موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢ مارس / آذار ٢٠٢١
الكاردينال بارولين: البابا فرنسيس سيحمل إلى العراق الرجاء والحوار وإعادة البناء
العراق يستعد لاستقبال خليفة بطرس. "البابا يريد أن يطلق رسالة نحو المستقبل"، هذا ما يؤكده أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان

فاتيكان نيوز :

 

العراق ينتظر البابا فرنسيس الذي يستأنف السفر ويختار أن يحمل التعزية لشعب عانى في السنوات الأخيرة بسبب الاضطهاد والحرب والعنف الذي ارتكبته داعش، وإنما لكي يواصل أيضًا في بناء طريق الأخوة وجسر الحوار الكبير. لأول مرة في التاريخ سيزور بابا الفاتيكان العراق. البلد الذي ولد فيه إبراهيم وحيث تقيم إحدى أقدم الجماعات المسيحية، والذي لا تزال فيه جروح الحرب مرئيّة ويواجه آفات الفقر والإرهاب والآن فيروس الكورونا.

 

وفي مقابلة له مع موقع فاتيكان نيوز، يؤكد الكاردينال بييترو بارولين، أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان (رئيس الوزراء)، على أهمية هذه الزيارة، ويسلّط الضوء على الضرورة الملحة للتعاون من أجل إعادة بناء البلاد وتضميد جميع الجراح، من أجل بدء مرحلة جديدة.
 

قرب من العراق والعراقيين

 

قال الكاردينال بييترو بارولين: يستأنف البابا فرنسيس رحلاته الرسولية بعد فترة التعليق الطويلة هذه بسبب حالة الطوارئ الصحية التي سببها فيروس الكورونا. يستأنفها موجّها الاهتمام إلى بلد يعاني بشكل خاص، بلد يحمل في جسده جراح الحرب والإرهاب والعنف والاشتباكات.

 

تابع: وبالتالي يريد البابا فرنسيس أن يُظهر اهتمامًا خاصًا، وقربًا خاصًا من هذا البلد، من العراق. إنَّ هدف الزيارة ومعناها هو إظهار قرب الأب الأقدس من العراق والعراقيين؛ وإطلاق رسالة مهمة: علينا أن نتعاون، وعلينا أن نجتمع معًا من أجل إعادة بناء البلاد، وتضميد جميع هذه الجراح، وبدء مرحلة جديدة.

مدعوون معًا

 

وحول معنى ما قاله لثلاث سنوات خلت لدى زيارته للعراق بأنّ "المسيحيين والمسلمين مدعوين لكي يكونوا نورًا في الظلمات ويبدِّدوها"، قال: أعتقد أن هذه الكلمات تحتفظ بآنيتها. أتذكر أنني قلتها أيضًا في سياق فرح، لأنها كانت ليلة عيد الميلاد في الكاتدرائية الكلدانية ببغداد، التي كانت مليئة بالأشخاص، ومليئة بالترانيم والأضواء، على الرغم من المناخ القاتم الذي كان يُعاش في الخارج.

 

وقال: أعتقد أنّ هذه الكلمات تحتفظ بأهميتها أيضًا لاسيما لأنها تتناغم مع شعار زيارة الأب الأقدس إلى العراق: "أَنتُم جَميعاً إِخوة". والآن، تولد هذه الأخوة من حقيقة أننا أبناء لأب واحد. كما أنها تشير أيضًا إلى إبراهيم الذي ولد في العراق. ومن هناك بدأت مغامرته بعد دعوة الرب له: إبراهيم الذي يرجع إليه المسيحيون والمسلمون. ومن ثم يجب أن تُترجم أيضًا إلى التزام مشترك. ولهذا السبب قلت إنهم مدعوون معًا لكي يكونوا نورًا في الظلمات ويبدِّدوها، هناك العديد من الظلمات التي كانت موجودة آنذاك، منذ عامين، والتي على الرغم من أنه كان هناك جهد للتغلب عليها، لا تزال قائمة.

رسالة نحو المستقبل

 

وحول ما سيكون محور هذه الزيارة البابوية المرتقبة، قال الكاردينال بارولين: يكمن المحور في حقيقة أن البابا يريد أن يُطلق رسالة نحو المستقبل: هذا هو المحور. هناك مواقف ووقائع تعيش من معاناة معينة، بصرف النظر عن الأماكن التي كان فيها اضطهاد واستشهاد.

