موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ١٠ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٠
بشار جرار يكتب في اليوم العالمي للصحة النفسية: كلمة السر؟ سرّك ببير

بشار جرار - واشنطن :

 

أكتب هذه السطور والناس نيام. هكذا يبدو لي البيت والحي. فاليوم سبت وليس كل النائمين بالضرورة يحفظون السبت فأنا في حي تقطنه ملل ونحل شتى تجمعنا الهوية الوطنية الأمريكية الجامعة وبعض الزائرين العالقين عندنا جراء الطاعون الصيني!

 

وعلى ذكر الصين، شاءت منظمة الصحة العالمية أن تختار اليوم العاشر من الشهر العاشر في حاصل جمعهما مكررًا – يعني عشرين على عشرين، يوما عالميا للصحة النفسية!

 

خلافي كبير وعلني مع هذه المنظمة وكثير من هيئات الأمم المتحدة، تلك الأم التي لا تحسن سوى القلق وأحيانًا القلق الشديد، لم تحسن للأسف تربية أبناءها من أمم الأرض لسبب جوهري بسيط أنها تقتات على فتاتهم وتعمل وفق أجنداتهم. لا ليس الشعوب وإنما الحكومات التي في معظمها لا تمثل شعوبها بحق أو بإنصاف.

 

التاريخ حافل بالأمثلة الصارخة، سأكتفي بثلاثة، وأبدأ بمنظمة الصحة العالمية المعروفة اختصار بـ"الهو". تريدنا الإقبال على مطاعيم مختبرات الدنيا بقطاعيها العام والخاص، العام الفاسد والخاص الجشع، لكنها تغض الطرف عن قيام معامل تنتج ما يقوّض الجهاز المناعيّ للإنسان تحت ذريعة المحسنات الغذائية والمكثّرات التي لن تتمكن أبدا من سد فم جشع يأكل ويشرب بإفراط إلى حد السمنة والإدمان. صرنا في عالم يموت الناس فيه من التخمة أكثر من الجوع والفقر. أما منظمة الغذاء العالمية التي و(يا ريته ألف مبروك) حازت على جائزة نوبل في طبعتها الراهنة، فقد أخفقت في حل المشكلة من جذورها، تارة تلقي باللائمة على المناخ – الاحتباس الحراري والجفاف والتصحر، وتارة أخرى على الحكومات التي تنفق على أسلحة الدمار أكثر من الاستثمار في غذاء الإنسان. لكن هذه "الفاو" لم تفرد جهدا ولو متواضعا للجانب الروحي لجوع الإنسان وعطشه. ولنا عودة قريبة إلى ذلك في الختام. أما يونيسيف المنظمة المعنية بأرقّ الكائنات الحية وأكثرها ضعفا وهشاشة وهم الأطفال، فقد قتلوهم قبل مولدهم بدعم منظمات أخرى تتباكى على حقوق المرأة والأسرة في دعم جريمة القتل التي يطلق عليها اسم الإجهاض. ستون مليون روح أزهقت في أمريكا وحدها منذ سنة ١٩٧٣ منذ قرار المحكمة العليا في قضية عرفت باسم "رو مقابل ويد". يعني عشرة أضعاف المحرقة النازية التي كان الغالبية الساحقة من ضحاياها من أولاد عمنا اليهود.

 

باختصار العالم طافح في النفاق الذي مهما بلغت أدوات كذبه وافترائه وتزويره من دعاية وإعلان يسمى زورا بالإعلام أو الصحافة، لن يتمكن من طمس الحقائق. لن تكون صحتنا الجسدية ولا النفسية بخير ما لم تكن صحتنا الروحية بخير. الروح أولا وآخرا لأنها خالدة كونها هبة الخالد وحده ربنا إلهنا ضابط الكل.. الكل يعني الكل.. من أصغر ذرة خلية فينا إلى أكبر المجرات المدركة وغير المدركة في عوالمنا.

 

كلمة السر لإدراك الصحة النفسية الحقيقية بسيطة ومعقدة في آن. هي كما السهل الممتنع، لكنه هو السهل غير الممتنع بالمتاح المقبل علينا بإلحاح ولين وحنوّ. هو السهل الجالس إلى جوار السامرية هناك غرب النهر المقدس على البير. سرك يا أخي – يا أختي في بير. تعالوا نشرب ونرتوي معا. لن نكون في صحة جيدة أبدًا إن كان أحدنا عطشانا.. كاسك وبصحتك..