موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١٧ أغسطس / آب ٢٠٢١
"كاريتاس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" حول الأزمة اللبنانية: لوضع حدٍ لدوامة الموت
لأول مرّة منذ الحرب العالميّة الأولى، يعاني اللبنانيون من الجوع والإذلال
لبنانيون يكافحون بشكل يومي للحصول الخبز (رويترز)

لبنانيون يكافحون بشكل يومي للحصول الخبز (رويترز)

أبونا :

 

أطلقت مؤسسة كاريتاس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MONA) "نداءً طارئًا موجهًا للحكومة اللبنانيّة، وكذلك إلى الأمم المتحدة والكرسي الرسوليّ والحكومات والمنظمات الدوليّة، للعمل على الاستجابة الفوريّة والفعّالة للاحتياجات الإنسانيّة واسعة النطاق في لبنان، ولمعالجة أسباب هذا الانهيار".

 

وجاء في البيان: إنّ "لبنان وسكانه ومؤسساته ووجوده في خطر داهم. لقد وصل الوضع الإنساني إلى وضع إلحاح غير مسبوق. واليوم، يُحرم اللبنانيون من الكهرباء والماء والبنزين والأدوية والخبز، وفي بعض المناطق الانترنت. كما أعلنت كبرى مستشفيات البلاد عن إغلاقها القريب بسبب نقص الوقود، حيث سيعرّض للخطر أولئك الذين يحتاجون إلى غسيل الكلى أو العلاج الكيميائي، والذين يعانون من أمراض مزمنة أو يحتاجون إلى تدخلات طارئة، ناهيك عن مرضى كوفيد-19، وهذا في خضم اندلاع الجائحة".
 

وأشار إلى أنّ "الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي يمنع جميع الأنشطة اليوميّة، وإعادة فتح المدارس أو التعليم الجامعي، ولكن أيضًا، على سبيل المثال، تشغيل أجهزة الأكسجين أو الثلاجات، في الأسواق التجارية والمنازل، مما يضاعف حالات التسمم الخطير ويمنع تخزين أية أطعمة. وعندما تكون علبة طعام أو أخرى متوفرة، فإنّ حليب الأطفال يُباع بأسعار باهظة في السوق السوداء. كما أنّ أجور الأهل لم تعد كافيّة لتوفير الطعام لأسرهم، ناهيك عن تكاليف السكن ورسوم التعليم والصحة والنقل وما إلى ذلك".

 

وأوضح بيان كاريتاس مونا، إلى أن "التضخم يزداد بشكل يوميّ. وبالنسبة إلى الأجور غير المتغيّرة، فقد تضاعفت الأسعار عشرين مرّة في أقل من 18 شهر، في اقتصاد عالي الدولرة (الاعتماد على الدولار)، أي أنه يعتمد أيضًا على عوامل خارجيّة: الواردات، التراخص، ويمكن شلّ كل هذه العوامل بسهولة بسبب القيود والقرارات الخارجيّة والعقوبات. فلأول مرّة منذ الحرب العالميّة الأولى، يعاني اللبنانيون من الجوع والمجاعة والإذلال. لم يختبروا هذا قط، حتى خلال أسوأ سنوات الحرب اللبنانيّة".

وقال: "في الواقع، منذ تشرين الأول 2019، كانت البلاد تمرّ بأزمة اقتصاديّة وماليّة واجتماعيّة وسياسيّة، والتي أُضيفت إليها جائحة كوفيد وانفجار 4 آب في بيروت. وبحسب البنك الدوليّ، يبدو أنّ هذا الوضع هو من بين عشرة، وربما من بين أخطر ثلاث أزمات حدثت في العالم منذ القرن التاسع عشر. كما أن الوضع هذا الأسبوع قد ساء إلى حدٍ كبير بعد قرار البنك المركزي إنهاء الدعم عن المنتجات البتروليّة، وهي خطوة يمكن القول بأنها ستعمل على ارتفاع أسعار جميع السلع، في بلد يعاني أصلاً من تضخمٍ مفرط وفقرٍ متزايد".

 

تابع: "قُتل يوم الأحد 15 آب 2021 ما لا يقل عن 28 شخصًا، وأصيب أكثر من 80 آخرين، في انفجار خزان بنزين مموّه، تم اكتشافه في اليوم السابق في منطقة عكار، شمال لبنان. وبحسب الوكالة اللبنانيّة للأنباء، فإنّ الانفجار حدث أثناء تجمع عدد كبير من السكان حول الخزان بغية الحصول على البنزين. واليوم، يعاني اللبنانيون من حالة من الغضب والحنق، مع شعور بالعجز عن كيفية التعامل مع تراكم كل هذه المشاكل، بالإضافة إلى تزايد حالات الانتحار والعنف والجرائم، وتدهور الحالة النفسيّة والعقليّة للمواطنين يومًا بعد يوم. ناهيك عن أن لبنان لا يزال يستضيف أكثر من مليون لاجىء، أي ما يقارب خمس تعداد السكان".

أضاف: "ولمواجهة هذه الحالة الإنسانيّة الطارئة، تُطلق كاريتاس في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نداءً طارئًا موجهًا للحكومة اللبنانيّة، وكذلك الأمم المتحدة والكرسي الرسوليّ والحكومات والمنظمات الدوليّة. لقد حان الوقت الآن للاستجابة الفوريّة والفعّالة للاحتياجات الإنسانيّة واسعة النطاق، وقبل كل شيء لمعالجة أسباب هذا الانهيار. صحيح أن الفساد والاستراتيجيات الاقتصاديّة في البلاد يمكنها فقط أن تؤدي إلى هذه الأزمة. ومع ذلك، فإنّ أسباب هذه الأزمة متعدّدة، ومن بينها يحتلّ النفوذ الأجنبي مكانة راجحة، فضلاً عن الافتقار إلى المساءلة على المستويين المحليّ والدولي".

 

وقال: "بحكم طبيعة رسالتها، تعمل مؤسسة كاريتاس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مستوى إنسانيّ بحت. ومع ذلك، باعتبارها الأمانة الإقليمية، وبسبب تعريض حياة البعض الآخر للخطر، فمن واجب ضميرنا التحرّك، سيما أنّه، وفي حالة لبنان تحديدًا، يتم استخدام لعبة المجاعة والأزمة الاقتصاديّة والصحيّة والاجتماعيّة في لعبة القوة، خدمةً للمصالح السياسيّة والاقتصاديّة للقوى الإقليميّة والدوليّة. كما تستخدم الأخيرة، من بين الأمور الأخرى، "العقوبات"، وبشكل أدق الإجراءات القسريّة أحاديّة الجانب، للضغط على الأحزاب السياسيّة من أجل الحصول على مكتسبات إقليميّة. مع العلم بأنّ مثل هذه الإجراءات تؤثر على السكان وتؤدي إلى إفقارهم. إنّ هذه الممارسات تتعارض مع حقوق الإنسان الأساسيّة والقانون الدولي والأخلاق".

 

وخلص بيان مؤسسة كاريتاس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MONA)، والموقّع من رئيسه جبرائيل حتّي، ومنسقه الإقليميّ كرم أبي يزبك، إلى القول: "إننا نناشد الجهات المحليّة والإقليمية والدوليّة؛ قانونيًّا وأخلاقيًّا، بذل قصارى جهودهم لوضع حدٍ لدوامة الموت هذه".