موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٤ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٣
البطريرك الراعي يترأس قداس اليوبيل الذهبي للأبرشية المارونية في سيدني

وكالات :

 

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي القداس الاحتفالي لمناسبة اليوبيل الذهبي للأبرشية المارونيّة في استراليا، وذلك في ملعب كين روزوول في سدني. وسبق القداس وصول ذخائر القديسين مارون وشربل ونعمة الله ورفقا وماري ماكيلوب.

 

وعاون غبطته في القداس، راعي الأبرشية المطران انطوان شربل طربيه، ورئيس أساقفة سيدني أنطوني فيشر، والسفير الفاتيكاني، ومطارنة الانتشار ومجلس الكنائس الشرقيّة في استراليا، وكهنة ورهبان وراهبات من مختلف الكنائس، بحضور شخصيات رسميّة ودبلوماسيّة وشعبيّة، وحشد من المؤمنين قدّر بنحو عشرة آلاف شخص بحسب المنظمين.

 

وألقى البطريرك الراعي عظة استهلها مهنئًا الأبرشيّة باليوبيل الذهبي، وقال: "إذ نهنئكم بهذا اليوبيل، نقدّم هذه الذبيحة الإلهيّة معكم لنشكر الله على ما أغدق عليكم وعلى الأبرشية العزيزة بكل أرجائها من خير ونعم. ونرفعها ذبيحة استشراف للمستقبل حسبما يخطط راعي الأبرشيّة مع مجالسها من مسيرة مجددة، لاسيما وأن الكنيسة جمعاء في حالة انعقاد لسينودس الأساقفة بقيادة البابا فرنسيس. ويسعدنا أن نختتم بهذه الليتورجيا الإلهيّة المؤتمر السادس لمطارنة أبرشيات الانتشار والرؤساء العامين والرئيسات العامات".

 

مكونات الحياة المسيحيّة

 

أضاف: "إنّ مكونات حياتنا المسيحية الثلاثة: خدمة الكلمة بالكرازة والتعليم، وخدمة نعمة تقديس النفوس بالليتورجيا، وخدمة المحبة الاجتماعية بالدياكونية. كلنا بحكم المعمودية والميرون ملزمون بهذه الثلاثة وبعض بحكم الدرجة المقدّسة: الشماسية والكهنوت والأسقفية، وبعض بحكم النذور الرهبانية. نجد في تعليم الكنيسة الشرح الكافي والوافي لهذه الخدم وأصحابها نجد في الدستور العقائدي: ’نور الأمم‘ للمجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، وفي الإرشاد الرسولي ’العلمانيون المؤمنون بالمسيح‘ للقديس البابا يوحنا بولس الثاني. هذه الثلاثة مترابطة ومتكاملة: فالكرازة بالإنجيل تولد الإيمان، الإيمان يمارس في الليتورجيا ويغتذي من كنز نعمها ويتقدس؛ الإنسان الذي تقدس بالنعمة ينفتح قلبه ويده على الإخوة والأخوات المعوزين بممارسة المحبة الاجتماعية. نشير إلى أن هذه الثلاثة: الكرازة والليتورجيا وخدمة المحبة هي من وصايا الكنيسة السبع".

 

تابع "أود الكلام عن خدمة المحبة الإجتماعية التي تعبر عنها وصية الكنيسة بأوف البركة أو العشر. نحن على علم عن المساعدات التي تقدمونها لأهلكم والمؤسسات في لبنان وتشمل: المال والدواء والإستشفاء والمواد الغذائية والمشاريع الإنمائية والعمرانية، وأقساط مدرسية وجامعية، فأنتم مشكورون عليها من صميم القلب. ونسأل الله أن يبادلكم بأضعافها. لكننا تدارسنا أثناء مؤتمرنا كيفية تنظيم خدمة المحبة الاجتماعية، لكي نواجه، بتوحيد القوى وتنسيقها، الأزمة المالية والإقتصادية والمعيشية والإستشفائية والتربوية التي تشتد أكثر فأكثر. وقد أنشأنا لجنة لهذه الغاية ترسم خطة العمل. ولا يسعنا في المناسبة إلا ان نوجه تحية شكر وتقدير للسلطات المدنية الأسترالية المتعاقبة التي فتحت أبوابها بوجهكم وبوجه جالياتنا، فتمكنتم من تحقيق ذواتكم وعيشكم الكريم. حمى الله استراليا وأفاض عليها وعلى شعبها ومسؤوليها الخير والبركات".

الأوضاع في لبنان

 

وقال: "أشعر معكم بألمكم عندما ترون وطنكم لبنان يتراجع مع كل المستويات عندما تقارنونه باستراليا: استراليا تحترم الدستور والقانون وهما فوق الجميع، أما في لبنان، الدستور والقانون متباحان من النافذين، ومخالفات المحازبين محمية. استراليا تستوفي الضرائب والرسوم من الجميع، وتقدم بالمقابل الخدمات العامة، وتساعد بهبات مالية للإعمار والإنماء والتربية والإستشفاء والداوء ، وتراقب بواسطة المدققين طريقة الصرف. أما لبنان فلا يستوفي الضرائب والرسوم من جميع المواطنين على السواء، بل من منطقة دون اخرى، إما عمدًا وأما خوفًا من فائض القوة أو إهمالاً. وبالتالي لا يقدّم إلا الضئيل من الخدمات العامة. ويبقى على المواطن أن يؤمنها، فيما الفساد مستثمر وسرقة المال العام محمي والبلد يفتقر. استراليا تعتني بالفقر والعاطل عن العمل وتؤمن له معاشًا شهريًا، ريثما يجد مخرجًا لفقره، وعملاً يعيش منه. أما في لبنان، الفقير مهمل ويزداد فقرًا، وعدد العاطلين عن العمل يتفاقم. استراليا تحترم الإنسان وكرامته، أما في لبنان فانتهاك لقدسية الحياة البشرية وكرامة الإنسان".

 

أضاف: "الكنيسة لن تتهاون بشأن كل هذه الأمور السلبية في لبنان. لن تسكت عنها ولن تمل عن الإلتزام برسالتها بواسطة مؤسساتها. فالتزامها واجب عليها من المسيح فادي الانسان ومخلص العالم. ولن تدع لبنان وشعبه فريسة الظلم والإهمال والإستبداد والإستكبار ولن تصمت عن التنديد بعدم إنتخاب رئيس للجمهورية، وبتعمد تغييب رئيس البلاد المسيحي الوحيد في أسرة جامعة الدول العربية، ومعه تغييب الثقافة المسيحية التي كانت في أساس إنشاء الدولة اللبنانية الموصوفة بميزاتها. وأولاها الفصل بين الدين والدولة، والمشاركة المتساوية بين المسيحيين والمسلمين في الحكم والإدارة، التعددية الثقافية والدينية في الوحدة، وحياد لبنان الإيجابي لكي يواصل اداء رسالته الخاصة به في بيئته العربية. كلها أمور أساسية لن نسكت عن المطالبة بها".

وخلص البطريرك الراعي في عظته إلى القول: "إني أجدد لكم، أيها اللبنانيون في أستراليا النداء، لتوازنوا بين حبكم للبنان وتسجيل قيد نفوسكم لدى سفارتنا في أستراليا والقنصليات، بالتعاون مع المؤسّسة المارونية للانتشار. فتحتفظوا هكذا بجنسيتكم اللبنانيّة وسائر حقوقكم الوطنيّة، وهذا واجب وطني عليكم جميعًا. نسأل الله أن يبارككم، ويبارك أستراليا بمسؤوليها وشعبها. ويبارك أوطاننا المشرقية ولبنان".