موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٣ أغسطس / آب ٢٠١٦
د. رينيه حتر تتحدث عن معاني السلام في الترانيم المسيحية والأناشيد الصوفية

حاورها في المركز الكاثوليكي للإعلام الأب رفعت بدر :

<p dir="RTL">زارت الدكتورة رينيه حتر المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام وتحدثت عن أطروحة الدكتوراة التي ناقشتها في كانون ثاني الماضي، في جامعة غرناطة في جنوب اسبانيا، بعنوان: &laquo;معاني السلام في الغناء المسيحي العربي والصوفي الإسلامي- كمقترح لحوار الأديان&raquo;.</p><p dir="RTL">وفي لقاء موسع أداره الأب رفعت بدر، مدير المركز، بحضور عدد من الحضور والمهتمين، تحدثت الدكتورة رينيه حتر عن أطروحة الدكتورارة الفريدة من نوعها، معبرة عن سرورها بالعودة إلى الوطن، والعمل حاليًا في المعهد الملكي للدراسات الدينية، الذي يرأس مجلس أمناؤه سمو الأمير الحسن بن طلال.</p><p dir="RTL">وقال الأب بدر: إن الأردن العزيز قد خطا خطوات واثقة ورائدة في الحوار بين الأديان، وبالأخص عبر المبادرات الكثيرة التي أطلقها، وأصبحت متبناة من دول العالم أجمع. لكننا بحاجة دائمة إلى الإبداع في أشكال الحوار وأساليبه، وهي شأنها شأن الكائن الحي تتطور وتدخل في آفاق جديدة. واليوم نحن أمام مرحلة هامة تشكلها الدكتورة رينيه، وهو الحوار عبر الموسيقى، من خلال دراستها وسبرها لغو الترانيم الدينية العربية المسيحية، والأناشيد الصوفية، لتنتقي منها مفاهيم العدل والمحبة والسلام، فترسم بذلك خطًا وأفقًا جديدان للحوار بين الأديان. إننا بحاجة إلى تعزيز هذا الصوت الذي يأتي في خضم أصوات الكراهية والعنف والترهيب في العالم، وفي دول الجوار، لكي نصل إلى النتجية الكبرى ألا وهي تعزيز قيم المواطنة والمساواة في بلدان التعددية الدينية والاثنية. فالاختلاف غنى. والأديان وجدت لكي يتعاضد اتباعها ويشلكوا اسرة واحدة تتضامن في السراء والضراء.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>وتحدثت الدكتورة رينيه حتر، قائلة:</strong></span></p><p dir="RTL">ناقشت أطروحة الدكتوراة في جامعة غرناطة في جنوب اسبانيا، ضمن تخصصات علم الاجتماع <span dir="LTR">Social sciences</span>&nbsp; والتخصص الدقيق هو: دراسات السلام. وفي خط دراسة الموسيقى والسلام. وهو خط جديد في هذا التخصص في العالم بشكل عام والأشخاص الأكاديميين الذين يعملون في هذا الخط أيضاً قلائل ولكن هو تخصص جدًا مهم وهو الآن يكبر في الجامعات.</p><p dir="RTL">وأضافت: كان التركيز على العرب المسيحيين في المنطقة وفي الأردن تحديدًا، دور العرب المسيحيين في المجتمع كعضو فاعل منذ تأسيس البلدان العربية بالحضارة، بالموسيقى، بالنهضة العربية، وأيضًا التركيز على مبدأ أن المسيحيين ليسوا أقلية بمعنى أقلية، وإنما قلائل بالعدد فقط. لذلك كان هناك نبذة تاريخية عن العرب المسيحيين وعن عملهم، وكان هناك عمل عن نظرية الموسيقى والسلام وتداخلها مع الموسيقى الدينية تحديداً ومع الحوار الديني.</p><p dir="RTL">تنقسم الرسالة - الأطروحة إلى ثلاثة أجزاء: الجزء النظري: تتداخل فيه النظريات حول الموسيقى والسلام والحوار الديني، الجزء العملي هو بحث ميداني قمت به في الأردن تحديدًا. وعندما بدأت الأطروحة كان هناك عمل في سورية ولبنان، ولكن للأسف بدأت الحرب في سورية. وكان لي أيضًا إقامة في باريس لأنّي عملت الدكتوراه دولية وليس فقط اسبانية &quot;بلغتين&quot;.