موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٨ مارس / آذار ٢٠٢١
البطريرك الراعي: خير أن ينفجر الشعب ويبقى الوطن، من أن ينفجر الوطن ولا يبقى الشعب
لكنّنا باقون، والشعب أقوى من المعتدين على الوطن، مهما عظمت وسائلهم.

أبونا :

 

اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي أنّ "ليس اللبنانيّون في أزمةِ نظامٍ، بل في أزمةِ انتماءٍ إلى جوهر الفكرة اللبنانيّة"، مشيرًا إلى أنه "لو وَقعَت الأزماتُ بسببِ تطبيقِ الدستورِ لقُلنا إنها أزمةُ نظام، لكنّها وَقعَت بسببِ عِصيان النظام وصولًا إلى امتلاكِ الدولة والعبث بالوطن والمواطنين".

 

ورأى خلال عظة الأحد "إنّ ما يجري على صعيدِ تأليفِ الحكومةِ لأكبرُ دليل على ذلك، ولا علاقة له بالموادِّ الدستوريّةِ، لاسيّما المادتين 53 و64 المتعلّقتين بطريقة التكليف والتشكيل والتوقيع، بل العلاقة بهويّة لبنان الواحد والموحِّد والحيادي والديمقراطيّ والميثاقي وذي السيادة في الداخل وتجاه الخارج، وبالثقة المتبادلة التي هي روح الميثاق الوطني والتعاون في الحكم والإدارة".

 

وتساءل: "وإلا لمَ هذا التأخيرُ المتعمّدُ في تأليف الحكومة؟ لقد كنّا في مرحلةِ شروطٍ وشروطٍ مضادة، فصرنا في مرحلة تحديات وتحديات قاتلة تودي بالبلاد والشعب والكيان. لقد ترك لنا الآباءُ والأجدادُ هذه الأمّةَ اللبنانيةَ المترامية على شاطئِ المتوسط والمطلِّة على العمق العربي أمانةً للتواصل الثقافيّ والحضاريّ والإقتصادي بين شرق وغرب. الشعب ونحن لن ندعَ أحدًا يَستولي عليها عنوة ويُشوّهُها. لبنان بيت اللقاءِ يُدعى لا بيتَ التفرقة. فلأنّ الجماعة السياسيّة والسلطة عاجزة عن معالجة أزماتنا الداخليّة المؤدّية إلى الموت، دعونا إلى مؤتمرٍ دوليٍّ خاص بلبنان نهيّئه نحن اللبنانيّين كاشفين عللنا المتأتية من عدم تطبيق وثيقة الوفاق الوطني بكامل نصّها وبروحها، ومن مخالفات الدستور بخلق أعراف وعادات سببها ثغرات فيه بحاجة إلى نقاش، ومن ميثاق العيش المشترك الذي هو أساسس الثقة الوطنيّة وشرعيّة السلطة، كما تنصّ مقدّمة الدستور".

 

وقال متوجهًا إلى المسؤولين: "تصالحوا أيّها المسؤولون مع السياسة، ومع الشعب الذي بدّدتم ماله وآماله ورميتموه في حالة الفقر والجوع والبطالة. وهي حالة لا دين لها ولا طائفة ولا حزب ولا منطقة، ولم يعد له سوى الشارع. فنزل يُطالبُ بحقوقِه، التي تَستَحِقُّ أن يُدافعَ عنها وأن توضعَ في رأسِ معاييرِ تأليفِ الحكومة".

 

وأضاف متسائلاً: "كيف لا يثورُ هذا الشعبُ وقد أخذ سعرُ صرفِ الدولار الواحد يتجاوز الـــ10000 ليرة لبنانيّة بين ليلةٍ وضحاها؟ كيف لا يثور هذا الشعبُ وقد هَبطَ الحدُّ الأدنى للأجورِ إلى 70 دولارًا؟ كيف لا يثورُ هذا الشعبُ وقد فرغ جيبه من المال، ولا يستطيع شراءَ خبزِه والموادِّ الغذائيّةِ والدواء، وتأمينَ التعليم والطبابة؟ كنا نتطلّع إلى أن يصبحَ اللبنانيّون متساوين في البحبوحة، فإذا بالسلطة الفاشلةِ تساوي بينهم في الفَقر. كيف تعيش مؤسّساتٌ تتعثّر وتُقفَلُ، وكيف يعيش موظّفون يُسَرَّحون، ورواتبُ تُدفع محسومةً أو لا تدفع. وبعدُ، هناك من يتساءل لماذا ينفجرُ الشعب؟ من وراءه؟! فخيرٌ أن يَنفجِرَ الشعبُ ويبقى الوطن من أنْ يَنفجرَ الوطنُ ولا يبقى الشعب! لكنّنا باقون، والشعب أقوى من المعتدين على الوطن، مهما عظمت وسائلهم!".

 

وخلص البطريرك الراعي عظته رافعًا الصلاة: "يا ربّ، إليك نكل وطننا، وهو أرض مقدّسة، ثقافتها المحبّة والتآخي والإنفتاح، لا ثقافة العداوة والحديد والنار. نلتمس منك بشفاعة قدّيسيه وسيّدة لبنان، حمايته وحماية شعبه، لكي يستمرّ في رفعِ المجد والتسبيح إليك، أيّها الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".