موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
خلال الأيام الثلاثة الماضيّة، انعقدت الجمعيّة العامّة للأكاديميّة الحبرية للعلوم في الفاتيكان تحت عنوان: "العلوم الأساسيّة من أجل التنميّة البشريّة والسلام وصحة الكوكب". وخلال استقباله للمشاركين، تطرّق البابا فرنسيس إلى أفضل السبل لاستخدام معرفة العلوم الأساسيّة لحلّ بعض التحديات الأكثر إلحاحًا في العالم، بما في ذلك تغيّر المناخ والحروب المستمرّة.
بدأ البابا في خطابه التفكير في تاريخ الأكاديميّة الحبريّة للعلوم التي بدأت عام 1603. وقال: إنّ هذه الأكاديميّة فريدة من نوعها داخل مؤسّسة دينيّة، مشيرًا إلى أنّ الكنيسة الكاثوليكيّة "تحتضن وتشجّع شغف البحث العلمي كوسيلة للتعبير عن الحب للحقيقة والمعرفة في العالم".
واستشهد بما قاله القديس توما الأكويني بأنّ "هدف الكون كله هي الحقيقة"، وأردف: نحن جزء من هذا الكون، ولدينا مسؤوليّة فريدة تنبع من حقيقة أننا في مواجهة الواقع قادرون على الدهشة وأن نسأل أنفسنا: لماذا؟، وبالتالي هناك في الأساس هذا الموقف التأملي، وتكمّله مهمة الحفاظ على الخليقة.
وأشار إلى أنّ موضوع الجمعيّة العامّة يدور حول ربط "العلوم الأساسيّة" بحلّ التحديات الحاليّة، داعيًا إلى "نهج مترابط" يعكس الحاجة المتزايدة للدراسات متعدّدة التخصّصات والتي يمكن أن تساعد في تقديم إجابات على أسئلة الإنسانيّة النهائيّة.
وشدّد على أنّ الدافع نحو الإنجازات العلميّة يجب أن يكون دائمًا موجّهًا نحو احتياجات الأخوّة والعدالة والسلام، لكي تساهم في مواجهة التحدّيات الكبيرة التي تواجه أسرتنا البشريّة وبيئتها، مهنئًا الأكاديميّة على تاريخها الحافل في معالجة التحدّيات العالميّة، وجهودها الموجّهة دائمًا إلى مشاركة اكتشافات العلوم والتكنولوجيا لإفادة جميع الناس، لاسيّما الأشدّ عوزًا وفقرًا.
وقال: "أهنئكم لأنكم تحافظون على هدف ربط العلوم الأساسيّة بحلّ التحدّيات الحاليّة؛ ربط علم الفلك والفيزياء والرياضيات والكيمياء الحيويّة وعلوم المناخ بالفلسفة في خدمة التنميّة البشريّة والسلام وصحة كوكبنا"، موضحًا بأنّه لا يمكن تحقيق نتائج إيجابيّة إلا عندما يبحث العلماء عن الحقيقة، "ويطبقون الاكتشافات بطريقة تتطوّر جنبًا إلى جنب مع البحث عمّا هو حق ونبيل وجيّد وجميل".
وفي هذه المرحلة من التاريخ، دعا البابا إلى "تعزيز المعرفة التي تهدف إلى بناء السلام. فبعد الحربين العالميتين المأساويتين، بدا أن العالم قد تعلّم التحرّك تدريجيًّا نحو احترام حقوق الإنسان والقانون الدوليّ ومختلف أشكال التعاون. لكن لسوء الحظ، يظهر التاريخ بوادر تراجع. لم يقتصر الأمر على تكثيف الصراعات فحسب، بل عادت إلى الظهور قوميات منغلقة وعدوانيّة، بالإضافة إلى حروب هيمنة جديدة تؤثّر على المدنيين والمُسنين والأطفال والمرضى، وتسبّب الدمار في كل مكان".
وأعرب بأنّ النزاعات المسلحة الجاريّة تشكّل مصدر قلق بالغ، ووصف بأنّها "حرب عالميّة ثالثة تُشنُّ على أجزاء". لذلك، من الضرورة حشد جميع المعارف التي تقوم على العلم والخبرة من أجل التغلّب على البؤس والفقر وأشكال العبوديات الجديدة وتجنب الحروب.
وقال: على العلماء أن يتّحدوا لنزع سلاح العلم، وبالتالي أن يصبحوا قوة من أجل السلام. وأردف: "نحن مدعوون اليوم لكي نشهد على دعوتنا الأخويّة نحو الحريّة والعدالة والحوار واللقاء المتبادل والحب والسلام، ونتجنب تغذية الكراهية والاستياء والانقسام، والعنف والحرب".
وخلص البابا فرنسيس خطابه بدعوة إلى "ارتداد إيكولوجي أكبر"، من أجل "إنقاذ بيتنا المشترك، وحياتنا، وحياة الأجيال القادمة، بدلاً من أن نزيد التفاوتات والاستغلال والدمار". وشجّع قداسته الحضور على مواصلة العمل من أجل قيم الحقيقة والحريّة والحوار والعدالة والسلام، مؤكدًا في الختام على أنّ الكنيسة الكاثوليكيّة هي حليف للعلماء الذين يتبعون هذا الإلهام.