</p><p dir="RTL">عملت في باريس مع الأخت ماري كيروز المرنمة المعروفة على جوقتها &quot;جوقة السلام&quot; وكانت تجربتها عبارة عن مبعث أمل بالنسبة لي من الموسيقيين المسلمين والمسيحيين الذين يعملون مع الأخت كيروز. والجزء الثالث من العمل عبارة عن تحليل لغوي لمعاني السلام في التراتيل، فعملت على عينة من التراتيل المسيحية عبارة 120 ترتيلة من كل الكنائس &quot;الكاثوليكية تحديدًا&quot;، ولأن الكنائس كبيرة جدًا فعملت على الكنائس الكاثوليكية وهي سبعة، في الأردن هم أربعة، وأخذت عينة أيضًا من الإنشاد الإسلامي في الأردن الصوفي منه والحديث الذي يعتبر <span dir="LTR">Pop</span> تقريبًا، وقارنت هذه المعاني ما هو السلام، كيف يمكن ربط هذه المعاني بالنظريات وأيضًا القليل من الدراسات الدينية اللاهوت المسيحي وأيضاً الدراسات الإسلامية.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>هل هنالك كلمات كتبت في الأردن من هذه التراتيل أم هي فقط مستوردة؟</strong></span></p><p dir="RTL">هي تراتيل متنوعة، لأني عملت على التراتيل الحديثة التي لا تزال تستعمل في كنائسنا، فمنها ما لحنّ في لبنان &quot;في الكنيسة المارونية وأعدنا استعماله في الكنيسة اللاتينية&quot;، ما كتبت ولحنت العديد منها كان عبارة عن كلمات من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. دخلتنا بعض التراتيل خاصة الكلمات من الكنائس البروتستانتية على مرّ العصور. ولكن العديد منها هي كلمات قديسين مشرقيين والألحان إما سريانية أو بيزنطية كانت ألحان تقليدية أو الألحان الحديثة التي اشتغلت عليها اللجان الموسيقية في الكنائس وكانت إما بوحي من التقاليد الكنسية بهذه الموسيقى جميعها أو بالاتجاه قليلاً للألحان الحديثة المتجهة للـ<span dir="LTR">POP</span> ولكن كان هنالك تنوع.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>هل هنالك تقارب بالكلمات والمعاني السلام بين الأنشودة المسيحية والأنشودة الاسلامية؟</strong></span></p><p dir="RTL">نعم في العديد منها خاصة إذا أخذنا الأناشيد الصوفية تحديدًا، لأن الأناشيد الصوفية كانت تركز على فكرة المحبة الإلهية: فكرة المحبة، الروحانيات، التوحد مع الخالق، محاكاة الجمال، محاكاة التسامح، الزهد، وهنالك الكثير من المعاني كانت مشتركة أكيد.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>ما هي التوصيات التي توصلت إليها في هذه الرسالة؟</strong></span></p><p dir="RTL">أولاً: قيمة الموسيقى كأداة لبناء السلام في المجتمع وخاصة إذا اتخذنا الموسيقى كأداة لبناء ثقافة سلام. الموسيقى لها خاصيات لا نجدها في الحياة اليومية خاصة أننا ابتعدنا كثيرًا عن الحوار، ومثلاً قيمة الاستماع نحن لا نستمع حاليًا نحن في عصر السرعة نريد أن نتكلم ونريد أن يُستمع إلينا ولكن ليس لنا الصبر أن نستمع للآخر، الموسيقى تهذبنا بطريقة أنها تفرض علينا الاستماع للآخر، لأني إذا لم أستمع للموسيقي سواء كان يغني أو يعزف أو يرافقني في الفرقة سوف نفقد التناغم، وإذا فقدنا التناغم سندخل في نشاز، لذلك هذه القيمة هي إحدى القيم التي ممكن ألا نجدها في الحياة اليومية. الموسيقى في الفرق أو في الجوقات الموسيقية نرى حياة اجتماعية مماثلة للمجتمع، نرى مجتمع صغير فيه التعايش وفيه التعرف إلى الآخر واحترام الآخر بغض النظر عن اختلافه لأننا نجتمع على اهتمام واحد هو الموسيقى، كلنا نريد من هذا المشروع أن نعمل معًا لكي يخرج إلى الناس بأفضل وأرقى صوره لذلك نحن نتعاون بشكل إيجابي أحيانًا دون أن نشعر أننا نتعاون معًا بشكل إيجابي وهذا هو سحر الموسيقى كأداة للسلام والتواصل وتقبل الآخر.