موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٣١ أغسطس / آب ٢٠٢٣
للمرة الأولى في تاريخ الكنيسة.. عائلة بجميع أفرادها على مذابح التطويب معًا
قُتلت عائلة أولما لأنها أخفت ثمانية يهود في منزلها عام 1944، ومن المقرّر أن يتم تطويبها في 10 أيلول 2023، مما يجعلها المرة الأولى التي يتم فيها تطويب عائلة بأكملها معًا، بما في ذلك الطفل الذي كان يحمل في بطن الأم في ذلك الوقت. موتها.

أبونا وفاتيكان نيوز :

 

يمثّل التطويب القادم لعائلة أولما في 10 أيلول 2023 حدثًا غير مسبوق في مسيرة التقديس الحديثة.

 

وسيتم تكريم هذه العائلة، المكوّنة من الوالدين جوزيف وفيكتوريا أولما وأطفالهما، بما في ذلك الطفل الذي لم يولد بعد، والذي كانت فيكتوريا حبلى به، بشكل جماعي على مذابح الكنيسة. ويُعتبر هذا التطويب غير العادي بمثابة شهادة على تضحية هذه العائلة خلال الحرب العالمية الثانية، عندما قامت بإيواء وحماية ثمانية يهود من الاضطهاد، على الرغم من أنّ هذه المساعدة ستعرّضها للخطر.

 

من هي عائلة أولما؟

 

عاشت عائلة أولما حياة عاديّة خلال الحرب العالمية الثانية في بلدة ماركوفا، جنوب شرق بولندا.

 

كان جوزيف يعمل في الحقول، بينما كانت فيكتوريا ربة منزل، يعتنيان بأطفالهما الستة، وطفل آخر قادم. من خلال الحياة اليوميّة البسيطة، جسّدت هذه العائلة تعاليم الإنجيل، فالصلوات العائليّة وقراءات الكتاب المقدّس وتعليم الإيمان، بالإضافة إلى تربيّة الأطفال بروح الإيمان والمحبّة، قد جعلت هذه الأسرة إلى ما وصفه القديس البابا يوحنا بولس الثاني بـ"كنيسة بيتيّة".

 

وقد كشفت الصحفية مانويلا تولي، بالتعاون مع المؤرخ الأب باويل ريتل أندريانيك، قصة عائلة أولما. فخلال رحلتها إلى أوكرانيا، اكتشفت تولي قصتهم، وكان له الأثر العميق. انتشرت صور عائلة أولما في جميع أنحاء بولندا، والتي تصوّر زوجين شابين لديهما العديد من الأطفال. وقد دفعت هذه الصورة المؤثرة إلى التفكير في الحروب المعاصرة والتاريخية، والصداقات، والفعل الرائع الذي قامت به عائلة أولما والمتمثل في فتح بيتهم المتواضع -المكوّن من غرفتين فقط- لثمانية يهود كانوا يبحثون عن ملجأ.

 

وقعت المأساة عندما اقتحمت القوات النازية منزلهم في 24 آذار 1944. وقد أصبحت عليّة المنزل، حيث تم إخفاء أصدقائهم اليهود، مكانًا للرعب. تم إعدام جوزيف وفيكتوريا أمام أطفالهما، وكانت فيكيتوريا حاملاً في شهرها السابع. وحتى الأطفال لم يسلموا من الإعدام. كما تمّ أيضًا حرق المنزل.

كل شيء يبدأ في العائلة

 

وقال الأب ويتولد بوردا، طالب دعوى تطويب العائلة، أنّ فيكتوريا كانت حاملًا عندما قُتلت، ويبدو أنها كانت في الأشهر الأخيرة من حملها، موضحًا بأنّ حياة الكنيسة مليئة بالحجج اللاهوتية التي ساعدت على أن نثبت للاهوتيي دائرة شؤون القديسين في الفاتيكان، أنّه حتى الطفل الذي لم يولد بعد، وهو بدون معمودية أو اسم، يمكن اعتباره شهيدًا للإيمان بالمسيح، مذكرًا بالأطفال الشهداء، أو الأطفال الذين قُتلوا في مدينة بيت لحم بأمر من الملك هيرودس.

 

وأكد أنّ وحدة العائلة التي كانت تشارك كل أحد في القداس، والصلوات التي كان الزوجان يتلوهما يوميًا مع أبنائهما، تذكّرنا بأهميّة التربية التي نتلقاها. وقال: كل شيء يبدأ في العائلة يبدأ بالحياة ويستمرّ في التربية. وشرح في هذا السياق أنه في عائلة أولما كان حب الوطن والأرض قويًا أيضًا. في الواقع، كان الزوجان كلاهما في الأصل من ماركوفا، وهي قرية كان يعيش أبناءها من العمل في الأرض وهذا الأمر حملهما إلى أن يتحلّيا باحترام كبير للأرض كأساس لحياتنا.

محبة تجاه الله والقريب

 

ومنذ الساعات الأولى بعد إعدام خدّام الله، اعتبر الشعب هذا الموت "استشهادًا".أما الأشخاص الذين رؤوا هذه القصة المأساويّة فقد تحدثوا عنها "بتقدير واحترام كبيرين" وانتشر خبرهم بسرعة. وبعد عدّة سنوات، مرض صديق لجوزيف وذهب إلى قبر عائلة أولما، وطلب شفاعتهم لكي يتعافى. وهي نعمة تمّت، واعتقد الرجل أنه نالها بشفاعة صديقه "جوزيف العزيز".

 

وأشار الأب بوردا إلى أنّه منذ ذلك الحين، استمرّ الإكرام لعائلة أولما في النمو، ليس فقط في بولندا وإنما في جميع أنحاء العالم. ففي عام 2016، تم افتتاح متحف خصّص للبولنديين الذين أنقذوا اليهود خلال الحرب العالمية الثانية في ماركوفا، وسمّي على اسم عائلة أولما. وفي السنوات الثلاث الأولى زاره حوالي 50 ألف شخص. كذلك هناك العديد من الحجّاج الذين يتوقفون كل عام لكي يكرِّموا قبرهم، لأنهم يمثلون للعديد من المؤمنين نموذجًا لزوجين مُحبَّين بنيا حياتهما معًا على أساس الإيمان المتين.

 

وخلص الأب بوردا في حديثه إلى القول: إنّ أمانتهما اليوميّة لوصيّة المحبة تجاه الله والقريب هي ما يميّز قصة "سامريي ماركوفا". وبالتالي أدعو جميع الأزواج والعائلات لكي يطلبوا شفاعة عائلة أولما، لكي يتمكنوا هم أيضًا على مثال خدّام الله من أن يتبعوا درب المحبّة، مؤسّسين مسيرتهم على الإيمان وعلى الحضور الحقيقي للمسيح في حياتهم.