 

أضاف: إنَّ الكنيسة نفسها تعيش حالة صعبة، والحوار بين الأديان يحتاج إلى تعزيز. ومع ذلك، يمكن التغلب على الصعوبات، إذا كان هناك حسن النية والالتزام من جانب الجميع، للالتقاء والعمل معًا من أجل إعادة البناء. أعتقد أن الرسالة، المحور، ستكون كالتالي: لا نسمحنَّ لجميع ما حدث بأن يُعرقلنا، مهما كان سلبيًا –وقد كان سلبيًا جدًّا- ولكن لنتطلع إلى الأمام برجاء وشجاعة من أجل إعادة بناء واقع العراق هذا.

 

وحول معنى لقاء البابا فرنسيس مع سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني كعمود آخر لجسر الأخوّة، قال: نعم، أعتقد ذلك بالتأكيد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن السيستاني هو أحد أهم الشخصيات في العالم الشيعي؛ مع الأخذ في الاعتبار أيضًا أن السيستاني قد تحدث دائمًا لصالح التعايش السلمي داخل العراق، قائلاً إن جميع المجموعات العرقية والجماعات الدينية هي جزء من البلاد. وهذا أمر مهم جدًّا لأنه يسير في نفس الاتجاه والمعنى لبناء هذه الأخوة بين المسيحيين والمسلمين، والتي ينبغي أن تميز البلاد. لذا فهي حقًا لحظة مهمة وأعتقد أنها ستكون بالتأكيد إحدى أهم اللحظات في زيارة البابا للعراق.

الرجاء في التغيير

 

وفي رده على سؤال حول إن كانت زيارة البابا فرنسيس ستحمل الرجاء في التغيير، لاسيما أنه وخلال السنوات الأخيرة وبسبب العنف أكثر من مليون مسيحي قد ترك العراق. وقال: من المؤكد أن الكنيسة -مسيحيون وكاثوليك- في العراق ينتظرون البابا بشغف كبير، وهم بالتأكيد بحاجة إلى التشجيع على عيش دعوتهم المسيحية داخل هذا الواقع الصعب في العراق.

 

تابع: أقول إنها نوعًا ما دعوة داخل الدعوة المسيحية، دعوة مسيحيي الشرق الأوسط، بأن يعيشوا في واقعهم، وبيئتهم، وبلدانهم. وبالتالي، من المؤكد أن البابا سيشجع هذه الكنيسة لكي تكون شجاعة وقادرة على الشهادة، كما أنه سيوجه لها دعوة لكي تبقى في أرضها وتقدّم شهادة للحضور؛ فقد قلنا مرات عديدة أنه بدون المسيحيين لن يكون الشرق الأوسط كذلك.

التغلب على الماضي

 

تابع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان مجيبًا على سؤال حول كيفية بناء الاستقرار والحوار والتعايش بعد سنوات عديدة من الدمار والعنف لاسيما وأن الحكومة العراقية قد أشادت بهذه الزيارة واصفةً إياها بأنها "رسالة سلام"، وقال: إنّه تحد كبير، تحد كبير تحاول الحكومة والمجتمع بأسره بالطبع الرد عليه.

 

أضاف: لنعد إلى ما قلناه، أي إلى الوحدة. نحن بحاجة للقاء والتعاون. ولكي نتعاون ونبني هذه الوحدة، هناك بالتأكيد حاجة للمغفرة والمصالحة. علينا أن نتغلب على الماضي، ونتطلع إلى الأمام بهذا المعنى الجديد والإيجابي. في الوقت عينه، من ثمَّ، هناك أيضًا إجراءات يجب اتخاذها، على سبيل المثال، ضد الطائفية، والتي للأسف لا تزال تميز قطاعات كبيرة من المجتمع، وضد الفساد وعدم المساواة والتمييز، لكي يكون لكل فرد مكانه ويشعر كل فرد بأنه مواطن في هذا البلد، يتمتّع بالحقوق عينها والواجبات عينها والالتزام عينه والمسؤولية للمساعدة في بنائه. يبدو لي أن هذه هي الطرق الرئيسية لمحاولة إعادة بناء البلاد.

ولادة ماديّة وروحيّة

 

وختم الكاردينال بييترو بارولين مجيبًا على سؤال حول أمنيته لهذه الزيارة، وقال: أتمنى أن تشكل هذه اللحظة حقًا، وحضور الأب الأقدس هذا، الذي طال انتظاره لحظة ولادة جديدة، ولادة مادية وولادة روحية للشعب العراقي، وأن يكون لها أيضًا تأثيرًا على المنطقة بأسرها التي تحتاج إلى أمثلة جيدة. وأن تتمَّ تحت شعار الأخوَّة: "أنتم جميعًا إخوة"، هو أيضًا الشعار لزيارة البابا الرسولية هذه.