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>هذه اقتراحات للحوار الديني، هل هذه الرسالة موجهة منك إلى الأردن فقط الذي له مجال كبير في مجال الحوار أم هي أيضاً رسالة للعالم أجمع؟</strong></span></p><p dir="RTL">الرسالة عالمية، رسالة المحبة والسلام عالمية، وأن ندَّعم فكرة السلام عن طريق الموسيقى عالمية وموجهة للجميع، ولكن الهدف من أطروحتي كان من ناحية التعريف بالمسيحيين العرب، ففي الغرب نحن غير موجودين للناس، فالفكرة عن الغرب بأن المسيحية ديانة غربية وأن المسيح ولد في روما وعاش فيها، والبعض يعتقد من صور عصر النهضة <span dir="LTR">Renaissance</span> في ايطاليا أن المسيح أشقر وعيونه ملوّنة. لا نريد أن ننسى وجودنا أولاً كعرب، كعنصر فاعل في مجتمعاتنا، وأيضًا بتقاليدنا الغنية من الموسيقى تحديدًا لأنها تعبر عن هذه التقاليد من سريانية، وبيزنطية، ولاتينية غريغورية ... إلخ. ولم آخذ الأردن كرسالة وإنما أيضًا كمثال للشعوب يتحدى به من حيث تعايشنا معًا ومن حيث التاريخ الطويل الذي عملنا به معاً في زيارة البابوات وضع الكنيسة في الأردن، فرأينا بوجه مقارنة بسيط ما يحدث في المنطقة وما يحدث في العالم والأردن مثال يحتدى به، طبعًا أتمنى ولكن لا أقول أن الوضع كامل ووردي وأنه ليس هنالك مشاكل لكن هناك صراع يومي موجود في كل المجتمعات ويجب التغلب عليه.</p><p dir="RTL">أنا لا أقترح أن أحلّ النزاع عن طريق الموسيقى. ولكنني أقترح أن أتجنب النزاعات عن طريق ثقافة سلام يكون الإنسان فيها مبدئيًا لديه السلام الداخلي، حتى يستطيع أن يعكس السلام الخارجي، لأن أي شخص لديه صراع داخلي ليس لديه سلام داخلي لا يمكن أن ينقل السلام إلى الخارج إلى الشخص الآخر.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>أشرت إلى أن الأردن رائد بمجال الحوار، هل تم ذكر هذه المبادرات -التي صدرت في الأردن: رسالة عمّان، كلمة سواء، أسبوع الوئام بين الأديان، مؤتمر التحديات- في دراستك؟</strong></span></p><p dir="RTL">أكيد، الدراسة كانت عن الشرق الأوسط بشكل عام، فذكرت تاريخ الحوار الديني مبدئيًا من قِبل الكنيسة الكاثوليكية، بما أنّ التركيز على رسالتي كان من الجانب المسيحي، ولكن أيضًا كل تلك المبادرات من لبنان والأردن تحديدًا، وعلاقات الأردن في اللجان المختلفة، لجان الحوار المختلفة، رسالة عمان كما ذكرت والعديد من الاتفاقيات والمؤسسات التي تعمل على الحوار الديني في الأردن، من المعهد الملكي للدراسات الدينية، معهد الدراسات المسكونية، والمركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام، والعديد من المؤسسات في الأردن التي تعمل على هذا الحوار.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>لماذا عندما تحصل مشكلة مثلما أشرت أن هنالك مشاكل صغيرة تنشأ في كثير من المجتمعات، لماذا عندما ينشأ هذا الصراع وحاليًا هنالك صراع &quot;فيسبوكي&quot; يعني أكثر منه صراع واقعي لكن هو صراع افتراضي بين متناقضات، لماذا ننسى هذه المبادرات القيّمة وتاريخ التواصل المتواصل بين أتباع الديانات؟