موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٥ أغسطس / آب ٢٠١٧
صلحة تاريخية بين عشيرتي الحجازين والزيادين في السماكية
الكرك – أبونا ، تصوير: بدر حجازين :

تمت مساء السبت الموافق 5 آب، عشية عيد التجلي، صلحة عشائرية تاريخية بعد قطيعة دامت 6 سنوات بين عشيرتي الحجازين والزيادين/ العكشة في قرية السماكية بمحافظة الكرك، بحضور عطوفة محافظ الكرك السيد سامي الهبارنة، وعطوفة متصرّف لواء القصر فراس أبو الغنم، ومدير الشرطة ووجهاء من عشائر المعايطة والمبيضين، وسائر عشائر جنوب الأردن، ولفيف من الأساقفة والكهنة ومئات من الوجهاء وأبناء العشيرتين. وانتهت الصلحة بتوقيع صك صلح تنازل فيه كل طرف عن حقوقه وتعهد بإسقاط الدعاوي في المحاكم.

وكان سبب الخلاف هو زواج شاب من العشيرة الأولى بصبية من العشيرة الثانية بدون موافقة والدها، ممّا نجم عن ذلك موجة من العنف أجّجت العلاقات بين العشيرتين، بحيث تمت اعتداءات وإهانات وتهديدات متبادلة. وقد ذهب ضحية هذا العنف المرحوم فكتور زيادين. وقد تدخل وسطاء ووجهاء كثيرون من عشائر جنوب الأردن لتهدئة الوضع. ولكن بقي الأمر حرجًا ومهددًا بالانفجار.

وقامت مطرانية اللاتين في عمان، ولفيف من كهنة البطريركية اللاتينية بمبادرة لاقت تجاوبًا من العشيرتين. وبعد أسابيع من الحراك أسهم فيه النائب هيثم زيادين والقاضي عادل حجازين ورجال دين كثيرون تم الاتفاق على آلية الصلح بما فيها كتابة الصك الذي ينهي الخلاف. وحدثت الامور كما خُطِّط لها.

وبدأ اللقاء بعزف السلام الملكي تلاه كلمة المطران وليم شوملي جاء فيها: "كنا نتمنى لو تمت هذه المصالحة العشائرية قبل ست سنوات. ورغم ذلك نشكر الله الذي وفّق وأخذ بيد السعاة إلى الخير والجانحين الى السلم. نكاد لا نصدق بأنه بعد وقت قصير سيوقع خصوم الأمس صك صلح عشائري ليصبحوا من جديد أهلاً وأقارب وأنسباء محبين ومتحابين".

وأضاف: "لا ينتهي كل شيء اليوم لأننا بحاجة إلى مزيد من الجهود. فالقلوب بحاجة إلى تنقية، والجروح إلى التئام، والخواطر إلى تهدئة كي تعود المحبة إلى هذه القرية العزيزة على قلوبنا."

ونوّه سيادته إلى ما حدث صباح اليوم ذاته لإعاقة جهود الصلح: "في فجر هذا اليوم حدث طارئ لم يتوقعه أحد، إذ أقدم أحد الجهال على حرق الصيوان الذي كان من المفروض أن نجتمع فيه، وذلك كي يعيق ويبطل هذه الصلحة. إنه فِعل جبان لم ينجح في أن يثنينا عن عزمنا. فنحن نتمّم مصلحة إنسانية واجتماعية عليا لا بل ومشيئة ربانية لا تقاوم. ومن يقدر أن يقاوم هذه المشيئة؟ لذلك قرّرنا بدون تردّد إعادة بناء الصيوان حتى تستمر الأمور وتكتمل المبادرة الخيرة كما خُطّط لها. فمهما طال الليل لا بدّ للصبح أن ينجلي ومهما تمادى ابليس وأوغل في الشر فلا بدّ لله تعالى أن ينتصر".

كما ارسل المطران وليم تحية وفاء لقائد هذا البلد جلالة الملك عبدالله بن الحسين الذي يحرص على السلم الأهلي والذي بمثاله ومثال والده المغفور له الملك الحسين بن طلال، ومثال العائلة الهاشمية ضرب لنا دائماً مثالاً في الشهامة والتسامح.

ثم تكلم المطران ياسر عياش مهنئًا الطرفين لانهما تجاوبا مع المبادرة، وسأل الجميع أن يصفوا القلوب بشكل كامل فالمحبة هي سيدة الأحكام. وفي كلمته أعلن النائب هيثم زيادين أن عشيرته تصفح لمقتل أحد أفراد العشيرة وتعهّد بفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقة بين الطرفين. أما القاضي عادل حجازين فقد أشار في كلمته الى العلاقات التاريخية الطيبة التي جمعت بين العشيرتين متمنيًا أن تعود أقوى مما سبق.

وفي النهاية هنأ الشيخ حماد المعايطة والشيخ أحمد المبيضين الكنيسة للدور الذي قامت به لإصلاح ابنائها، وطلبا من الجمهور المزيد من الجهد للوصول إلى سلام القلوب حتى يبقى الاردن واحة أمن ومصالحة. كما أشاد الحضور بالدور الإيجابي الذي لعبته كاريتاس الأردن في إيجاد آلية المصالحة وإلى دور شبيبة السماكية في الضيافة والاستقبال.