موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٧ ابريل / نيسان ٢٠١٨
الأب د. بيتر مدروس يكتب: ’فصحنا للمسيح عبور والعيد الكبير‘

القدس - الأب د. بيتر مدروس :

<p dir="RTL">تحتفل الكنيسة الأرثوذكسيّة وشقيقتها الكاثوليكيّة في بلاد المشرق بعيد الفصح المجيد في هذا الأحد. ومعروف من جهة أخرى أنّ هذا الاحتفال السّنويّ لا يُنسينا أنّ الكنيسة تحتفي بعيد القيامة السّيّديّة كلّ أحد على مدار السّنين والأجيال والقرون. وبديهيّ أنّنا نحتفل بالفصح المسيحيّ لا الفسح اليهوديّ الّذي لا نتّفق معه إلاّ باللفظة الكنعانيّة والتي تعني &quot;عبور&quot;. ولكن شتّان بين عبور العبرانيّين من بحر القلزم هاربين من دار عبوديّة نكبوا بها شعوبًا كثيرة وعبور السّيّد المسيح من العار إلى الغار ومن الموت إلى الحياة. وكم يحزن المرء (وما عاد يستغرب) عندما يقرأ كتابات بعض &quot;المسيحيّين&quot; أمريكيي الرّئاسات يهوديّي الاتّجاه يكتبون بالقلم العريض، حتّى في العربيّة، عن &quot;الفصح&quot; وما يقصدون به إلاّ الفسح العبريّ،- ومن تبع أسياده ما ظلم، ومن فضح أصوله وأهدافه ما أساء- مُغفلين للفصح المسيحيّ ومتغافلين له ومتجاهلين إيّاه بذريعة أنّ المسيح احتفل بالعبريّ. ولكن هذا لا يمنع أنّ يسوع نفسه هو الفصح أي عبوره وعبورنا نحن.وها هو النّصّ الواضح الصّريح من الرسالة الأولى إلى القورنثيّين (5: 7- 8):&quot;لقد ذُبح فصحنا المسيح. فلنعيّدنّ... لا بخمير الخبث والفساد بل بفطير الخلوص والحقّ&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>&quot;ذُبح فصحنا المسيح، فلنعيّدنّ!&quot; ( 1 قور 5: 7- 8)</strong></p><p dir="RTL">خير الكلام ما قلّ ودلّ! يأمر بولس الرّسول المؤمنين أن يعيّدوا بعث المسيح من القبور. والأقرب إلى الصّواب أنه يحثّهم على الاستمرار في الاحتفال بعيد القيامة السّيّديّة الذي احتفى به الرّسل والتّلاميذ والتّابعون منذ البداية. وهذا أمر طبيعيّ، فما أعظم من هذه الفرحة ولا أبهج من هذا العيد. ويلحظ المرء غنى هذا الاحتفال عن طريق العبارة الرّسوليّة: &quot;ذُبح (بالمجهول) فصحنا المسيح&quot;. تعني: إنّ يسوع هو حَمَلُنا الفصحيّ الّذي &quot;عبر&quot; (وهذا معنى &quot;فصح&quot;) من الموت إلى الحياة. وأيّد هذه الشّهادة (التي تتميّز بها المسيحيّة) قبر النّاصريّ الفارغ واستشهاد شهود القائم من بين الأموات. وهكذا يشمل العيد الاحتفاء بآلام يسوع وبقيامته.</p><p dir="RTL">وعندما يرى المرء مجموعات أمريكيّة عبريّة الاتّجاه لا تحتفل إلاّ بـ&quot;العشاء التذكاري&quot; حسب التقويم العبريّ أي في الرابع عشر من نيسان القمري أي العبريّ، متغافلة عن &quot;عيد فصحنا المسيح الذبيح&quot;، يُفهَم المكتوب من عنوانه، واللبيب من الإشارة يفهم&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>&quot;العيد الكبير&quot; معانيه غزيرة وله أسماء كثيرة </strong></p><p dir="RTL">يترك المرء هذه المعاني والعِبَر الرّوحانيّة والأخلاقيّة إلى كُتّاب آخرين من هذا المنبر الأغرّ، لهذا الأحد المجيد. ولكن دعت الضّرورة إلى تبيان أمور كثيرة عن ألقاب العيد وأسمائه، ليس فقط لكثرة التّساؤلات بل لاكتشاف معلومات جديدة تهدم قصورًا من الإنكار والاستهتار والتّهجم على الكنيسة.