</strong></span></p><p dir="RTL">يجب أن نفكر في العوامل الاجتماعية التي تحيط بنا، الاقتصادية تحديدًا والعوامل الخارجية التي تؤثر علينا. من ناحية العوامل الاقتصادية هناك إحباط بشكل كبير من حيث ارتفاع معدلات الفقر في المنطقة، الناس محبطة وليس لديها الرفاهية الموجودة في الخارج، لذلك من السهل أن يكون لدينا مشاعر من الاحباط يمكن أن تترجم بطريقة عنيفة لأنه ليس لدينا متنفس لنترجم هذه المشاعر.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>هل الفقر عامل أقوى من الجهل؟</strong></span></p><p dir="RTL">الجهل والفقر مرتبطان ببعض، هما وجهان لعملة واحدة بالنسبة لي. لم أتكلم عن الجهل أردت أن أتكلم عن التعليم، وحاليًا في العالم العربي لدينا كارثة في التعليم من ناحية التعرف إلى الآخر وقبول الآخر. نحن الآن في مرحلة، في كل الدول وليس فقط في الأردن، نحاول أن نكون شبيهين ببعض، نريد أن يكون لدينا وحدة واحدة فقط من المواطنين لديهم نفس الأفكار، ونفس العادات ونفس التقاليد.</p><p dir="RTL">في الغرب يعملون على عنصر العلمنة، من ناحية أن يكون كل الشعب بنفس الأفكار ونفس المعتقدات ولكن الله غير موجود في المجتمع أي فصل السياسة عن الدين وبالتالي يكون الدين معتقد شخصي والجميع يفكر بنفس الطريقة وبنفس الأيديولوجية. في بلادنا الوضع مختلف قليلاً بحيث نركز على موضوع الدين ولكن بنفس الطريقة بحيث نريد أن يكون لدينا نفس الدين ونفس العادات ونفس المعتقدات. لم يعد نقبل الآخر باختلافه كعنصر ايجابي في المجتمع.</p><p dir="RTL">هذا التعدد الذي لدينا غنى في المجتمع، لأننا نفتقد لهذه القيمة، لأننا في التعليم للأسف خلال سنوات عديدة فقدنا هذه القيمة، ولا نركز على هذه القيم بالشكل الكافي في تعليمنا سواء في المدارس أو الجامعات. أيضاً بعدنا عن الآخر وأتكلم عن التعليم في مناهجنا المدرسية خاصة في المدارس الحكومية، المسيحي يدرس عن المسلم وفي حصص اللغة العربية، المسيحي يدرس نصوص من القرآن الكريم ولكن للأسف الشديد إذا ذهبنا لنفس هذه المدارس ليس هناك أي معلومة عن المسيحية كديانة، وعن تاريخها، وعن المسيحيين. بالتالي كل فكرتنا في هذه المجتمعات الصغيرة عن المسيحيين مرتبطة بالسياسة وبالغرب المسيحي، مع أننا نعلم تماماً أن الغرب ليس مرتبطا بالديانة المسيحية، له جذور مسيحية ويحاول أن يتنكر لها لكنه لا يعد مسيحياً فهو يحارب الكنيسة وهو شيء معروف في الخارج وخاصة في دول أوروبا.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>نحن نعلم أن البابا يوحنا بولس الثاني كان له دعوات متتالية لأوروبا أن تصيغ دستورها دون أن تتنكر لجذورها المسيحية، ولكن لغاية اليوم بدأ الاتحاد الأوروبي بالتفكك وبعض الدول بالانسحاب ولم يُصغ الدستور الأوروبي نظرًا لهذه النقطة؟</strong></span></p><p dir="RTL">لم يتصالح الأوروبيون، مع الأسف، مع تاريخهم، أنا عشت في بلد مثل اسبانيا. اسبانيا عانت من حرب أهلية أساسها الدين، ارتبطت السلطة بالديانة المسيحية الكاثوليكية تحديدًا، وبالتالي هنالك رفض شديد للكنيسة خوفًا من عودة الظلم أو عودة القهر في الدولة. وللأسف لم يتصالحوا مع تاريخهم. لذلك نرى حتى يومنا هذا نفس الفِرق مع نفس النزاع مع نفس المشاكل، مع أنهم يعيشون ديمقراطية، ويعيشون رخاءً اقتصاديًا ورخاءً اجتماعيًا ليس له مثيل في المنطقة ولكنهم لم يتصالحوا مع تاريخهم.