موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ٨ فبراير / شباط ٢٠٢٠
الصلاة ملجأ العائلة المسيحية
إنّ العائلة المسيحية هي بالدرجة الأولى جماعة الصلاة. إنها خليّة كنسيّة تحيا وتنمو وتشهد بواسطة الصلاة. فالعائلة المسيحية التي لا تصلي تفقد أصالتها وهويتها المسيحية، وهي معرّضة للانفكاك والاضمحلال
لوحة فسيفسائية من عمل الفنان الأب ماركو إيفان روبنك، تمثّل العائلة المقدسة خلال هروبها إلى مصر

لوحة فسيفسائية من عمل الفنان الأب ماركو إيفان روبنك، تمثّل العائلة المقدسة خلال هروبها إلى مصر

المطران رمزي كرمو - اسطنبول :

 

العائلة التي تصلي لا خوف عليها، لان اساسها مبني على صخرة الايمان التي لا تتزعزع، وتصمد امام التيارات المعاكسة، اما العائلة التي لا تصلي فأنها معرضة الى اخطار كثيرة وتحديات كبيرة لا تستطيع مقاومتها والصمود امامها. (راجع متى7/ 24-27)

 

يقول المجمع الفاتيكاني الثاني في رسالته الموجهة الى العائلة: "إنّ العائلة المسيحية هي ’كنيسة منزلية‘ والكنيسة هي عبارة عن الجماعة المسيحية التي تصلي وتحتفل بحضور يسوع المسيح الحي فيها. على ضوء تعاليم الكنيسة المقدسة نكتشف بأن العائلة المسيحية هي سر ورسالة واساسها يكمن في سر الله نفسه.

 

إنّ المحبة التي تربط أعضاء العائلة بعضهم ببعض والتي تتغذى وتتقوى بالصلاة والتأمل في كلام الله ما هي إلا تجسيدًا حيًا وانعكاسًا ملموسًا للمحبة الإلهية المتبادلة بين أشخاص الثالوث الأقدس أي الآب والابن والروح القدس، والتي تجعل منهم الهنا الواحد والازلي.

 

تحتل العائلة مكانة مهمة في مشروع الله الخلاصي، نقرأ في سفر التكوين ما يلي: "فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه، ذكرًا وانثى خلقهم، وباركهم الله وقال لهم، اثمروا واكثروا واملاؤا الارض" (راجع ف 1: 27-28).

 

منذ البدء يدعو الله الرجل والمراة الى الزواج لتكثير النسل وديمومة الحياة، لم يدعو الله ادم الى الحياة الكهنوتية ولا حواء الى الحياة الرهبانية بل الى الحياة الزوجية لتشكيل العائلة. نقرأ كذلك في انجيل يوحنا بأن اول معجزة قام بها ربنا والهنا يسوع المسيح كانت في عرس قانا الجليل (راجع يوحنا 2: 1-11) حيث حول ماء العهد القديم الى شراب العهد الجديد، بهذا العمل اسس يسوع سر الزواج الذي هو اساس العائلة المسيحية.

 

اما بولس الرسول في تأمله على سر الزواج يقول "إنّ هذا السر لعظيم، وإني أقول هذا في أمر المسيح والكنيسة" (افسس 5/ 32). بالنسبة لبولس الرسول اتحاد الرجل والمراة بواسطة نعمة سر الزواج المقدس ما هو الا تعبير حي وصورة حقيقية لاتحاد المسيح بالكنيسة والمبني على المحبة. نعم ان سر العائلة المسيحية هو عبارة عن سر حضور المسيح الحي فيها، لهذا يقول ربنا والهنا يسوع المسيح: "حيثما اجتمع اثنان وثلاثة باسمي، كنت هناك بينهم" (متى18/20). اما رسالة العائلة المسيحية فهي ان تشهد امام العالم من خلال حياتها اليومية والعادية لهذا السر العظيم والعجيب الذي تحمله في باطنها علمًا أن هذه الرسالة لا تتم الا بواسطة الصلاة ينبوع النعم الكثيرة والبركات الغزيرة. العائلة المسيحية هي بالدرجة الاولى جماعة الصلاة، انها خلية كنسية تحيا وتنمو وتشهد بواسطة الصلاة.

 

قوة الكنيسة الجامعة ونجاحها في اداء رسالتها التعليمية والتبشيرية تكمن في نوعية حياة العائلة المسيحية، ولكيما تكون نوعية حياة العائلة المسيحية جيدة ومؤثرة عليها ان تجعل من الصلاة غذاءها اليومي.

 

العائلة المسيحية التي لا تصلي تفقد اصالتها وهويتها المسيحية وهي معرضة للانفكاك والاضمحلال، اما تلك التي تصلي تكتشف يومًا بعد يوم جمال السر الذي تحمله والذي هو مصدر فرحها وسلامها واتحادها.

 

لنشكر الرب من أجل كافة العائلات التي تحاول وتجتهد كي تكون أمينة على رسالتها المقدسة والسامية، ولنصلي ونطلب من الروح القدس كي يزداد يومًا بعد يوم عدد هذه العائلات ليتمجد بها الله الذي منه تستمد كل عائلة اسمها ولكي ينتشر ملكوته بين الناس،  امــــين

 

أرجو من الذين يقرأون هذه الأسطر الصلاة من أجلي لأعيش ما تبقى لي من الحياة الزمنية بالإيمان والرجاء والمحبة وإعطاء الشهادة حتى النهاية مع الشكر ولنبقى متحدين بالصلاة.