</p><p dir="RTL">أوّلاً لا يحيّي غير العارفين بالإنكليزيّة بعضهم بعضًا بعبارة &quot;إيستر سعيد&quot;. ولدى الكلدان والأشوريّين والسّريان والموارنة الناطقين بالآرامية يهنّئون قائلين: &quot;المسيح قام من القبر&quot;. في العربيّة اسم العيد والمناسبة هو &quot;الفصح المجيد&quot; طبعًا فصح يسوع وفصحنا. ومن أسمائه الأخرى &quot;العيد الكبير&quot;، &quot;عيد القيامة السّيّدّية&quot;، ولدى قدماء المسيحيّين العرب &quot;الباعوث&quot; أو &quot;الباغوث&quot; (عن &quot;النّصرانيّة وآدابها&quot; للأب لويس شيخو، ص 214 وتابع). وفي اليونانيّة (والعربيّة) تغلب تحيّة &quot;المسيح قام حقًّا قام&quot;، ويكاد لا يكون اي مجال في مبادلة التهاني لعبارة &quot;كالو فاسخا&quot;-&quot;فصح سعيد&quot;. وبالعبرية يميّز اليهود المعاصرون فصحنا المسيحيّ عن &quot;الفيسح&quot; وهو الفسح العبريّ. وفي كلّ الألسنة اللآّتينيّة أي اللغات الرومانية يُشار إلى المناسبة والعيد العظيم بلفظة &quot;باسكوا&quot; وهي مشتقّة من كلمة &quot;فصح&quot; الكنعانّة وتأتي في صيغ مختلفة ليس فقط عند اللغات الرّومانية من إيطاليّة وإسبانية وكاتالونيّة وبرتغالية وفرنسية وسواها، بل أيضًا عند بعض السكسون مثل الهولنديين والسويديين وغيرهم. وفي الأرمنيّة :&quot;قام المسيح من بين الأموات، فمباركة قيامة المسيح!&quot;</p><p dir="RTL">وحتّى عند السّكسونيين في الجزر البريطانية، ما استخدم أحد لفظة &quot;إيستر&quot; للإشارة إلى الفصح إلاّ منذ القرن الثّامن. وكثيرون يستخدمون عبارة &quot;عيد القيامة&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>مفاجأة علميّة لغويّة كبيرة: لا علاقة للفظة &quot;إيستر&quot; بـ&quot;عشتار&quot; ولا &quot;إستير&quot; بل تعني &quot;القيامة&quot;!</strong></p><p dir="RTL">تسرّع هسلوب وسواه وربطوا &quot;إيستر&quot; ب&quot;عشتار&quot;. ولكن بقيت حلقة مفقودة: ما العلاقة بين ذلك الكائن الأسطوري وبعث المسيح من بين الأموات ؟ وحاول آخرون أن يفسّروا الأمر بأنها فترة الربيع وكأنه قيامة للحياة بعد موت الشتاء. ولكن أوضح مؤخّرًا العالم ياكوب جريم الألمانيّ <span dir="LTR">Grimm</span> وبعده كريستيان كروزه <span dir="LTR">Cruse</span>وروجر باتترسون <span dir="LTR">Roger Patterson</span> أنّ اللفظة من الجرمانية القديمة ومركّبة من <span dir="LTR">Aus</span> &quot;أوس&quot; اي &quot;شرق، فجر، خروج&quot; و&quot;شترهن&quot;، بالإدغام من &quot;اوفرشتيهنغ&quot; أي &quot;قيامة&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>خاتمة</strong></p><p dir="RTL">يعتذر المرء من القرّاء الكرام بسبب تكرار كلمات وعبارات كان لا بدّ منه لمنع الخلط والشّطّ. ولا يخفى على أولي الألباب أنّ كل تلك الفذلكات اليهودية السكسونية الأمريكية المعادية للكنيسة &quot;حبلها قصير&quot;. فها قد لحقنا &quot;العيّار إلى باب الدار&quot; وغيّرنا &quot;إيستر&quot; إلى &quot;عيد القيامة&quot; في الإنكليزية والألمانية. أسيحتفل المعترضون بالعيد بعد تعديلنا، مع أن مار بولس يأمر بذلك صراحة وبلا لف ولا دوران؟ مع الأسف، لا.</p><p dir="RTL">وهنالك من اعترض بحسن نيّة، مثل بيدا المكرّم، على &quot;إيستر&quot; وتوّهم صلتها ب &quot;عشتار&quot;. ولكن مرجع الكنيسة هو الآرامية واليونانية. ومن ناحية عملية مأساوية، أما حان يا رب لنا، نحن الشعوب المقهورة والتي تموت كل يوم عشرات الآلاف منها، وتتحسّر بين نكبة ونكسة وجدران وحواجز ومخيمات ومصادرات وهدم واعتقالات، أما حان لنا وقت العبور؟</p><p dir="RTL">وكلّ عام وأنتم بخير!</p>