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>عودة إلى أطروحة الدكتوراه حول قيم السلام ومعاني السلام في الأناشيد الدينية، عدتِ إلى الأردن وابتدأت العمل في معهد نقدره كثيراً في هذا المجتمع : وهو المعهد الملكي للدراسات الدينية، الآن كيف تطمحين بإيصال هذه الرسالة عبر برامج، أو عبر خطوات عملية تقومين بها؟</strong></span></p><p dir="RTL">أعتبر نفسي محظوظة جدًا في الأردن، أولاً لأنني شعرت بتقييم وتقدير للرسالة التي طرحتها. في يوم مناقشتي عُرض علي أكثر من عمل في الأردن وهذا توفيق من الله. والجميل في المعهد أننا نفكر بنفس الطريقة وكنت من المعجبين بكل ما يقدمه المعهد من مشاريع، ومن فكر، ومن ترجمة، وأعمال أكاديمية. وطمحت أن أستفيد من خبراتهم وأن أعمل معهم، لذلك الآن أتطلع لمشاريع داخل المجتمع الأردني وخاصة موجهة للشباب الأردني في مستوى الجامعات، ونطمح لأن نصل لمستوى المدارس أيضًا بمبادرات صغيرة يمكن خلالها أن ننشر ثقافة السلام والحوار والتقبل والتعرف إلى الآخر، نريد أيضًا أن نعمل على الموسيقى الروحانية والموسيقى المقدسة بتنظيم حفلات مثلاً في الأردن للموسيقى المقدسة، وخاصة تعريف الناس بمثل هذا النوع من الموسيقى وهو موجود في العالم. ننتقي كلمات ترنيمة واحدة من الأناشيد التي انتقيتها وتؤديها الأخت ماري كيروز، واستخدمتها في الأطروحة هي عبارة عن قصيدة لرابعة العدوية لحنتها الأخت كيروز وغنتها ضمن جوقتها &quot;جوقة السلام&quot; بمصاحبة عازفين من الديانتين، فهذا هو الحوار الذي نتكلم عنه، نحن لا نتكلم عن حوار يغير دينك أو تغير ديني أو ندخل بمسمى دين واحد لا توجد له معالم ونفقد فيه خصوصيتنا أو ذوبان الشخص في الآخر.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>تتكلمين عن ثقافة السلام والتعايش والتقارب، لما لا تتحدثين عن المواطنة؟</strong></span></p><p dir="RTL">المواطنة بالنسبة لي عندما نتحدث عن ثقافة سلام هي مرتبطة 100% بالمواطنة، بحيث تكلمت عن السلام الداخلي والسلام الخارجي، مثلاً عندما أكون في سلام داخلي، يكون لدي فرح داخلي، لا يمكن أن أؤذي من حولي ولا حتى البيئة من حولي. موضوع البيئة الآن موضوع كبير جدًا نحن نؤذي بيئتنا في كثير من الأحيان من جهل، من احباط لأننا ليس لدينا سلام داخلي، وبالتالي بداية إذا آذيت البيئة آذيت من حولي، لا يمكن أن أعيش الانتماء داخل وطني بشكل كامل. لكن إذا كان لدي سلام داخلي ومحبة ورغبة في الإصلاح &quot;إصلاح نفسي أولاً&quot; قبل إصلاح الآخرين وقبل إصلاح السياسي أو الاجتماعي مثلاً، إذا بدأنا هكذا نبدأ بحلقة الخير بحيث كل منا يبدأ بعمل خير بسيط قليل ولكن يعدي الآخر وهذا جزء منا كمواطنين صالحين داخل المجتمع بغض النظر عن ديانتا وبغض النظر عن أفكارنا، فإذا كنا نعيش الخير والسلام سوف ننقل الخير والسلام وبالتالي سوف يكون مجتمعنا معبر عنه من خلال هؤلاء المواطنين الصالحين الذين يعيشون السلام الداخلي.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>حلقات الخير تبدو صغيرة لكنها أيضًا تأتي في محيط يغلي، وهذا الغليان هو بازدياد، وخطابات الكراهية مع الأسف بازدياد، كيف نستطيع أن نحافظ على هذه الحلقات الصغيرة في محيط يشتعل؟