موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٥ مارس / آذار ٢٠٢٠
البطريرك صبّاح: ليس في الكون فقط وباء، إنما فيه أيضًا إله محبٌ للبشر
بازيليك البشارة في الناصرة

بازيليك البشارة في الناصرة

البطريرك ميشيل صبّاح :

 

اليوم ٢٥ آذار في الناصرة عيد. عيد البشارة، الملاك جبرائيل بشر مريم العذراء بأنها ستحمل بقوة الروح القدس وتلد ابنًا تسميه يسوع أي "المخلص" (لوقا ١: ٢٦...). ويوحنا الإنجيلي في مطلع إنجيله قال لنا من هو يسوع، إنه كلمة الله : "فِي البَدءِ كَانَ الكَلِمَةُ، وَالكَلِمَةُ كَانَ لَدَى لله وَالكَلِمَةُ هُوَ الله. كَانَ فِي البَدءِ لَدَى الله. بِهِ كَانَ كُلُّ شَيءٍ وَبِدُونِهِ مَا كَانَ شَيءٌ مِمـَّا كَانَ... وَالكَلِمَةُ صَارَ بَشَرًا فَسَكَنَ بَينَنَا، فَرَأَيْنَا مَجدَهُ مَجدًا مِن لَدُنِ الآبِ لِابنٍ وَحِيدٍ مِلؤُهُ النِّعمَةُ وَالحَقّ" (يوحنا ١: ١-٣ و١٤).

 

في الناصرة عيد، وفي الكون عيد. كل عام وأنتم بخير، أهل الناصرة، وكل عام والكون كله بخير. ليس في الكون فقط وباء ومرض. ولكن فيه أيضًا عيد، وفيه أيضًا فداء، فيه إله خالق قدير، صالح ومحِبٌّ للبشر. وفيه إنسان ما زال متعثرا في خطواته بين عظمته وضعفه وعلمه. ولكنه قادر في النهاية على أن ينتصر، بعلمه وبصلاته، وقادر أن يبلغ كمال نفسه وأرضه.

 

عيد البشارة في الناصرة عيد، فيه أطلَّ الله على أرضنا، وأرسل إلينا كلمته الأزلي، إنسانًا مثلنا مخلِّصًا لنا، وجعل كل واحد منا قادرًا لأن يكون مخلِّصًا لنفسه وللكون. خلصنا وجعلنا قادرين أن نجد الخلاص، كما أنه خلقنا فمنحنا الوجود وجعلنا قادرين أن نوجد. وعلى صورته ومثاله خلقنا، فيمكننا أن نكون صالحين بصلاحه، وقادرين بقدرته، وقادرين على الانتصار على الوباء، الذي نواجهه اليوم، بعلمائنا ليطوِّعوا المرض ويزيلوا الوباء، وبصلاة وشفاعة كل المصلِّين في الكون كله.

 

عيد البشارة عيد للكون، لأن الله صار "الله معنا" كما قال النبي أشعيا: "هَا إِنَّ العَذرَاءَ تَحمِلُ فَتَلِدَ ابنًا يُسَمُّونَهُ "عِمّانُوئيل" أي "الله معنا" (أشعيا ٧: ١٤؛ متى ١: ٢٣).

 

ومن ثم هو عيد للبشرية التي أصبحت قادرة، إن أرادت وإن سعت، أن تحوِّل الأرض من جديد إلى الجنة التي فقدها الإنسان بخطيئته. وقادرة لأن تزيل كل مرض، ولتزيل أكثر من المرض الذي يقتل الجسد، فهي قادرة على أن تزيل كل مرض في النفس، كل مخالفة لوصايا الله، وكل ظلم في الإنسان لأخيه الإنسان.

 

مع عيد البشارة في الناصرة، الكون في عيد، كل واحد منا في عيد، لأننا قادرون على أن نكون صالحين وأقوياء ومحِبّين بمثل محبة الله.