذات للمحبة، والثاني جعل أنفسنا نتغير بالمحبة، والثالث هو الإجابة على المحبة.

 

 

ترك الذات للمحبة

 

توقف قداسته عند التعبير الأول فقال: إنّ ترك الذات للمحبة يعني القيام بفعل إيمان حقيقي، مشيرًا إلى أنّ الإيمان لا يمكن اقتصاره في قائمة من المفاهيم أو الأمور التي يجب الإيمان بها، بل يتم التعبير عن الإيمان وفهمه داخل علاقة، العلاقة بين الله والإنسان وبين الإنسان والله، وذلك على أساس منطق الدعوة والإجابة، فالله يدعو والإنسان يجيب. فالإيمان هو لقاء مع الرحمة، مع الله الذي هو الرحمة، وتسليم الذات لعناق هذه المحبة التي نحتاج إليها كثيرًا وهو ما نخاف من القيام به أحيانًا. ومَن لا يترك ذاته لمحبة الله سينتهي به الأمر إلى ترك ذاته لأمور أخرى فيصبح بين ذراعَي العقلية الدنيوية والتي تحمل في النهاية المرارة والحزن والوحدة ولا تداوي.

 

وشدد البابا فرنسيس بأنّ الخطوة الأولى في اعتراف جيّد هي فعل إيمان، حيث يلجأ التائب إلى الرحمة مسَلمًا ذاته لمحبة الله، مشيرًا إلى أنّ ألم الشخص لما يرتكب من خطايا هو علامة ترك الذات بثقة لهذه المحبة. وعلى المعرِّف أن يكون قادرًا على الانبهار دائمًا بالأخ الذي يطلب مغفرة الله.

 

 

جعل أنفسنا نتغير بالمحبة

 

ثم انتقل قداسته إلى التعبير الثاني، فقال: إنّ عيش الاعتراف بهذا الشكل الذي أوضحه يعني أن يترك الشخص نفسه للتغيّر بفعل المحبة. إنّ القوانين ليست هي ما يخلِّص، فالإنسان لا يتغير بفضل سلسلة من القواعد بل بجاذبية المحبة التي يشعر بها والمقدَّمة له مجانًا، محبة ظهرت بالكامل في يسوع المسيح وفي موته على الصليب من أجلنا، فهكذا أصبحت المحبة، التي هي الله ذاته، مرئية للبشر بشكل جديد تمامًا وبالتالي يمكنها أن تجدِّد كل شيء.

 

وتابع البابا فرنسيس: إنّ التائب الذي يلتقي خلال الاعتراف بشعاع هذه المحبة يترك ذاته للتحوّل بفعل المحبة والنعمة. وواصل البابا فرنسيس أن المعرِّف الجيد عليه الانتباه إلى أعجوبة التغير، والتعرف على فعل النعمة في قلب التائب داعمًا بأكبر قدر ممكن فعل التحوّل.

 

 

الإجابة على المحبة

 

وفي توقفه عند التعبير الثالث، قال البابا: إنّ ترك الذات للمحبة والتغير بفضلها يقود بالضرورة إلى الإجابة على المحبة المتلقاة. وذكَّر في هذا السياق بكلمات القديس يعقوب "فأرِني إيمانك من غير أعمال، أُرك أنا إيماني بأعمالي" (يعقوب 2، 18)، مشددًا على أن الرغبة الحقيقية في التوبة تصبح ملموسة في الإجابة على محبة الله التي نتلقاها ونقبلها، إجابة تبرز في تغير الحياة وفي أعمال الرحمة الناتجة عن ذلك.

 

وأضاف: أن مَن يُستقبل بالمحبة لا يمكنه ألا يستقبل الأخ، ومَن يترك ذاته للمحبة لا يمكنه ألا يعزي المتألمين، ومَن غفر له الله لا يمكنه ألا يغفر لأخوته. فإننا ورغم عدم تمكننا من تطابق كامل مع المحبة الإلهية بسبب الفرق بين الخالق والمخلوقات، فإن الله يرشدنا إلى محبة ممكنة يمكننا أن نعيش فيها هذا التطابق المستحيل: محبة الأخ. إنّ بمحبتنا للأخوة نكشف لأنفسنا وللعالم ولله أننا نحبه بالفعل ونجيب بشكل ملائم على رحمته.

 

وعاد البابا فرنسيس أيضًا للحديث عن المعرِّف والذي عليه أن يوجِّه دائما إلى محبة القريب كتدريب يومي على محبة الله، وهكذا يصبح تكرار سر المصالحة، سواء للتائب أو للمعرِّف، درب قداسة ومدرسة إيمان، ترك الذات لمحبة الآب الرحومة وللتغيير الناتج عنها والإجابة عليها.

 

وفي الختام، دعا فرنسيس إلى تذكّر أن كلا منا هو خاطئ غُفر له وُضع في خدمة الآخرين كي يمكنهم من خلال سر المصالحة لقاء تلك المحبة التي جذبتنا وبدلت حياتنا. وانطلاقًا من هذا الوعي فعلى المعرِّف أن يكون بالنسبة للتائب أخًا وأبًا ومعزيًا.