</strong></span></p><p dir="RTL">تحدثت في مقدمة البحث عن موسيقى الكراهية أيضًا. الموسيقى تستعمل للسلام لكن أيضًا تستعمل للكراهية، وهذا خط دراسي أكاديمي معروف. الحروب أحد الأمثلة التي كتبتها في البحث، الجنود الأمريكان عندما كانوا يذهبون إلى الغارات في العراق كانوا يستمعون إلى نوع معين من الموسيقى كانت تؤجج فيهم الحس العنفي وكانوا يذهبون إلى الغارات بحماس ليقصفوا في المدن العراقية. هذه تسمى موسيقى الكراهية <span dir="LTR">Hate Music</span> لذلك ركزت كثيرًا في أطروحتي على محتوى الكلمات وليس فقط الموسيقى، هناك موسيقى عنيفة وموسيقى سلمية، هناك محتوى عنيف من النصوص ومحتوى سلمي أيضاً. وركزت أيضًا على اللغة العربية كعامل مشترك في الهوية الوطنية العربية سواء كانت مسيحية أو اسلامية، فأنا تحدثت عن نصوص هذه التراتيل أو الأناشيد، اللغة العربية المشتركة فيها، ولغة السلام المشتركة فيها، وأيضًا المقامات الموسيقية الموجودة التي لا تؤجج العنف، لا تثير حواسنا من حيث الحماس. أحيانًا نحن نشعر في العالم العربي تحديدًا أننا عاطفيين أكثر من عقلانيين &quot;نحب بشدة ونكره بشدة&quot;، فتأجيج الحماس الديني عن طريق كلمات معينة سهل جدًا لأننا شعب عاطفي أيضًا. فمحتوى نصوص التراتيل مهم جداً.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>الآن نتحدث في أوقاتنا الحالية عن الإساءة للرموز الدينية من خلال الرسومات، من خلال الكلمات، هل هنالك أيضًا موسيقى دينية تسيء للرموز الدينية للأخرين؟</strong></span></p><p dir="RTL">أكيد، نحن الآن في عصر يمكن بسهولة أن نستخدم أي رمز ليخدم أيديولوجيات معينة، فالموسيقى خدمت بشكل كبير حروبًا، أيديولوجيات، أفكارًا معينة، ونحن نسمع عن عبدة الشياطين الذين أيضًا يستعملون الموسيقى. فهذا سهل جدًا استعمال الموسيقى بهذه الأداة وأحيانًا يأخذون نفس النشيد الذي يرنم في الكنيسة مثلاً يفرغونه من معناه الأصلي ويطبقونه، لأنك إذا أردت أن تصل من السهل أن تستخدم نفس لغة الناس حتى تصل لهم بالأفكار السلبية والأفكار الإيجابية فإذا أخذت ترتيلة، يمكن أن تحب لحنها أو محتواها واستعملتها من جديد بمحتوى آخر سواء كان سلبيًا إو إيجابيًا، ستصل لك المعلومة أو الأيديولوجية التي أريد نقلها لك، أسرع بكثير من ترتيلة أو موسيقى جديدة أنت لا تعرفها.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>تحدثت عن بعض المبادرات الشبابية التي تنون القيام بها إن كان بشكل فردي أو داخل المعهد، لكن هل هنالك مشروع كبير في ذهن الدكتورة رينيه؟</strong></span></p><p dir="RTL">طموحي كبير، ولكن عملية بناء السلام يحتاج إلى صبر، وهي عملية لا منتهية يجب أن تبدأ بخطوات صغيرة مثل خطوات الأطفال حتى نصل إلى مكان يمكن أن يعطينا القليل من الأمل. هي عملية صعبة ومعقدة ومليئة بالعقبات، ولكن بالنسبة لي الإيجابي فيها يمكن أن يكون بالنسبة للآخرين كنقطة في بحر، لكن يجب أن نبدأ حتى لو كانت بخطوات بسيطة جدًا، لذلك هنالك العديد من الأفكار ولكن أفضل أن أتريث وأنتظر وأستمع للآخرين لنرى ما يمكن تحقيقه ضمن المجتمع الأردني.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>هل تنوين نشر الرسالة بكتاب؟</strong></span></p><p dir="RTL">نعم، الجامعة اقترحت أن أنشر الأطروحة باللغة الاسبانية. وهناك جامعة عرضت عليّ ترجمة الأطروحة للغة العربية، فإن شاء الله خلال السنة القادمة سيكون هناك منشورات كتاب الأطروحة وترجمة الأطروحة نفسها، وأيضًا أجزاء معينة من الأطروحة في كتب أخرى، لأنها جهد عشر سنوات والإنتاج كبير والحمد لله.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>أود أن أسأل سؤال جزئي، أود أن أتحدث عن السلام بين الشعوب وبين أتباع الديانات كما يقول سمو الأمير حسن، لكن نرى في عصرنا الحالي العديد من الاضطرابات الأسرّية، الانقسامات والفجوة بين الزوج والزوجة، وبين الزوج والأولاد... كيف تسهم الموسيقى في صياغة أسرّ هادئة، مطمئنة، متحابة، متسالمة؟</strong></span></p><p dir="RTL">إذا استمعنا إلى فيروز في الصباح، لا يكون لدينا نفس الشعور إذا استمعنا إلى الموسيقى الصاخبة التي لا تحمل نفس المعاني. التحدي اليوم هو العائلة كوحدة سواء كانت مسيحية أو مسلمة.</p><p dir="RTL">التفكك الأسري موجود في كل مكان ودخلت العولمة إلى كل بيت، وأصبح من السهل أن ينفصل أفراد الأسرة بسبب مواقع التواصل، أو بسبب كمية المؤثرات الخارجية التي تبعدنا عن الهدف الرئيسي في الحياة أو الأفكار الرئيسية التي يجب أن نركز عليها من علم من أدب من أخلاق، من قراءة مثلاً، حتى الذهاب إلى الكنيسة أو والصلاة معًا بعيدًا عن التعصب والتطرف&nbsp; والعبادات بشكلها القاسي بدون أن يكون هنالك روحانيات أو تـأملات أو قراءة حقيقية للنصوص، أو التعبدات القشورية، هذا لا يساعد العائلة لكن برأي ما نفتقد إليه في مجتمعاتنا هي نشاطات خارج المناهج مثل أن يكون الشخص موجود في جوقة أو في نشاط إذا تكلمنا عن الموسيقى، ففي عملي الميداني رأيت الفرق بين الشباب الذين يشاركون في الجوقات في الكنائس ومن ليس لديهم مثل هذا النوع من النشاط.</p><p dir="RTL">تحدثنا عن أن ننخرط في مجتمع جديد حتى لو كان صغير وهو مجتمع الجوقة، أن نتعلم قيم احترام الذات واحترام الغير، أن أستمع لغيري، أن أغيّر أفكاري المسبقة عن الآخر بمجرد معرفتي له، لأن من لا نعرفه يعطينا خوف وهذا هو الـ<span dir="LTR">xenophobia</span> وهو أن تشعر بأن الآخر غريب عنك، أنت لا تشعر أنه غريب أنت فقط لا تعرفه، ففي اللحظة التي لا تعرف فيها الآخر عن طريق هذا النشاط المشترك الذي نحبه معاً وهو الموسيقى، تغيرت أفكاري حتى منطقي&nbsp; في الحياة وفي الأمور، تقاربي من الآخر، لذلك نحن نفتقد لمثل هذه النشاطات.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>يعني نحن مدعوون إلى الإبداع في طرق الحوار الديني، تحدثتِ عن الموسيقى، أعرف شخص عمل أطروحته عن الآثار المسيحية الإسلامية كنوع من التقارب، كذلك هنالك رياضة من أجل السلام أيضًا، لكن أود أن أتكلم عن دور الإعلام الديني في ذلك، في نشر هذه القيم، بدون إعلام لن تصل الرسالة، فأعتقد نحن بحاجة إلى شراكة مع مؤسساتنا الاعلامية لكي نتبنى هذا الخط من الحوار الديني عبر تعزيز قيم السلام، كيف تنظرين إلى الاعلام الديني؟</strong></span></p><p dir="RTL">للأسف الاعلام الديني هو سلاح ذو حدين، يمكن أن يساعد بشكل كبير ويمكن أن يضّر بشكل كبير، ما يجب أن نرنو إليه من خلال الإعلام أولاً التركيز على الايجابيات ولكن بطريقة موضوعية، لا أن نتكلم فقط في الايجابيات وأن الحياة وردية، ولكن لا أن نتكلم عن العنف طوال الوقت، فنحن في عصر كثر فيه العنف وللأسف العنف مموّل، هناك من يريد هذه الأخبار العنيفة، لأنه الجميع يريد أن يستمع عن أخبار العنف والإجرام، لذلك المبادرات الايجابية القليلة السلمية ليست محط أنظار الاعلام وبالتالي ليس هناك أمل بالنسبة لنا من ناحية تطلعاتنا إلى المستقبل، كلنا نرى المستقبل مسدود، أسود.</p><p dir="RTL">المسيحيون تحديدًا بسبب عددهم القليل، يتطلعون الآن إلى الهجرة وبالنسبة لهم هذا هو الأمل، ترك بلادهم، ترك حضارتهم، أتكلم عن الشرق أوسطية والأردنية تحديدًا بما أنها خبرتي في الأردن. الحمدلله في الأردن لا يوجد تهجير، الهجرة اختيارية. أنا لا أتكلم سياسات، أتكلم عن شعور الأفراد فقط. وذلك لجهل معين بتاريخهم، بحضارتهم (المسيحية العربية المشرقية)، نحن نجهل تأسيس كنائسنا، الكنائس الأوائل، المسيحية&nbsp; ليس فقط انبثقت في الشرق، لكن تطورت في الشرق مثل المجامع الكنسية، نحن في جهل عن تاريخنا وفي جهل عن تاريخ التسامح الذي عشناه، الذي يتكلم عن التطرف مثلاً صحيح ولكن كم من قرن نحن نعيش في هذه البلاد منذ مجيء الإسلام والعائلات المسيحية نفسها، إذا عدنا للغساسنة والمناذرة البعض يقول لا يمكن أن نتخيل أن نفس هذه العائلات هي موجودة، لا يمكن أن نتخيل! نحن مجتمعات قبلية من حيث العشيرة لذلك من السهل أن تعود إلى شجرة العائلة وتعرف تاريخ كل عائلة.</p><p dir="RTL">لذلك دائماً أتكلم عن أهمية التراث الشفهي في بلادنا لأننا عبارة عن حضارة شفهية حيث الشعر كان أهم بكثير من الكتابة خلال قرون بالنسبة للعرب، لذلك من المهم أن نعود إلى هويتنا وأن نعتز بها وأن نتعرف إليها قبل أن نتكلم ما هو جديد وما يأتينا من الخارج، نبتعد عن أصالتنا أيضًا، فهذه المواضيع مهمة وكبيرة يجب التركيز عليها في الإعلام ويجب التركيز على المكونات الأساسية في مجتمعنا، المسيحية واليهودية قبل الإسلام وهذا لا يُشكل شيئًا سلبيًا بالنسبة للمسلمين، على العكس إطلاقًا، هذا جزء من تراثهم الاسلامي العربي وقد ساهم العرب المسيحيون واليهود والصابئة والعديد من الطوائف في بناء هذا المجتمع العربي، في بناء الأدب العربي في العديد من الخلافات.</p><p dir="RTL">فالقديس يوحنا الدمشقي كان مسؤول المال في الخلافة الأموية وقبله أبوه وقبله جده. وفي دار الحكمة في العصر العباسي، تشارك المسيحيون الأوائل من سريان، ومن عرب ومن عجم بكل ترجمات الأدب التي نقلت إلى اليونانية كاملة، من السريانية إلى العربية، فهذه المعلومات يجب أن نركز عليها بدل من أن نركز على الحروب الصليبية، محاكم التفتيش والأفكار السلبية جدًا التي تنطلق من الإعلام الغربي وللأسف تأتينا أيضاً لإعلامنا العربي ونبدأ بالاتهامات &quot;المسيحي صليبي&quot;، المسيحي شخص دخيل دخل على مجتمعنا فهذه الأفكار سلبية وخاطئة ومزيفة للتاريخ.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>هنالك نوع من الموسيقى يتحدث عنها بأنها نوع من المخدرات ويحذر منها انتشرت في لبنان، الموسيقى الرقمية فهل هي موجودة في مجتمعنا؟</strong></span></p><p dir="RTL">لا أدري إذا كانت وصلت إلى مجتمعنا، ولكن مع الانفتاح التكنولوجي العالي وإدمان شبابنا وحتى الكبار على مواقع التواصل وعلى الانترنت بهذا الكم الهائل دون رقيب ودون وعي، من الممكن أن تصل بكل سهولة فكل شيء نسيء استعماله يصبح سلبي.</p><p dir="RTL">يعني ما زال الأمر وقائيًا، ولا نريد أن يتحول إلى علاجي لا سمح الله.</p><p dir="RTL"><strong>شكراً دكتورة رينيه حتر...</strong></p>